يحتفل العالم في كل يوم من خامس اكتوبر بعيد المدرس كتعبير رمزي و معنوي عن المجهودات المبذولة التي تقوم بها الأسرة التعليمية بنسائها و رجالها،في الارتقاء بجودة التعلمات و العمل على الرفع من ايقاع عملية التكوين لدى المتعلمين انفسهم من أجل مواجهة تحديات المستقبل،وما يفرضه عالم الشغل و الإدماج من تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية،نظرا لانعدام التوازن بين الطلب و العرض في سوق الشغل،الذي تتعقد وثيرته باستمرار. و أكيد،ان ربط هذا الاحتفال العالمي بالمدرس، لا يمكن ان نعزله عن السياق الحقيقي الذي يعاني منه الجسم التعليمي و المدرسي عموما ،وعن المشاكل و المعيقات المرتبطة،بالرغم من المجهودات الكبيرة المبذولة في اصلاح اوضاع منظومة التربية و التعليم في المغرب، وما يتعلق بها من هندسة برامج تكوينية للمدرسين كدعامة أساسية في تأهيل المدرسة العمومية، غير ان وضع المدرسين في النظام الأساسي الحالي ، لا يمكن بأي حال من الاحوال ان يساهم في تطوير أداء المنظومة التربوية بكل ما تستحق من عناية فائقة،نظرا لوجود نظام تعاقدي اكاديمي يفرض حقوقا و التزامات ،دون مراعات شروط الادماج المباشر، كباقي المدرسين الذين يعانون ايضا بدورهم من نظام الفئوية والتهميش وسياسة( فرق- تسد) داخل التراتبية السوسيو-مهنية للمدرسين. ولا يمكن ان نستحتضر اي اصلاح للمنظومة التعليمية في ظل المستجدات الجديدة، و تدفق المعارف التكنولوجية والتربوية.دون الوقوف عند تشخيص الاسباب الرئيسية للمشاكل الاجتماعية و السيكولوجية التي يتخبط فيها رجال و نساء التعليم بفوارقهم وتناقضاتهم في النظام الأساسي الحالي دون استحضار معاناتهم و رغباتهم و حاجياتهم النفسية و الاجتماعية،واعادة الاعتبار لقيمة المدرس المهنية داخل المجتمع. ولا ننسى أن التمثلات والصور الخاطئة التي صاحبت نظرة المجتمع والأسرة والاعلام عموما منذ بدايات تراجع سلطة المدرس و قيمته داخل المجتمع بشكل سريع و منافسته بواسطة انتشار المعرفة التى وفرتها التكنولوجيا حديثا،غير ان ما عاشه العالم من مستجدات مرتبطة بوباء كورونا المستجد، أصبح "التعليم عن بعد " حلا ضروريا لتعويض التعليم الحضوري،حيث لازم التلاميذ بيوتهم من أجل متابعة هذا النمط الجديد من التعلم،ذلك ان أغلبية الأسر لم تستطيع ان تخلق جو الانضباط لابنائهم في مسايرة دروسهم عن بعد،لولا المجهودات المبذولة من قبل مدرسهم في التلقين والتحصيل و التعلم عن بعد. فمهنة التدريس شاقة و متعبة،تستحق كل التقدير والاحترام من الاخرين،ذلك ان المدرس يقوم بوظفتين مزدوجتين:الأولى تربوية فيها استكمال للتنشئة الأسرية و المجتمعية،بينما الثانية تتعلق بما هو معرفي و مهاري لتكوين التلاميذ و المتمدرسين. تأسيسا على ماسبق، لا يمكن ان نتحدث عن اي اصلاح تعليمي و تربوي كيفما كانت اهدافها و مراميه، دون أن نقف عند تحليل مشاكل المدرسين الواقعية، من خلال مقاربة شمولية غير قابلة للتجزيئ و التشييئ،و التعامل مع مهنتهم كشيئ ،أو وسيلة براغماتية من أجل عمل يومي روتيني دون أن نخلق لديهم الرغبة و الاحساس بالحوافز المادية و المعنوية لحب المهنة،وما احترام الدول العظمى لمهنة التدريس و المدرس، دليل على وجود مؤشر موضوعي في تقدم هذه المجتمعات.اذ،لا يمكن لاي اصلاح ان ينجح في مجتمعنا المغربي دون تحقيق مطالب الشغيلة التعليمية،في تحقيق كرامتهم و نيل حقوقهم المشروعة،التي لا يمكن ان نفصلها عن واقع المدرسة العمومية،و انفتاحها عن محيطها الاجتماعي.