الإنسان الأمازيغي كائن إبستيمي، و موضوع أنتروبولوجي، و تجلي سيميولوجي.. هو كائن إبيستيمي لأن الحضارات التي غزته، و استعمرته عبر التاريخ حاولت جاهدة محو كل معالم هويته، الأمر الذي جعله دائم السؤال عن أصوله، و حيثيات نشأته، و تطوره، و مدى مناعته للحفاظ على وجوده و استمراريته.. و هو كذلك موضوع أنتربولوجي بالحمولة الثقافية و الحضارية لدياناته ، و معتقداته، وعاداته، و تقاليده، و طقوسه، و أنشطته، و موروثه... و هو أيضا تجلي سيميولوجي ذو رسالة بصرية لها أبعاد أنثروبولوجية واجتماعية وفطرية إنسانية... هو إذن يُقوّي كل يوم مناعته للحفاظ على هويته، و يمارس طقوسه الأزلية لاستمرار إشعاع ثقافته، و و يزاول أنشطته لتكتمل صورته.. لا يمكن تخيّل نمطية عيش الإنسان الأمازيغي دون العلامات (الدالات السيميولوجية) التي تميزه: و منها الوشم، و وسائل الزينة، و الأهازيج الغنائية، و الرقص، و الآلات الموسيقية، و أنوع الألبسة و تصميماتها، و هندسة المعمار، و ديكورات و إكسيسوارات البيوت، و الأدوات المهنية الفلاحية منها و الحرفية، و المراسيم الاحتفالية... الصورة عند الإنسان الأمازيغي علامات تتجلى من خلال: الصوت، و الحركة، و اللون، و الديكور العام.. لذا تتميز آليات تعبيره بالشعر و بالغناء و بالحكاية نثرا و سردا بالأساليب التصويرية ( الصورة الخارجية منها التي تعبر عن الفضاء العام كرأسمال لا مادي متوارث، و الصورة الداخلية التي تفرز مجازيا و رمزيا المكنونات الباطنية للذات في صراعها الأبدي داخل معركة الحياة مع مصيرها).. خصوصية هذا الواقع الأمازيغي هي التي جعلت صديقي الفنان الأمازيغي الأستاذ علي تيتاي يخضع لميولاته الثقافية الجينية، ليخوض غمار التعبير عن وجوده و ماهيته و كنهه و وظيفته عبر الصور بكل تمظهراتها السيميولوجية: الصورة الشعرية، و الصورة الموسيقية، و الصورة السردية، و الصورة كمشاهد مسرحية، و الصورة الفوتوغرافية، و الصورة السنيمائية...