“اللجنة التحضيرية” ل الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف : سبتة ومليلية ليستا محتلتين في سابقة هي الأولى في تاريخ المغرب الحديث، خرجت إحدى الجمعيات الريفية عن الإجماع الوطني بعد أن رحبت بالزيارة الأخيرة للملك الإسباني خوان كارلوس لمدينتي سبتة ومليلية.. .. واعتبرت في بيان لها أن المدينتين في نظر الريفيين أبناء المنطقة ليستا مستعمرتين، بل محميتين فقط، وأكدت اللجنة التحضيرية ل الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف، أن الريفيين هم الذين يتشبثون بالوجود والبقاء الاسباني فيها كي لا ينقض عليها النظام المخزني، كما انقض واستحوذ على باقي المناطق الريفية والأمازيغية، عامة، على حد تعبير اللجنة. وللإشارة فالدعوة إلى منح الريف حكما ذاتيا مستقلا بزغت بشكل واضح مع الشعارات والمطالب التي رفعها بعض رموز الحركة الثقافية الأمازيغية بمدينة الناظور، أثناء تظاهرة فاتح ماي الأخير، حيث حولوا مطالبهم من مطالب ثقافية وحقوقية ومندرجة في إطار المطالب الهوياتية للحركة الثقافية الأمازيغية، إلى مطالب ذات نزعات استقلالية، وهو الأمر الذي فسره البعض برد الفعل الطبيعي لفشل الدولة في التعامل مع المسار النضالي الأمازيغي وفي تدبير مشاكل المنطقة، بحيث أن “ريافة” لم يجنوا سوى المزيد من التهميش والإقصاء. وأعلن في وقت سابق عن تأسيس “اللجنة التحضيرية” لنشوء الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف، بحيث أثار عدد من الفاعلين الريفيين، بعد سلسلة من المشاورات التي انطلقت منذ سنوات على حد تعبير أحد أعضاء هذه اللجنة، السير في اتجاه حركة سياسية ريفية مطالبة بحكم ذاتي للريف، وذلك بالعمل على توسيع قاعدة التوقيعات على البيان التأسيسي وكذا الإعداد للمؤتمر التأسيسي الذي سيجمع الموقعين على هذا البيان، داخل وخارج المغرب، بشكل يضمن تشكيل قوة ريفية سياسية مدافعة عن الحكم الذاتي. ورغم إصرار أعضاء هذه اللجنة على وصف أنفسهم ومطالبهم بأنها خطوة سياسية تعكس تطلعات الريفيين ورغبتهم في حكم أنفسهم بأنفسهم,اعتبرت أصوات ريفية أخرى أن الجمعيات الأمازيغية التي كانت وراء الحدث، لا تمثل المواطن الريفي، في حين رد عليهم المنادون بالاستقلال عن الحكم المركزي بكون هؤلاء الذين يعتبرونهم غير ممثلين للمواطنين الريفيين بأنهم شخصيات انتخابية وانتهازية، وهي الأطراف المستفيدة تاريخيا من نظام مركز “عروبي” على حد تعبيرهم، واصفين إياهم بجهلهم للحركة الأمازيغية الريفية ولمطالبها المشروعة. ولم يكن موقف اللجنة التحضيرية من أجل الحكم الذاتي للريف، بخصوص الزيارة الملكية الاسبانية للمدينتين المحتلتين الوحيد الذي أثار نقاشا واسعا بين “ريافة”، أمازيغيين وحقوقيين ومنتخبين، إذ سبق لذات اللجنة أن دعت كافة الريفيين لمقاطعة الانتخابات النيابية الأخيرة، وذلك لكون الانتخابات تجري حسب رأيها في ظل دستور غير ديمقراطي من حيث شكله ومضامينه، لا يعترف بالهوية واللغة الأمازيغيتين للمغرب كما لا يعترف بحقوق الريفيين في نظام للحكم الذاتي