يبدُو أنّ فيروس كورونا قلب العالم رأسا على عقب، وغَّيَّرَ ثقافةَ وتقاليدَ مُجتمعاتٍ بأكملها، وأدخل العالم في نفقٍ مسدود يصعب الخروج منه، ولم يتبق للعالم إلا التوجه إلى الله سبحانه وتعالى كي يرفع عنا البلاء والوباء، ويكفينا شًرًّ سِياسِيِّينًا الذين يبحثون عن الحلول داخل دائرة الضعفاء فالدول الغربية رغم غناها وقوة إمكانياتها في شتى المجالات، خصوصا ريادة منظومتها الصحية، أوقع بها الفيروس وأدخلها في حسابات عجزت معها ترجيح أيُّ الخياراتِ الناجعةِ التي يجب تبنيها لتجاوز هذه الأزمة الصحية العالمية، فتارة تواجهها بالحجر الشامل والتوقف الكلي لجميع مرافقها الإدارية والتعليمية والاقتصادية، وتارة بالحجر الجُزْئِي وإعطاء الفرصة لالتقاط الأنفاس الاقتصادية وتعويض ما يمكن من الخسائر المرتبطة بتداعيات هذا الفيروس اللعين. والنتيجة تَخَبُّطٌ وارْتِجَالٌ وسوءُ تقديرٍ، واسْتِحالةُ تَوَقُّعُ ما يمكن حدوثه بالغد فما بالك بالمستقبل القريب. أما في مغربنا الحبيب فيصْعُبُ حقا وصف ما فعله الفيروس فينا وفي حكومتنا التي أصدرت قراراتٍ عشوائيةٍ ودون تفكير مُسْبَقٍ بالنتائج الكارثية التي أحدثتها، حيث أصبح أغلب المغاربة بدون دَخْلٍ بعد منعهم من عملهم الذي كانوا يقتاتون منه، وكان على الحكومة التفكير في بَدائِلَ واقعيّةٍ قبل أن تُقْدِمَ على منْع مجموعةٍ من الأنشطة الاقتصادية التي كانت تعتبر متنفسا لمجموعة واسعة من الأسر المغربية، وبدل تراجُعِ أعداد المصابين بالفيروس جَرّاءَ هذه الإجراءات الاحترازية نتَفاجأُ بالارتفاع الصاروخي في عدد المصابين وعجز جميع مستشفياتنا باستقبال هذا الكم الهائل من المرضى وبالتالي انهيار منظومتنا الصحية المتهالكة أصلا قبل ظهور كورونا. فالمستشفى الحسني بالناظور مثلا رفع الراية البيضاء واستسلم للفيروس وأصبح بُؤْرَةً للوباء يصيب كل من يزوره للبحث عن الدواء، امام غيابٍ تام لكل الإمكانيات الطبية، وأصبح أطر هذا المستشفى يصدون المرضى ويأمرونهم بضرورة الحجر الصحي في منازلهم مع تعبئة وصفات دوائية يشترونها من الصيدليات، وذلك دون التأكد بإصابتهم بالمرض لأن المستشفى أصبح عاجزا على إجراء التحاليل الخاصة بكوفيد 19، هذا بطبيعة الحال أمام أنظار وزارة الصحة التي سافرت فيها الصحة إلى مكان بعيد. أمام هذا الوضع الكارثي الذي ابْتُلِينًا به في ظل حكومة اختلط عليها النابل بالحابل، ومجالسُ منتخبة تعتقد أن الأمر لا يخصها ولا يجب الخوضُ فيه لأن الأمر شأن حكومي بحت، أصبح المواطن المغربي بين سندان فقدان الشغل ومطرقة فيروس كورونا. لك الله يا وطني فًسِيّاسِيُّوك في حَجْرِهِم العَاجِي قد أغلقوا جميع الأبواب وينتظرون الفرج من رب الأرباب، فلا دراسة ولا سياسة ولا ميزانية ولا هم يحزنون.