اكتسح المئات من الباعة المتجولين خلال الأشهر المنصرمة مختلف الشوارع الرئيسية لمدينة زايو ، وحولوها إلى أسواق مفتوحة بين عشية وضحاها بدون ترخيص من السلطات ولا مصالح البلدية. عبر شارع "احد " ، القلب النابض لمدينة زايو "يجثم" العشرات من الباعة المتجولين فوق الأرصفة وفوق الطريق أحيانا ، بينما يتعين على الراجلين والسائقين اتخاذ كامل الحيطة والحذر والتقليل من السرعة قدر الإمكان لتفادي مشاكل الازدحام التي تركت الحبل على الغارب ، فوجدها الباعة فرصة لاتعوض لاحتلال المزيد من ساحات الشارع بتناسل عددهم يوما بعد آخر. اغلب شوارع المدينة تحولت خلال الأشهر الأخيرة إلى محج لمئات الباعة المتجولين الذين استوطنوا الأرصفة وبدؤوا يزاحمون أصحاب المحلات التجارية المجاورة " المركب التجاري " ... على طول الشوارع " المحتلة " تتوالى مشاهد مختلفة من مظاهر النشاط التجاري خارج رقعة المتاجر القارة. عربات يدوية وطاولات وصناديق خشبية ومنشورات من البلاستيك تؤثث الشارع يوميا ، تعرض أنواعا شتى من السلع ، وخلفها يقف شباب وبعض النسوة تتعالى صيحاتهم المبحوحة لإثارة اهتمام المارة لأهمية مايعرضون من بضائع وسلع مختلفة. هؤلاء الباعة لاتطالهم عمليات المطاردة من قبل دوريات الشرطة والقوات المساعدة منذ أزيد من شهرين ، كما كان في السابق. يقول بائع متجول بشارع احد في لهجة حادة : " إننا نسرق حتى تطاردنا الشرطة وتمنعنا من كسب رزق الحلال " ، ويؤكد أن عمليات المطاردة السابقة جعلته وزملاؤه في رعب دائم خوفا على سلعهم وأرزاقهم ... ورغم انه لاينفي تأثير نشاط الباعة المتجولين على أصحاب المحلات التجارية بالشارع فانه يتحدث عن أن " كل واحد ورزقه ، ونحن كباعة متجولين نتاج واقع للعطالة والفقر ، ماذا سنفعل ؟ ولماذا ظلت السلطات تصادر بضاعتنا ؟ هل يريدوننا أن نتحول إلى السرقة والاتجار في المخدرات حتى نكسب لقمة العيش؟." اكتساح الباعة المتجولين لشوارع المدينة بشكل غير مسبوق أثار غضب أصحاب المحلات التجارية بالمركب التجاري ، الذين يبدون اليوم في حالة عطالة إجبارية ، نتيجة المنافسة غير الشريفة ...و" بسبب هذه الفوضى تأثرت تجارتنا كثيرا ، فنظل في كثير الأيام بلا بيع ولا شراء " يقول صاحب محل تجاري لبيع الخضر والفواكه بالمركب التجاري في حالة هيجان ، قبل أن يستعيد أنفاسه ، ويؤكد أن أفراد الدورية الأمنية والسلطات المحلية صاروا يتساهلون أكثر من اللازم مع هؤلاء الباعة المتجولين لأسباب غامضة. واستنكر مصدر حقوقي بمدينة زايو موقف السلطات العمومية من ظاهرة الباعة المتجولين ، حيث اعتبر المصدر موقف السلطات مشجعا للظاهرة التي تنبثق منها رائحة الفوضى واحتلال الملك العام. وكانت نقابة تجار وأسواق بلدية زايو قد عقدت مساء يومه الثلاثاء 17 ماي الجاري اجتماعا تشاوريا مع فعاليات المجتمع المدني وساكنة زايو ، لمناقشة الأوضاع التي آلت إليها المدينة في الآونة الأخيرة. وجاء عقد هذا الاجتماع التشاوري في إطار مناقشة الأوضاع والمعاناة اليومية التي يعيشها سكان حي السوق منذ مدة طويلة ، التي خلقت فوضى عارمة أضرت بالتجار والساكنة بشكل مباشر. ومن بين الأسباب التي عجلت إلى عقد هذا الاجتماع التشاوري ، تملص السلطات المحلية من المسؤولية ، إذ حمل الحاضرون في هذا الاجتماع المسؤولية الكاملة للسلطة المحلية والمنتخبة التي ساهمت في تدني الوضع المحلي. وحضر هذا الاجتماع مجموعة من فعاليات المجتمع المدني والمتمثلة في كل من جمعية السوق للعمل التنموي ، جمعية المركب التجاري ، جمعية تجار الخضر والفواكه ، جمعية الجزاريين، الباعة المجاوريين للمركب التجاري ، و سكان مدينة زايو. وخلص الاجتماع إلى فتح واجهة نضالية على مختلف الأصعدة وعدم التراجع إلى نهاية تحقيق كافة المطالب. واقترح عضو من داخل المجلس البلدي بإيجاد حل لوضعية الباعة المتجولين ، عن طريق تمكينهم من محلات تجارية قارة قريبة من وسط المدينة ، مقابل سومة كرائية في متناولهم ، أو تحديد مكان خاص يجتمع فيه الباعة المتجولون لمزاولة مهنتهم خاصة وان معظمهم اضطرته ظروف الفاقة لامتهان هذه الحرفة.