الموسع. ويرجع العديد من المهتمين الحقوقيين ظهور مثل هذه المطالب، التي يصفها البعض بالخروج عن الإجماع الوطني، إلى استمرارية التهميش التاريخي للريفيين إضافة إلى تداعيات زلزال الحسيمة بعد أن تعاملت السلطات المركزية بنوع من الاستخفاف مع مطالب الضحايا، ولمرور سنوات دون أن تقدم الدولة الحلول الناجعة لآثاره، هذا بالإضافة طبعا إلى الشأن التاريخي بين المخزن و”ريافة” والذي يعود إلى القمع الشرس الذي صدّت به ثورة عبد الكريم الخطابي، لهذا لم تفوت “اللجنة التحضيرية للحركة من أجل حكم ذاتي للريف” المناسبة لدعوة الحكومتين الاسبانية والمغربية، لتحمل مسؤوليتهما عن الأضرار النفسية والجسدية والبيئية الناتجة عن مخاطر استعمال الأسلحة الكيماوية والتي شهدتها منطقة الريف لإخماد ثورة الزعيم الخطابي، لهذا خلصت إلى أنه لا يمكن تحقيق أي حل لقضية مليلية وسبتة، خارج نظام الحكم الذاتي الموسع للريف، و استحضار أن المدينتين جزء من إقليم الريف وإن مواطنيها ريفيون سواء الناطقونمنهم بالإسبانية أو الأمازيغية. كريم مصلوح : المنسق العام ل ” اللجنة التحضيرية” ل ” الحركة من اجل الحكم الذاتي للريفMAR)) نحن تضررنا من مدريد ومتضررون من الرباطس يرى مصلوح أن الرأي الذي عبرت عنه اللجنة التحضيرية من أجل الحكم الذاتي للريف ينسجم مع مطالب الريفيين الذين تضرروا من الرباط ومن مدريد، لهذا فمطلبهم بمنح الريف حكما ذاتيا موسعا سيكون بمثابة صفحة جديدة، ومن هذا المنطلق فإن المدينتين ستلحقان بهذا الإقليم الموسع، وأشار مصلوح أيضا إلى أن مطالب هذه اللجنة لا تتعارض والمصالح العليا للبلد على اعتبار أن الملك هو من يشرف على منح الصحراويين حكما ذاتيا. على اثر زيارة خوان كارلوس لمليلية وسبتة، كنتم الوحيدين الذين عبروا عن رأي مخالف أي أنكم لم تدينوا الزيارة ألا تخافون أن تتهموا بالخروج عن الإجماع الوطني؟ إن الرأي الذي عبرنا عنه، وهو منشور بعدة لغات، منها الاسبانية، يترجم القضايا العميقة للريفيين؛ نريد حلا عمليا وعاجلا للريف، نحن تضررنا من مدريد ومتضررون من الرباط، ولهذا فإننا ندعو الدولة المغربية بان تعمل جديا من اجل تطبيق نظام الاستقلال الذاتي الموسع في الريف، كي نبدأ صفحة جديدة، فقضايا الريف لو كانت مأخوذة بعين الاعتبار من طرف المملكة المغربية كان ذلك سيدعمنا من اجل فتح باب الثقة.. وكما تعلمين، ستة قرون مرت على التواجد الاسباني في مليلية و سبتة والريفيون خاضوا صراعا مريرا مع القوى الاستعمارية الاسبانية والفرنسية، لكن ماهي النتيجة بالنسبة لنا؟ هو تهميش من طرف المغرب وتعريب لهويتنا، وتهجير للريفيين، فماذا يَنْتَظِرُ منّا كل من ارتكب هذا في حقنا. ونحن نحذر من استمرار هذه الأوضاع، ولا نريد أن يقول لنا من يتلاعبون بقضايانا مثل الحكومات المتعاقبة في المملكة المغربية،والنخب المركزية والفاسية الحالية والسابقة، التي باعت قضايانا، ودمرت مستقبلنا بأنها تمثل الإجماع الوطني، فنحن وطنيون لأننا ببساطة أبناء الأرض. كما لا يجب أن ننسى العلاقة الوطيدة بين سكان مليلية