تشهد الساحة التعليمية في المغرب توترا اجتماعيا لم يسبق له مثيلا منذ الاستقلال من جراء الإجراءات السياسية و الاجتماعية التي لازمت مسلسل توظيف الأساتذة المتعاقدين منذ بداية سنة 2016؛واذا كان هذا الإجراء ترقيعيا لم يأخذ بعين الاعتبار خصوصية قطاع التعليم الذي يعد إصلاحه من بين الملفات و الاشكالات الكبرى تأتي في المرتبة الثانية بعد قضية الوحدة الوطنية. غير أن الواقع الحالي منذ تولي الحكومة الحالية بأغلبيتها الأولى و الثانية،على اجهاض العديد من المكتسبات التي حققتها الشغيلة التعليمية في القطاع منذ بدايات الألفية،اذ أنها لم تواكب التراكمات المطلبية على المستوى الاجتماعي و التربوي،وأدخلت المنظومة بكل أبعادها و تجلياتها في نفق مسدود،و أهمها ملف الأساتذة المتعاقدين الذي أصبح وصمة عار في لغز هذه الحكومة الفاشلة العديمة الاحساس و الإرادة السياسية في فتح باب الحوار الاجتماعي المجمد بشكل واقعي منذ اتفاقية 26ابريل من سنة 2011؛ وأصبحت لا مبالية في مواجهة المشكلات التي أصبحت مطروحة على المستوى الواقعي و الميداني،و لا تملك هذه الحكومة المقاربة الأمنية في التفاعل مع أطر أساتذة الأكاديميات،ولغة التعنيف و القهر بأشكاله المادية و الرمزية،غير ان المقاربة الأكثر أهمية التي تستلزم الأخذ بها بشكل موضوعي،هو ان هذا الملف الاجتماعي المتعلق بقطاع التعليم و التربية،لا يمس الاساتذة المفروض عليهم التعاقد،بل يمس كرامة الإنسان المغربي المغلوب على أمره،و الأسر المغربية التي ترسل أبنائها وبناتها من أجل التحصيل الدراسي و العلمي؛ولم تعد عندنا المدرسة العمومية كما عودتنا في اداة الترقي الاجتماعي و تكافؤ الفرص التي مكنت اعضاء هذه الحكومة في سابق تخرجهم منها،لكي يضربوا قيمها العامة،ويطعنوا في مدرسيها و اطرها التربوية والإدارية الذين عانوا بدورهم في صمت؛ وبدأ يخرجون إلى الاعلان عن الحيف و التهميش الذي ألزمهم في ادوارهم و تضحياتهم في انجاح و السهر على تربية أبناء المغاربة الذين فقدوا الثقة في المدرسة العمومية وفي وظائفها التربوية.الشيء الذي يجعلنا نتسائل في الاخير ان قضية الأساتذة المتعاقدين،ليست قضيتهم و حدهم،بل أنها أصبحت مطروحة للنقاش في كل البيوت و الاسر و في المجتمع المغربي ككل،وتتناقل فضائحه مختلف وسائل الإعلام الدولية لتقوم بتغطية ثاني ملف اجتماعي بأهداف سياسية بعد ملف الصحراء المغربية ،و باملاءات ظرفية اقتصادية لصندوق البنك الدولي،من أجل الالتزام بتعليماته النفعية و البراغماتية. امام هذا الاحتقان الاجتماعي و السياسي الذي اصبح الامر الواقع،قد ينعكس سلبا اجلا ام عاجلا على المدرسة المغربية في غياب السلم التربوي الذي يعد المفتاح الاساس،لاستتباب الامن الاجتماعي قبل فوات الاوان،وذلك بفتح قنوات الحوار وتأسيس لغة التفاوض مع مختلف الفرقاء السياسيين و النقابيين و جميع المتدخلين من أجل احتواء أزمة الأساتذة المتعاقدين الذي أصبح ملفهم جزء لا يمكن تجزيئه عن واقع المجتمع المغربي قبل فوات الاوان.