يوم الأربعاء الأخير انطلق سيرك "مونتي كارلو" في تقديم عروضه بالحسيمة، وذلك بالمصلى الوحيد الذي تتوفر عليه المدينة، وستستمر عروضه إلى يومه الأحد المقبل، إذ تعتبر هذه الجولة الثانية من نوعها التي يقوم خلالها سيرك "مونتي كارلو" بتقديم عروض له بالحسيمة، موفرا بذلك مجالا ترفيهيا مميزا ونوعيا. قبل الانطلاق بيوم واحد، أي يوم الثلاثاء بالضبط، انطلق موكب مشكّل من أربع فيلة وشاحنتين من الحجم الكبير، قطع عرض شارع بئر أنزران، مارا بمحاذاة الإعدادية الجديدة، فتسابقت جحافل التلاميذ والمواطنين لمشاهدة منظر مهيب قل نظيره بالمنطقة، وهو العرض المضمّن الشوارعَ بمراقبة عناصر من الشرطة في إجراء حارس مفرط يُخال منه أنّ أحدا ما سيعمد لسرقة فيل بأكمله. وقد تسبب الموكب السيركي في عرقلة حركة المرور بدءً من حديقة ال3 من مارس، مرورا بشارع بئر أنزران، ووصولا إلى مصلى المدينة، إذ دامت العرقلة لساعة ونيف، ولم يساهم سوى المشهد المهيب للفيلة الدّابة على أرض الحسيمة في التخفيف من حنق المواطنين وغضبهم، في حين استُغل الظرف كم لدن سيرك "مونتي كارلو" للدعاية والترويج المجاني لعروضها وسط ارتجال أمني أغفل ضبط حركة المرور جوبه بتفعيل مشاورات جمعوية رامية لطلب تفسيرات من مسؤولي الأمن الإقليمي. علاقة بفضاء استقبال سيرك "مونتي كارلو"، نعود إلى ما قبل أسبوع من الآن، وبالضبط إلى إحدى جلسات الحوار المفعّلة بين بين رجالات الإدارة الترابية المُعيّنة ونقابة تجار سوق "ميرادور"، حيث تقدمت النقابة المذكورة بمقترح راغب في العمل على ترحيل التجار إلى مصلى المدينة انتظارا لتسوية الملفّات العالقة، فكان رد باشا المدينة جاعلا من المقترح مستحيلا على التنفيذ في استناد لقدسية وحرمة المكان وما يمثله من رمزية دينية إسلامية لدى ساكنة المدينة.. قبل أن يفاجأ الكلّ هذا الأسبوع، وأوّلهم تجار سوق "ميرادور"، بعد الموافقة الفورية على تخصيص رحاب نفس المصلى المقدس لفرقة سيرك "مونتي كارلو" بحيواناتها التي تعتبر في الشرع الاسلامي دنسا ونجاسة، ويحرّم شرعا وطؤها مساجد المسلمين ومصلياتهم مهما كان الحال ، وهو ما دفع أحد التجار إلى القول بأن فتوى الإدارة الترابية واضحة ولا مجال للجوء إلى المفسّرين بشأنها، موردا: "تجار سوق ميرادور أكثر دنسا من هذه الحيوانات". البادرة التدبيرية الغير مفهومة، والتي حاول بعض "المجتهدين" ربطها بمؤقتية عروض السيرك، في تناس لتفسير باشا الحسيمة، أثارة استغراب عدد من المواطنين جرّاء اكتفاء المجلس العلمي المحلي ومندوبية الأوقاف والشؤون الاسلامية بالحسيمة الصمت التّام، وذلك في ربط يفيد إمكانية وجود تعليمات صادرة من جهات ما بعدم التعرض دينيا للموضوع. وفي ربط ذي صلة، سبق وأن أثير موضوع قدسية المصلى الوحيد بالمدينة خلال العام المنصرم، وولّد ردود فعل سلبية لدى عدد من الهيئات المدنية التي وصلت إلى حد إصدار بيانات تنديد تعبّر عن استياء عام لدى جلّ مواطني المدينة.. لكن الغريب ضمن المستجدّات هو صمت كافة مكونات المجتمع المدني بالحسيمة عن معالجة الموضوع، في حين عبّر عدد من الملتزمين دينيا استعدادهم لتجاوز المحليات برفع طلبات فتوى للمجلس العلمي الأعلى، وهيئات إسلامية عبر العالم، استفسارا عن "جواز الصلاة ضمن مصلّى يُعبث به تدبيريا وحيوانيا".. في حين يبدي البعض اهتماما أكبر لإعفاء ضريبي قدّم لإدارة سيرك "مونتي كارلو"، وهي الإعفاءات التي تجعلها في حلّ من أيّ رسم جبائي كمقابل لاستغلال فضاء العرض أو إدراج لوحات الإشهار بالشارع العام".