وغيرهم من سكان الريف، ولذا فإننا ندافع عن حل الاستقلال الذاتي الذي سيجمع الريفيين، فسكان مليلية أو سبتة سيقبلون بالوحدة الريفية في نظام الاستقلال الذاتي الموسع، ولكنهم لن يقبلوا بالخضوع لسلطة مركزية موجودة في الرباط، فهم يرون معاناة إقليم الريف الذي لم تنصفه الدولة المغربية، و نحن لا نريد مزايدات دبلوماسية، فتصوري معي لو أن المستوى الاقتصادي والاجتماعي والديمقراطي للمناطق الريفية يضاعف المناطق الريفية المسيرة من طرف الإسبان، فلا حاجة لنا لإتمام الحديث. تتحدثون عن الحكم الذاتي للريف وعن الشعب الريفي، ألا ترون أن الشروط الأساسية لمثل هذا المطلب لم تتوفر بعد؟ عندما نقول إن الريفيين شعب، فهم حقا كذلك، والأمير محمد عبد الكريم الخطابي كان قد أثار الأمر في ” بيان الجمهورية الريفية إلى جميع الأمم”، يجب أن نفهم من ذلك أن هذا ليس مشكلا، ولا بد من تأكيد مسالة أخرى، وهي أن عدة شعوب يمكن أن تؤسس دولة مشتركة، فتأسيس دولة هو مسالة وضعية، أما تعدد الشعوب فهي مسالة إنسانية وتطورية، بل إلاهية موجودة في القران، والدولة الأمة ذات الشعب الواحد والدين الواحد واللغة الواحدة لا توجد إلا في المنطق الاستعماري، إذن هذه الأمور لا علاقة لها بالشروط السالفة، فمثلا هناك من يقول إن الشروط غير موجودة من أجل الاستقلال الذاتي للريف، متى ستتوفر هذه الشروط؟ هل حتى يتم القضاء نهائيا على ما تبقى من الريف والريفيين؟ وآخرون يقولون إنه لا داعي لتغيير الدستور بدعوى أن المواطن مشغول بقضايا غير الدستور، أليس هذا تلاعبا؟ نقلتم مطالبكم من مطالب ثقافية في إطار العمل في الجمعيات الثقافية الامازيغية إلى الاستقلال الذاتي، ألا تعتقدون انه لم يتحقق شيء للامازيغية كلغة رغم النضال الطويل زمنيا وبالتالي فمطالبتكم بالاستقلال ليست سوى مجرد مزايدة؟ إن الاستقلال الذاتي للريف هو جزء من نضالنا من اجل الديمقراطية، ونحن لم نطلق الحقوق الثقافية والهوياتية، بل هذا النضال المرير من اجل تحقيقها يدفعنا لتأكيد أن الأمازيغ يعانون من نكران في أرضهم، فهل هناك جريمة اكبر من هذه؟ وكما تعلمين فان الأمازيغية والريف لا ينفصلان، وان دعوتنا للاستقلال الذاتي للريف، لا تخرج عن هذا، وهي كذلك دعوة للنخب. لماذا اخترتم التعبير عن قضايا محلية ضدا على المصالح العليا للبلد؟ نحن في البيان الذي أصدرناه، قلنا إن مليلية وسبتة والجزر الأخرى جزء من الريف، وقلنا إن سكانهما ريفيون، وقلنا إن لدينا قضايا عالقة مع الرباط ومع مدريد يجب حلها، لهذا لا نريد أن يأتي إلينا من يدمروننا ليقولوا لنا، اصرخوا في وجه الإسبان، لأننا نقوم بذلك كل يوم. فهل هذا ليس من المصالح العليا؟ إن الخطأ الكبير، هو عندما يتم تدمير الريف باسم المصالح العليا للبلد، فمصالح الريف تدخل ضمن المصالح العليا للبلد، وإذا كان الأمر غير ذلك، فهذا خطير. ظهرت مجموعة من المطالب بمنح استقلال ذاتي في الريف وسوس، ألا تظنون أن ذلك سيجزئ البلد وسيضعفه في الوقت الذي تتجه فيه الدول الكبرى إلى الاتحادات التي تضمن قوتها؟ إذا كان الملك وهو حامي الوحدة الترابية يقترح الحكم الذاتي على الصحراويين، فلماذا الخوف منه في حالة الريف أو سوس؟ إن قوة الدولة المغربية لا يمكن أن تكون على حساب إبادة وجود الريفيين الهوياتي وإقصائهم السياسي، بل ستكون بالاعتراف الديمقراطي بهم، فالخطأ الذي يرتكب هو عندما ينظر إلى الوحدة بمنطق ضمان نخب المركز والنخب الأندلسية لنفوذها، وبمنطق التعالي والتسلط، بينما الوحدة التي نريدها نحن هي وحدة ديمقراطية، وهي الوحدة التي يأخذ بها الاتحاد الأوروبي اليوم. هل تعتقدون أن اسبانيا كقوة إقليمية ستأخذ مطالبكم بعين الاعتبار وهي التي لم تعر لمطالب المغرب كدولة أي اهتمام؟ نحن لا ننتظر صدقات من اسبانيا ولا من المغرب، بل نريد تفاوضا مع اسبانيا على الأضرار التي ألحقتها بالشعب الريفي، مثل الحرب الكيماوية، والزج بالريفيين في الحرب الأهلية الاسبانية،وفي هذا الأمر بالتحديد، فان الريفيين اعتمدوا على أنفسهم، وهكذا فقد انشأوا جمعية الدفاع عن ضحايا الغازات السامة بالريف والتي يترأسها الياس العماري، وأسسوا مجموعة البحث في الحرب الكيماوية على الريف؛ أما النخب الفاسية التي تقود الحكومة الحالية والتي تعرضت لانتقادات، وجاءت نتيجة انتخابات ضعيفة كما أن لها تاريخ اسود مع المغاربة فهي تستقوي اليوم بمثل هذه القضايا؛ وهذه النخب بنت مستقبلها على حساب تدمير الريف وهي تتفادى طرح هذه القضايا الدولية للريف، لأنها غير وطنية، ولا يمكن لهم أن يأتوا اليوم لمزايدات مع مدريد، ولان القاضي غارثون بالتثار اصدر مذكرة لمتابعة مسؤولين مغاربة، ليقولوا لنا في الأخير إن في الريف ضحايا حرب كيماوية، وأن خوان كارلوس زار سبتة ومليلية... أنا متأكد أنهم لن يجرؤوا على ذلك، لهذا نقول إن قيام علاقة جديدة بين الريف والدولة لن تتم إلا بالاستقلال الذاتي الموسع، و لقد ثبت أن قضايا الريف، لن يطرحها كما يجب إلا الريفيون، كما انه لابد من أثير الانتباه إلى أن الرأي العام الاسباني ليس متجانسا، فأغلب الأحزاب الكطلانية والقوى الباسكية تدعم الريفيين في مطالبهم نحو مدريد، وهي التي طرحت ملف الحرب الكيماوية في البرلمان الاسباني، في مقابل ذلك أجهض الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي الحاكم مشروع القانون الذي تقدم به اليسار الجمهوري الكطلاني، فلماذا لم تحرك الحكومة ولا البرلمان المغربيين ساكنا، أليس هذا تواطؤا؟! عبد السلام بوطيب / منسق اللجنة التحضيرية للمنتدى المغربي الاسباني للذاكرة المشتركة والمستقبل اعتبار سبتة ومليلية محميتين وليستا محتلتين مزايدة سياسية يدرج بوطيب خطاب أولئك الذين يعتبرون مدينتي سبتة ومليلية محميتين وليستا محتلتين في خانة الخطابات ذات المزايدات السياسية، لأن اللحظة السياسية التي صدرت فيها تتطلب رد فعل إجماعي لأن النبل السياسي يقتضي طرح المطالب بمعزل عن المشاحنات الراهنية، رغم أن مثل هذه المطالب في نظره تجد شرعيتها في ماضي العلاقة التي كانت تربط المنطقة بالسلطة وفي طبيعة القمع الشرس الذي تعرض له سكان الريف. نشرت مجموعة ما يسمى اللجنة التحضيرية ل “الحركة من اجل الحكم الذاتي للريف” بيانا، اعتبرت فيه مدينتي سبتة ومليلية ريفيتين، أي غير تابعتين لا للرباط ولا لمدريد، ما رأيكم في هذا المطلب؟ توصلت بهذا البيان عبر البريد الالكتروني وقرأته في أكثر من جريدة إسبانية خاصة الكتلانية منها. وهذه هي المرة الأولى التي اسمع فيها بهذه اللجنة التحضيرية التي تنادي بهذا المطلب الترابي. وهو مطلب فيه كثير من المزايدة السياسية، إذ أن اللحظة السياسية التي صدر فيها كانت تتطلب رد فعل تجاه زيارة محملة بأكثر من رسالة سياسية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال استغلالها لطرح مطالب من هذا القبيل. ذلك أن النبل السياسي يقتضي طرح المطالب بمعزل عن المشاحنات الوقتية. خاصة تلك التي ترهن مستقبل امة بكاملها. لذلك فنحن في المنتدى المغربي الأسباني للذاكرة المشتركة والمستقبل كمؤسسة ذات نزعة حقوقية صرفة، تبتغي مما تبتغيه إيجاد إجابات نظرية للمشاكل الحقوقية المرتبطة بالفترة الاستعمارية وتلك التي ترهن مستقبل العلاقة المغربية الإسبانية نتحدث عن ضرورة فتح الحوار، مع الجميع سواء أولئك الذين يقولون إن المدينتين اسبانيتان ويجب أن تبقيا كذلك أو الذين يقولون إنها غير تابعتان للرباط ولا لمدريد أو اللذين يتشبثون بمغربيتهما أو غيرهم ممن لم يفصح عن رأيه بعد للنظر في مستقبل المدينتين، إيمانا منا أن مستقبل المدينين ترهنه مجموعة من العوامل التاريخية والاقتصادية والاجتماعية المتشابكة والمعقدة، وأن كل مطلب تبسيطي سياسوي أو انتهازي أو تشحيني إن صح التعبير لن يجد له الصدى المطلوب. تحولت مطالب بعض الحركات الثقافية الأمازيغية من مطالب لغوية إلى مطالب استقلال وحكم ذاتي، ما مدى شرعية هذه المطالب وما الذي أدى إلى ظهورها؟ إن مثل هذه المطالب تجد شرعيتها في ماضي العلاقة التي كانت تربط المنطقة بالسلطة المركزية وفي طبيعة القمع الشرس الذي تعرض له سكان الريف.وتستمر هذه الشرعية مع طبيعة العلاقة الجديدة التي تحاول الدولة المغربية راهنا القيام بها تجاه سكان المنطقة والقائمة على استبعاد النخب الحقيقية المعبرة عن اتجاهات مجتمعية حقيقية. والاقتصار في التعامل والانتباه إلي بعض الفئات التي لا يشكل لها مستقبل المنطقة والبلاد برمتها أي قلق. وهنا يبدو للبعض أن المطلب الانفصالي هو أسهل السبل للوصول إلى دولة مهما صغرت، تنتبه إلى مطالبها ومشاكلها وقلقها. أعطيك مثالا، نتائج الانتخابات الأخيرة بالمنطقة ستكون كارثية على المستقبل السياسي للمنطقة، وهي انتخابات عرفت استعمالا مهولا للأموال، واستخفافا بالاتجاهات السياسية الرئيسية في المجتمع. ثانيا طريقة معالجة ملف الزلزال كان له أثر سلبي على المستقبل السياسي للمنطقة وسيرهنها لسنوات طوال. ثالثا استبعاد النخب السياسية المنحدرة من المنطقة من الشأن السياسي العام مما سيؤثر سلبا وبشكل خطير على مستقبل علاقة الدولة المغربية مع المنطقة. وأخيرا، طريقة معالجة هيئة الإنصاف والمصالحة لملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالريف