"كذبوا علي، وسرقوا مني جواز سفري، وبطاقة إقامتي، أريد أن أعيش حرة، لكنهم وقفوا ضد إرادتي، هنا في مخيمات تندوف الحرارة تصل إلى 50 درجة، أحس بالاختناق، والناس يتربصون بي..الحياة هنا كالجحيم، السكان يفتقدون إلى أبسط شروط العيش، أطالب الكل بالتدخل لإنقاذي، أريد العودة إلى إسبانيا". بهذه الكلمات المؤثرة عبرت الشابة الصحراوية، نجيبة محمد بلقاسم، في تصريح لصحيفة اسبانية عبر الهاتف، عن حالتها النفسية تحت وطأة الاحتجاز من قبل جبهة البوليساريو الانفصالية، كما طالبت الإعلام الدولي بالاهتمام بقضيتها حتى تتمكن من العودة إلى الجارة الشمالية. الشابة نجيبة، 23 سنة، تعيش باسبانيا ضمن برنامج "عطلة في سلام" الذي تشرف عليه حكومة الأندلس، إذ أنها تستقبل العشرات من الأطفال القادمين من تندوف، كما تتكلف أسر إسبانية بشكل تطوعي بعملية إيوائهم، لكنها الآن محتجزة من قبل عناصر جبهة البوليساريو الانفصالية منذ شتنبر 2013. غادرت نجيبة حينها المملكة الأيبيرية في اتجاه مسقط رأسها، لتتحول حياتها إلى مأساة أثرت على حالتها النفسية والصحية، سيما أن عائلتها أخبرتها بأنها لن تعود مجددا إلى إسبانيا، وستبقى لشهور لتعلم اللهجة الحسانية، وقد مرت سنة و5 أشهر، وأصبح من الصعب العودة خاصة أنهم قاموا بسرقة جميع وثائقها. عائلة نجيبة بالتبني، والمقيمة بمنطقة "Huelva التابعة لإقليم الأندلس، بادرت بدعم من مجموعة من المنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية، إلى إنشاء عريضة تطالب بتمتيعها بالحرية، كما تقدمت بدعوى لدى محكمة "لا بالماد يل كوندادوا"، من أجل الحصول على المساعدة القضائية، والتعريف بقضيتها لدى الرأي العام الاسباني والدولي. وأورد خوصي ماريا كونطريراس، أب نجيبة بالتبني، في تصريح لصحيفة "Lavanguardia" الإسبانية، أن الشابة رفضت البقاء بتندوف، نظرا لعدم قدرتها على تحمل حياة المخيمات الصعبة بعدما ألفت العيش باسبانيا في ظروف مريحة، خاصة أنها عاشت لما يزيد عن 13 عاما باسبانيا. ولفت الأب إلى الحالة الصحية لنجيبة، وقال إنها تعاني من صداع على مستوى الركبة، ما يتطلب علاجا طبيا لوقت طويل، وهو ما لم يتحقق بعد، رغم أن العائلة مواظبة على اصطحابها إلى مستشفى "Virgen del Rocio" بمدينة اشبيلية حيث تتلقى العناية الطبية اللازمة. وتابع خوصي بأن نجيبة أكثر اندماجا مع الثقافة الاسبانية، وتعيش حياة سعيدة، وكان دائما ينصحها بزيارة عائلتها، كما أن "البعثة الصحراوية باسبانيا" وفرت لها شروط المغادرة، "لكني لم أكن أتوقع أنه سيتم احتجازها من قبل جبهة البوليساريو، بذريعة تعلم اللهجة الحسانية في 3 شهور، لتتحول المدة إلى سنتين". وتابع المتحدث "صادرت البوليساريو من نجيبة جميع الوثائق من جواز سفر جزائري، وبطاقة الإقامة، وذلك بهدف تعقيد عودتها إلى اسبانيا"، مضيفا بأن الحكومة الاسبانية لن تتحرك كون المحتجزة لا تتوفر على الجنسية الاسبانية، ويرى أنه من الممكن إطلاق سراحها عبر ضغط إعلامي كالذي عرفته قضية الفتاة محجوبة". في غضون ذلك، قال بشراية بيون، الناطق الرسمي لما يدعى ب "بعثة جبهة البوليساريو" بمدريد، إن مشكلة هؤلاء الأطفال الذين يغادرون تندوف للعيش مع أسر بالتبني فوق التراب الاسباني، غالبا ما يصبحوا مندمجين أكثر في المجتمع الاسباني وينسون انتمائهم الأصلي لجبهة البوليساريو بمخيمات تندوف". وأفاد إبيديم بشراية، ممثل جبهة البوليساريو بمدينة الأندلس، أن هذه الواقعة تعكس بالملموس الوضع اللا إنساني والمأساوي بمخيمات تندوف، وهو ما يدفع الأسر إلى إرسال أبنائها لاسبانيا تفاديا لهذه الظروف الصعبة، كما أنه على قيادات البوليساريو احترام إرادة الشابة نجيبة باعتبارها تجاوزت سن البلوغ ولها حرية اختيار ما تشاء". ومن جهته، علق ماريسول راميريث، أحد النشطاء الحقوقيين، بأنه لا يمكن للصحراويين المطالبة ب"الحرية" بينما يقفون ضد إرادة شابة في ظل نظام الوصاية القبلية، مبديا رغبته في التحرك إلى أن يتم تحريرها من قبضة الانفصاليين".