ليس من العيب ان توصل الام ابنائها للمدرسة وتقود بهم، رغم ان قرار قيادة المرأة للسيارة تقبلهاالمجتمع الا ان بعض الاطفال لم يتقبلوه فاصبح الطفل عندما توصله والدته للمدرسة يخجل ان يراه اصحابه انه لا ينزل من سيارة ان لم تكن سيارة من رباعية الدفع وبلون يثير للانتباه ومرقمة برقم احد المدن الكبيرة، والا فسيطلب من والدته انزاله بعيدا عن المدرسة في اول الشارع ويتم الطريق على اقدامه. هذا ما جعل عدة اسر تقودهم نساء بالتباهي امام المدارس الخصوصية والمعاهد الأجنبية بغض النظر عن الطبقة التي ينتمون اليها والظروف المحيطة بهن، واصبحت المرأة تتباهى بالسيارة الفاخرة والمركات ذات الارقام الخيالية، رغم انها لا تعكس واقعها الحقيقي، اذ تفرض على زوجها الالتجاء للمؤسسات البنكية من اجل الاقتراض واغراءه بها من اجل دفع فاتورة الفشخرة لارضاء غرورها وصورتها المزيفة. وفي المقابل هناك فئة من النساء يرفضن التقليد الاعمى رغم قدرتهن المادية على التباهي ويرفضن التفاخر بالشكليات. نحن اليوم نعيش في عهد التباهي، التباهي بكل صغيرة وكبيرة، انما وجدناه غير لائق بالانسان ان يتباهى به هو جماله وتقويم جسده، ومن الناس من يفعل ذلك وهم في غفلة كبيرة. واقفة امام مدرسة خصوصية لابنها في وسط الطريق برباعية الدفع تستعرض نوعها وتنزل ببرودة وتنزل ابنها ببطئ وهي تحمل في يدها هاتفا كبير الحجم وفي يدها اليسرى ساعة ومجوهرات لذهب مزيف وتحركها من حين لاخر ليراها المارة والمحيطين بالمدرسة، مرتديتا لبذلة رياضية تظهر مواقع حساسة لجسدها لتظهرها امام قافلة من السيارات ورائها ينتظرون نزول اطفالهم امام باب المؤسسة التعليمية، وينعتونها باقبح الالفاظ. ليس بهذا الاستعراض الجسدي يحصدن السيئات مع كل رجل شاهدهن مشاهدة التمعن، فكم من رجل شاهدهن مشاهدة التمعن في نفس اليوم. الرجل المسكين المغلوب على امره المستيقض من نومه واراد التوجه لعمله فوجد الزوجة قد اخذت السيارة، وبدون اعداد فطور الصباح له، فيخرج ليمتطي سيارة أجرة ليلتحق بعمله في العلم ان هو من يؤدي شهريا استحقاقات القروض المتعلقة بشراء ذلك السيارة التي تملكتها وتقودها زوجته، ويتكلف بالمصاريف اليومية للاسرة دون اي مدخول اخر من الزوجة العاطلة المفششة والمستهلكة فقط. هؤلاء النساء يستوهيمهن التفاخر امام اصحابهن واقاربهن باستعراضهن حياتهن اليومية المزيفة ويبقى شغلهن الشاغل. واعتدن على السباق في التباهي ليقنعن معارفهن بهذه الممارسات بحثا عن مواجهة اجتماعية (بريستيج) زائف لتتفشى تلك العدوى بين فئات كبيرة من المجتمع ويصل الامر الى الاستدانة، وفي سلوك مرفوض، من خلال أشخاص يفضلون الصورة الزائفة على الحقيقة، والتقليد على الاصل، والتمثيل على الواقع، والمظهر على الجوهر ليسلبوا عن حياتهن معانيها الإنسانية مقابل التباهي والاستعراض. لكل امرأة شخصيتها والصفات والطباع التي تجعلها مختلفة عن قريناتها، فهذه فخورة بحسبها ونسبها، وتلك متميزة بمنصبها ونجاحتها او جمالها، والاخرى غرها مالها وثروتها، وغيرهن كثيرات ممن لا يستطعن تخيل انفسهن بدون المميزات التي يمتلكناها، لذلك فمن البديهي ان تكون هناك نقاط اختلاف تميز الواحدة منهن عن غيرها، ولكن هل ياترى حيازتها عن بعض الصفات يمنحها حق التفاخر والتباهي للرفع من قيمتها؟ وفي حالة خسارتها لشيئ مادي يميزها، هل يمكنها تقبل ذاتها بشكل عادي بعدها؟ يوجه اللوم لذلك النساء المتعجرفات المتعليات تكاد تحسبهن من كوكب اخر، فكل لها ماتراه استثنائيا إلى التباهي والتفاخر امام المللأ وعلى مسامع الجميع فهن لسن كمثيلاتهن من النساء، يا من تتباهى بحسنها وجمالها وتقويم جسدها، ولا تغترى، فمن أعطاك الحسن قادر ان يأخذه منك، واعلمي انه سيأتي يوم سينقضي جمال الوجه وسيتغير تقويم الجسد وستتأزم الوضعية المادية كلما طال بنا الزمن او قصر. الشخصية المتواضعة تكون افضل في العلاقات، لانها تتقبل الاخرين على ما هم عليها، تواضعها يسهل لها التواصل وبناء روابط اقوى مع الاخرين... كما أن المرأة الناجحة ليست هي تلك تُكثر من استعمال مساحيق وألوان الجمال، وليست تلك التي تُسرع لأخذ سيارة زوجها قصد التباهي.. بل هي تلك التي تقوم بواجباتها من أجل رخاء زوجها وأبنائها، والتي تساهم فعلا في تحقيق تنمية حقيقية لنفسها ولأسرتها ولوطنها.