والاستخفاف الذي قوبلت به مطالب الضحايا والمجتمع برمته، ستكون له نتائج غير منتظرة على المستقبل السياسي للريف. والأخطر من كل هذا هو طريقة التعامل مع المهاجرين المنحدرين من المنطقة والذين يتحولون بشكل لا يمكن تصوره، ليس على المستوي العددي فقط، بل كذلك على مستوي الطبيعة المعرفية والسياسية. ومما لاشك فيه أن هؤلاء سيؤثرون غدا في الاتجاه السياسي العام لساكنة منطقة الريف. وربما قد يبدو لنا آنئذ أن الإشكال الانفصالي هو أسهل الطرق لمعالجة الوضع. ألا يمكن أن تؤثر مثل هذه المطالب على الحركة الحقوقية بالريف عامة ؟ الحركة الحقوقية بالريف يغلب عليها طابع الاشتغال على ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وينقصها تأطير نظري في مجال ثقافة حقوق الإنسان، وتعوزها أدوات الاشتغال. لذا أكدت سابقا على ضرورة الانتباه إلى الطريقة التي عالجت بها الدولة المغربية مشكل ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.لقد حان الوقت للقطع مع هذا الملف. وهذا القطع لن يتم بالطريقة التي حاول بعض أعضاء الهيئة السابقة الاشتغال بها، والقائم أساسا على استغلال نبل وأخلاق وصدق مناضلي المنطقة. أقول هذا وأنا مقتنع أن هذا الماضي سيبقى المحرك الأساسي لكل المواقف السياسية والتي من الطبيعي والمنتظر أن تأخذ هذا المجرى. ذلك أن “الحكرة” تقودنا مباشرة إلي البحث عن الذات وبناء الوطن الذي يتسع للأحلام مهما صغر هذا الوطن، ومهما كلف من تضحيات. ألا تعد مثل هذه المطالب نوعا من المزايدة السياسية، على اعتبار أن اسبانيا لم تعر انتباها للدولة المغربية وبالأحرى مطالب أقلية جهوية؟ لننتبه إلي شيء أساسي جدا، وهو أن السياسة اليوم في إسبانيا قائمة على الاعتبارات الجهوية، وزيارة الملك خوان كارلوس لمدينتي سبة ومليلية تِِؤكد ما أذهب إليه.ذلك أن الحزب الحاكم اليوم في إسبانيا يشكو من شبه غيابه بالمدينتين، وعليه أمر الملك للقيام بهذه الزيارة، وهو نوع من الدعاية السياسية خاصة وأن الانتخابات على الأبواب ولا يفصلنا عن شهر مارس المقبل الا أياما معدودة. من جهة أخرى النقاش السياسي اليوم في إسبانيا لا ينصب على البرامج الحزبية أو المشاريع الاقتصادية المقبلة فقط بل انه ينصب أساسا على مفهوم الحوار وآلياته وسبل نجاعته. وعندما أقول الحوار، أقول الحوار مع المكونات السياسية للجهات، خاصة تلك التي لها نزعات انفصالية أو شبه ذلك. الرئيس ثاباتيرو عاش قبل انفجارات مطار باراخاس بمدريد على نشوة انتصاره على مستوى الحوار مع الباسك. وفشل مسلسل الحوار يدخل في إطار كآبة سياسية كانت تبدو على الرجل. انتهت من بين ما انتهت إليه في آخر المطاف إلى مطالبة الملك بزيارة مدينتي سبتة ومليلية. وهو ما يدخل كذلك في الحوار الجهوي. لذا لا يمكن الاستخفاف بمثل هذه المطالب التي يمكن أن تصبح غدا مطالب مجتمع بكامله أو مشجبا يمكن أن يعلق عليه بعض الجيران فشلهم في تدبير ملف داخلي أو آخر متعلق بعلاقة الجوار، علينا الانتباه إلى مثل هذه المطالب بكل حدس سياسي وبكل الذكاء الجماعي.