عرفت مدينة ايث بوعياش بإقليم الحسيمة في الآونة الأخيرة حراك ودينامية إحتجاجية كبيرة، إنطلاقا من مسيرة 20 فبراير 2011 والتي وُصفت آنذاك بالتاريخية، وُصولا إلى الإعتصام القائم حاليا بالطريق الوطنية رقم 2 وسط المدينة، مُروارا بالإعتصام التضامني مع "الزهرة شماماد" التي اثارت الجدل واسالت الكثير من المداد، وإعتصام التلاميذ المطرودين، بالإضافة إلى الإحتجاجات التي أَعقَبت إعتقال الناشط عبد الحليم البقالي، وكذا إغتيال المناضل كمال الحساني. هذا الحراك، ورغم كل من قيل ويُقال عنه، ح حَضي بتأييد شعبي واسع وهذا ما تُنَرجمه المسيرات الحاشدة التي تعرفها البلدة بين الفينة والأخرى، وإعتبرته أغلبية الساكنة "حراك إيجابي" ويصُب في مصلحتها. تلاحم في الشارع وإنقسام في الكواليس في البداية ابان نشطاء الحركة الإحتجاجية بالمدينة عن تَلاحم وإنسجام كبيرين، لكن مع توالي الأيام بدأت الأمور تتغير، وبدأ الإنقسام يَنخر جسد الحركة، رغم انه ضل حَبيس الكواليس لمدة مُعينة، قبل أن يتسرب إلى العيان، في مسيرة 20 نونبرالتي عرفت خلافات بين مكونات الحركة الإحتجاجية حول "مسار المسيرة" التي إنتهت بتطاحنات خطابية بين النُشطاء، ومع ذلك إستطاعت الحركة أن تُحقق نجاح كبير في دعوتها إلى مقاطعة الإنتخابات التشريعية، حيث سجلت بلدية بني بوعياش أحد أضعف نسب المُشاركة على الصعيد الوطني. هذا الإنجاز لم تَستقوي منه الحركة، ولَم يلًم شملها، حيث تراجعت بشكل ملحوظ مباشرة بعد الإنتخابات بسبب إنسحاب العديد من النُشطاء خاصة مناضلي الفرع المحلي لجمعية المعطلين، لكن دون أن تَتأثر الدينامية بشكل عام ، حيث واصلت الحركة إعتصامها من داخل المكتب الوطني للكهرباء، قبل أن تنزل بإعتصام جديد على مستوى الطريق الوطنية رقم 2 أغلق على إثره مقر بلدية بني بوعياش. "الساحة لنا لا لغيرنا" اليوم وبعد مرور حوالي شهر على هذا الإعتصام، تبدوا نتائجه "كارثية" حسب رأي العديد من المتتبعين، حيث أثر بشكل سلبي وكبير عن الحركة، وزاد من حدة الإحتقان داخلها،خاصة بعد جلسة الحوار التي عُقدت بتاريخ 10 يناير 2012، والتي إنتظرتها الساكنة بفارغ الصبر لحل المشاكل التي تتخبط فيها المدينة، وإعادة الحياة اليومية إلى مجراها الطبيعي بفتح المرافق المشلولة من مقر البلدية والطريق الوطنية ومكتب الكهرباء، لكن آمال الساكنة سُرعان ما خُيبت، بعد أن تَمخضت جلسة الحوار فولدت مزيدا من التوتر والإنقسامات بين مكونات الحركة، التي إنقسمَ ما تبقى منها إلى فصيلين، الأول راض ومؤيد لنتائج الحوار والثاني رافض ومعرض لذات النتائج. الطرف الاول وبعد شد وجذب، قرر الإنسحاب من الساحة تراكا إياها للطرف الثاني، الذي واصل الإعتصام، بشكل يَصفه المتتبعون ب"النرجيسي"، وشعاره يُوصف ب"الساحة لنا لا لغيرنا"، وهذا تبين من خلال خطابات نُشطاء هذا الفصيل الذي يَقوده أحد النقابيين، والذين يَتفننون من خلالها في مُهاجمة كل الفاعلين السياسيين بالمدينة وجمعيات المجتمع المدني وكذا المواقع الإلكترونية، وكل من ينشط في الشأن العام، مُتسببين في عُزلة تامة للحركة. والغريب في كل هذا، أن نُشطاء المتشبثين بالإعتصام وعوض أن يخوضوا معارك تصعيدية، توارو عن الأنظار في الأيام الأخيرة، تاركين الإعتصام فارغا ومُعرقلا لمصالح المواطنين، وإكتفى بعضهم بالظهور خلال الخرجة الأسبوعية الأخيرة لحركة 20 فبرير، وما زاد من الإستغراب هو دعم تَطرقهم إلى موضوع الإعتصام خلال كلماتهم ضمن هذه الخرجة وظلوا يتحدثون عن أمور بعيدة وسطحية وكأن الإعتصام غير قائم أو لا يعنيهم. خُلاصة الواقع المُعاش ببني بوعياش خيام ولافتات هنا وهُناك..مقر البلدية مشلول .. مقر الباشوية شبه مُغلق..المكتب الوطني للكهرباء في خبر كان..ركود تجاري غير مسبوق .. تذمر وإستياء في صفوف المواطنين...هذه هي أبرز عناوين المُسسل اليومي الذي تعيشه ساكنة ايث بوعياش،أما السلطات المسؤولة فقد أتقنت دور المُتفرج وهذا ما يُزيد من تذمر المواطنين. تصريح لأحد المُواطنين "هذا التذمر والإستياء لا يحمل في طياته دعوة إلى إعمال المقاربة الأمنية، فهذا لن يُجدي نفعا بل سيزيد من تأزيم الأوضاع،..نحن نعي جيدا مشروعية المطالب ونطالب بتفعيل الحكامة الجيدة...ولإن السلطات المحلية لا مسؤولة والمجلس البلدي لا يُمثلنا..نُطالب بتدخل جهات عُليا لإعادة المياه إلى مجاريها وإخراج مدينتا من عُنق الزجاجة".