تفاجأ الكثيرون ممن يشارك في الخرجات الاحتجاجية لحركة 20 فبراير ومن يرفض الحركة ايضا ، بقرار جماعة العدل والاحسان ، المتمثل في إعلان انسحابها من المسيرات الأسبوعية التي تعرفها مختلف اقاليم المملكة ، المطالبة بإصلاحات سياسية واجتماعية ، تلبي مختلف تطلعات الشعب المغربي ، و تضع حدا لمن جعلوا من الفساد دينا لهم ، فرضوا به سيطرتهم على مجمل ثروات البلاد ، متسببين بذلك في أزمة خانقة حرمت مواطنين كثر من حقوق سلبت منهم باسم الديمقراطية المصطنعة ... و طرحت تساؤلات عدة عن سر هذا التراجع المفاجئ الذي أعلنت عنه قيادة تنظيم الشيخ عبد السلام ياسين في الظلام الدامس أي منتصف ليلة الاحد – الاثنين 18 ، 19 دجنبر 2011. فانسحاب العدل والإحسان من الشارع ، اعتبره شخصيا ، من جهة انتصارا للحركة الشبابية ، ومن جهة أخرى فرصة لترتيب الأوراق وفرض الطموح الشبابي من أجل إعادة قطار التغيير الى سكته التي أعلن من فوقها انطلاقته يوم 20 فبراير من سنة 2011 ، قبل ان يحور الياسينيون عقدوا معهم قرانا عرفيا ، مجراه غاية في نفوسهم الضيقة ، والسفر به نحو بلاد أهدافهم المعروفة ، متسلحين بغيرة أبرياء ونضالات شرفاء همهم الوحيد هو العيش في وطن تسود فيه الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية . قد يتساءل من يقرأ هذه السطور ، عن سر وصفي لانسحاب الجماعة بانتصار الحركة ، وهنا أفضل العودة بهم الى الجموع العامة لتنسيقيات الشباب العشريني ، واستحضر بعض اللقطات التي كانت تطغى على هذه الاجتماعات ، حيث ظل الياسينيون يلعبون دور المتجبر ، و الديكتاتور الحقيقي ، والمستبد باسم الدين ، لفرض أراء ومواقف لم تكن بتاتا موضوعة للنقاش ، أو مقترح طرحها في الشارع والتظاهرات الأسبوعية ، فبمغادرة من نسميهم عبثا ب " العدل والاحسان " ، يتأكد جليا أن إشارة فشلهم في مشروع شيخهم قد ظهرت ، بعدما ظلوا يتهافتون وراء حراك ارادوا جعله في اسمهم الخاص . فرغم تصدي الياسينيين بالعنف احيانا و بمنطق الاغلبية الحاضرة تارة اخرى ، لافكار وتطلعات شباب مغربي اختار ركوب وقيادة قطار التغيير ، و محاولتهم الزج بألاف المغاربة في خانة اتباع وانصار من يؤمنون بالقومة و الاحلام المفتراة وحكم ولاية الفقيه ، الا أن رغبتهم في كبح جماح الشباب ، و ركوب موجة الحراك وتحويل مجالس الدعم الى مجالس لفرض الوصايا ، لم تكتمل نتيجة وقوف من يضع مصلحة الوطن والشعب اولا في وجههم ، ورفض الخضوع لمنطق الفكر الواحد ، وهنا يتجلى ايضا انتصار الطرف المؤسس لحركة 20 فبراير على جماعة العدل والاحسان التي لم تتمكن من تفعيل اجندتها الخاصة على حساب الشباب الذي لا زال يناضل في سبيل بناء دولة الحق والقانون . فانسحاب الجماعة دائما ، يحمل في أعماقه الكثير من الاسباب والدوافع التي ستجدد الدماء في عروق شباب العشرين ، لاعادة المياه الى مجاريها العادية ، وترتيب الاوراق في اجواء اكثر نقاء ، حيث سَتُوَلد الاجتماعات البعيدة عن حضور الياسينين مواقف و شعارات ، ستبعد مختلف الشبهات و تنهي منطق التخوين من مخيلات من رأوا في الحركة جهازا للتأثير على أمن واستقرار الدولة . ومن جهة اخرى ، قد يشكل هذا الانسحاب نقطة وصل جديدة بين الجماعة و الحكومة الجديدة المرؤوسة من لدن حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الاسلامي ، الذي طالما نادا بنكيران شيخ الياسينيين قبل الانتخابات التشريعية من اجل الانخراط معه في مشروع القضاء على الاصل الامازيغي " التيفيناغ " ، وهو الامر الذي ظهرت بعض بوادره في بلاغ الجماعة المعلن فيه توقيف مشاركتها في مسيرات حركة 20 فبراير ، الذي تناسى خصوصية الحراك المغربي و ألبسه ثوب الثورة العربية ، بعدما سرد مبررا عن هذا القرار ربطه بما اسمته الجماعة بوجود محاولات داخل حركة 20 فبراير لصبغ هذا الحراك بلون ايديولوجي وسياسي ضدا على هوية الشعب المغربي المسلم في تناقض واضح مع ما يميز حركة الشارع في كل الدول العربية ... وهو مبرر يبقى في الاصل ردا على الدعوة النكيرانية سابقا . فمغادرة العدل والاحسان واستمرار تصدي العشرينيين لمختلف اشكال الوصايا ، قد يفرض اتخاذ نفس الموقف ، على المزيد من التنظيمات الحزبية والنقابية التي ركبت موجة الشارع المغربي بهتانا وكذبا ، وارادت التسلح بارادة الشباب ضد الدولة تنقيبا عن مصالحها الضيقة ، وفرض امور غير مرغوب فيها ، من داخل مجالس سمتها هي وقياداتها دون الاستشارة مع صانع الحركة الذي يبقى الممثل الوحيد لها و المقرر الوحيد في مصيرها ومصير المطالب التي سطرها قبل تاريخ العشرين من فبراير . للتواصل : [email protected] http://www.facebook.com/masinissa