طفت على سطح التجاذبات والمزايدات السياسية الضيقة في قضية المدينة الريفية "مليلية" مجموعة من الإشارات القوية لتؤكد بأن تلك المهاترات والمزايدات حول "الوطنية" ما هي إلا محاولات يائسة للاصطياد في الماء العكر، ومن ضمن هذه الإشارات الإعلان المفاجئ عن "إلغاء" المظاهرة الاحتجاجية التي كان مقررا أن تقوم بها اللجنة المسماة "لجنة التنسيق الوطنية المغربية لتحرير مليلية" في معبر بني أنصار يوم السبت 11 دجنبر، وهو ما يؤكد بشكل لا يترك أي مجال للشك بأن اللجنة المذكورة ما هي إلا "أداة" في أيدي "علية القوم" يقومون بتوجيهها حسب الظرفية الزمنية والسياسية التي تمر منها العلاقات بين الجارين الأوروبي والأفريقي، ووفق ما يخدم مصالح "علية القوم" الذين يحسنون جيدا استعمال ميزان "الربح والخسارة". هذا، وقد أسقط "خبر إلغاء المسيرة" ورقة التوت على بطل تحرير مليلية الافتراضي يحيى يحيى ليظهره أمام العالم أجمع بأنه ليس إلا مجرد عبد مطيع وبوق من أبواق "علية القوم"، وهو بالمناسبة –أي يحيى يحيى- يلعب دائما على الإزدواجية بين الخطاب والممارسة، فهو من جهة يطالب "بتحرير مليلية" ظاهريا، في حين أن ممارساته وتاريخه يؤكدان حقيقة أخرى، وهو الحامل لعنوان "مليلية الإسبانية" على ظهر جنسيته، ويقود سيارة مرقمة بمليلية.... ومن جهة أخرى، يتساءل الرأي العام، وكل المتتبعين لملف هذه القضية، حول تموقع سكان مليلية الريفيون في أجندة هذه اللجنة ومن يدور في فلكها، فبالأمس القريب أعلن هؤلاء عن تضامنهم اللامشروط مع إخوانهم في مليلية الذين خرجوا في مظاهرات احتجاجية للمطالبة بحقهم في الشغل، واليوم يريدون قطع الماء الصالح للشرب على إخوانهم الريفيون بمليلية، فعين "إيياسينن" لا تغطي سوى 2.5 بالمائة من حاجيات مليلية المائية، وهي كمية ضئيلة جدا، وموجهة خصيصا للأحياء التي يقطنها الريفيون مثل : كابريرصا، قامايو ..الخ، وهو ما يضع مصداقية هذه اللجنة وشعاراتها (التي هي في غالب الأحيان مزايدات وتضخمات شعاراتية فقط) على المحك. فلماذا قامت "لجنة التنسيق الوطني لتحرير مليلية" بإلغاء مظاهرة يوم السبت؟ وكيف يمن قراءة تضخماتها الشعاراتية على ضوء الأحداث المختلفة والتي تبين إزدواجية خطاب هذه اللجنة؟ ومن يقف وراء هذه التحركات التي تخدم بشكل أو بآخر مصالح الحزب الشعبي الإسباني؟ وكيف يمكن فهم إعلان جريدة "إلموندو" الإسبانية عن خبر إلغاء مظاهرة السبت قبل أن تعلن عنها اللجنة المنظمة؟ هل يتعلق الأمر ب "طبخة" إسبانية قام بها الماسكون بزمام الأمور في مدريد لكسب بعض النقاط ديبلوماسيا علما أن هذه التحركات لا تخدم مصالح المغرب بقدر ما تخدم الديبلوماسية الإسبانية؟ وما موقع "لجنة تحرير مليلية" في هذه الطبخة الإسبانية؟.... هذه الأسئلة وغيرها سيقاربها ضيوف الصحفي محمد الحموتي في برنامجه الأسبوعي "إيمراكواج" مباشرة على أمواج إذاعة المنار البلجيكية يوم الأحد 12 دجنبر ابتداءا من السادسة مساءا بالتوقيت المغربي، السابعة بالتوقيت الأوروبي. ومن المنتظر أن يشارك في حلقة هذا البرنامج عبد المنعم شوقي المحسوب على اللجنة المذكورة آنفا، وكذا رئيس الحكومة المحلية بمليلية "خوان خوصي إمبروضا" وضيوف آخرين.....