لأنه يٌشبه طائر الفينيق الذي ينبعث من رماده رغم محاولات قتله، فإنه مُصِر على العودة من جديد. ليس صحيحا أن طارق يحيى المولع بالظهور وجد الطريق سالكا، فلشدة ما ووجه به من حروب كبيرة خصوصا من لدن خصومه ومعارضيه، الذين كانوا يحاربونه بلا هوادة، غير أنه كان يجد نفسه أكثر تحررا؟ ولا يكون بالضرورة مُعاديا للسلطة ومُصنفا في خانة من سيعتدي عليها، وإنما يكون أقرب إلى الواقعية التي تقيس الأشياء بقدرات التأثير والفعالية. تُرى لو أن طارق يحيى سخر كل طاقاته في رئاسة بلدية الناظور لخدمة المدينة؟ هل كانت الصورة ستظل وفق ما عليه الآن؟ لا ضرورة لاستحضار جواب في الموضوع، فالأهم أنه عرف كيف يجلب الدعم والمساندة، خصوصا في ضوء العلاقات التي تربطه بمراكز النفوذ في الرباط ، وغيرها من المصادر، ولأنه برلماني الأمة، مما مكنه من نسج علاقات صداقة مع شخصيات نافذة، ولكونه كذلك رجل أعمال ناجح يمتلك الكثير من الأراضي الفلاحية والأملاك العقارية. إنه زواج الثروة والسلطة. كانت سُمعته تسبقه ، إذ كان محاورا مقنعا، مما أهله لأن يحتل مركزا أهم في تسيير الشأن المحلي بالمدينة، لكن أصعب موقف واجهه رئيس بلدية الناظور الحالي يكمن في إندلاع أزمة صاخبة بينه وبين عامل الإقليم العاقل بنتهامي، تعيد إلى الأذهان صراعه السابق مع العامل علابوش أيام إدريس البصري، ففي كل مرة يُجدد طارق يحيى صراعه مع رموز السلطة بالإقليم ليصرف سوء تسييره للمدينة حسب مناوئيه، إنها جزء منه كما أنه جزء منها. إبن بني نصار كان واحدا من الرجال الذين يرغبون في الظهور، ولأنه مُولع بالأضواء الكاشفة فقد صنع لنفسه هالة لا تكاد تليق بغيره، وربما ساعده في الاضطلاع بمهمته أنه كان براغماتيا من الطراز الأول. حكى لنا أكثر من مصدر أن طموحات الرجل لا تتوقف عند هذه الحدود، فالرجل يتطلع إلى أكثر من هذا. سُئل طارق يحيى يوما عَمَا يروق له قراءته، فرد بعفوية بأنه معجب بقراءة الجرائد الاسبانية، في إشارة ماكرة منه إلى مشاريعه الكثيرة بإسبانيا؟ غير أنه مارس السياسة داخل مدينة الناظور على طريقته التي تجمع بين حدس رجل الأعمال ورؤية السياسي ويختار الطريق الأسهل التي يكون متأكدا أن في نهايتها أكثر من مخرج.