من على جبال سيدي عثمان الصامدة، تبدو مدينة زايو على شكل مداشر متفرقة، وواد " شرويط" يقسمها الى نصفين، تتراءى المشاهد والانظار، وترتسم لكل زائر غريب لمدينة زايو، صورة تعكس الوضع الذي تتواجد عنه، بيوت هنا وهناك، على جنبات الاودية، ووسط الطريق، وداخل الحدائق العمومية. نصف ساعة من الوقت على متن سيارة اجرة كافية للجولان داخل احياء مدينة زايو، والوقوف على ظاهرة البناء العشوائي التي تؤثث المشهد المحلي، حيث تنسج البيوت والدور بشكل غير منظم في زمان يقال انه يحارب فيه البناء العشوائي، والغير القانوني، " ويسمح فيه لسماسرة العقار بالعبث في المجال العمراني"، وذلك عن طريق الانتقائية والمحسوبية والزبونية، وغض الطرف عن الجهة الموالية للحزب القابض بزمام امور المدينة. ظاهرة البناء العشوائي حبلى بالاشكالات المتعددة، والتي تستدعي علماء الاثار لنفض الغبار عنها واستخراج هياكلها الى حيز الوجود، لتتضح الصورة ان هناك لوبي مختص في اغراق المدينة في وحل هذه الظاهرة التي ضربت اطنابها في كل فج عميق من ارجاء المدينة، بواسطة استغلال النفوذ والاعتماد على منطق المحاباة والانتقائية، ونهج سياسية " ماشفتيني ماشفتك". يتميز النسيج العمراني لمدينة زايو بعدم التوازن من حيث التجهيزات الأساسية التي تعرف نقصا ملحوضا في بعض احياء المدينة إن لم نقل المدينة بأكملها، حيث نتجت هذه الوضعية عن انفجار العمران العشوائي الذي لم يخضع للمقاييس والمواصفات التنظيمية، باستثناء بعض الاحياء، التي أحدثت مؤخرا. بيتي من تراب... بيتي وراء القضبان. عجلة السيارة تطوي المسافاة وتحطنا بحي " لافيراي" الشعبي، حيث الطبقة الشعبية البسيطة، نسجت لنفسها بيوتا من تراب، لتوفير مسكن لعائلتها المتواضعة، ما ان ولجنا الحي الشعبي، الا وتحدث الينا احد المواطنين، قائلا " غريب امر هذه المدينة، كل مايدور فيها يتسم بالانتقائية، والمحسوبية والزبونية، والمواطن البسيط الذي يطمح الى تشييد بناية خاصة به وباهله يتعرض للتضييق والاعتقال، حيث السلطات تعمل على هدم بنايته بواسطة الاعتماد على قوة القانون، وهل القانون يطبق على المستضعفين فقط؟ ام القانون فوق الجميع؟" يقول المواطن بنبرة حادة، وفي حالة هيجان، قبل ان يستعيد انفاسه ويكشف عن حقيقة ماجرى خلال الايام الاخيرة، حيث حاولت السلطات المحلية هدم احدى المنازل، يضيف المواطن " لولا لطف الاقدار لكانت الفاجعة اكثر من قرار الهدم، حيث صاحب المنزل هدد باضرام النار في جسده في الوقت الذي كانت تحاول السلطات المحلية هدم البناية المذكورة، مما ادى الى تراجعها على تنفيذ قرار الهدم". امر هدم بيت المواطن المذكور لم يقتصر عند هذا الحد بل وصل الى اقتياده الى مفوضية الامن وانجاز محضر في الموضوع وتقديمه للنيابة العامة، ولم يتاكد لنا بعد ان كان المواطن حرا طليقا " ام ان بيته الذي كان ينوي تشييده بواسطة الاجور والاسمنت والحديد تحول الى بيت وراء القضبان". من المسؤول عن انتشار البناء العشوائي.؟ البناء العشوائي والغير القانوني بمدينة زايو انتشر في الآونة الأخيرة بسرعة جد مفرطة، حيث أصبحت اغلب أحياء المدينة تتعاطى مع هذه الظاهرة التي يتعامل معها المسؤولون المحليون بالانتقائية وغض الطرف عن الجهة الموالية للحزب القابض بزمام الأمور بالمدينة، والتي تنبثق منها رائحة الفوضى والتواطؤ المكشوف للسلطة المحلية مع الحزب الحاكم. اغلب احياء مدينة زايو تحولت الى مرتع خصب لظاهرة البناء العشوائي ومنها " حي بوزوف"، وحي "مرشال" و "حي عدويات" و"حي لافيراي" و "حي معمل السكر" و"الحي الجديد" وباقي الاحياء. ويتبين ان التعامل مع البناء الغير القانوني يتسم بالمحسوبية والزبونية، وغض الطرف عن الجهة التي لها مصلحة مع الحزب الحاكم محليا، وغياب تطبيق القانون هو السمة البارزة على مستوى الاحياء المتواجدة بزايو، او دواوير اخرى توجد تحت نفوذ الجماعة الحضرية، ليبقى المجال مفتوحا لطرح اكثر من علامة استفهام، من المسؤول عن انتشار البناء العشوائي، واين هي الجهات المسؤولة؟ وما هو دورها في مثل هذه الخروقات؟ وهل القانون يطبق على المواطن البسيط فقط؟ ام القانون فوق الجميع؟ تبقى هذه الاسئلة الشائكة ايقاضا للذاكرة الى حين ايجاد اجوبة منطقية تتماشى ومنطق دولة الحق والقانون.