أضحى المهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور حدثا عالميا ووطنيا ذي صيت إعلامي متميز وإستعداد تقني جد إحترافي، ما سيجعل من الناظور قبلة هامة للعديد من الوجوه الفنية والإعلامية والثقافية، عربية ومغربية وأورومتوسطية.. ومما يميز النسخة الثالثة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة، هو التطور التقني والفني والأدبي الملحوظ للمهرجان، حيث تختلف آراء الكثير من المتتبعين للشأن الثقافي والفني بالمغرب عن الرسالة الفنية والأدبية للمهرجان، لكن تبقى كفة التنويه بمجهودات منظمي المهرجان أكثر وزنا وأهمية، إذ يزداد بريق المهرجان أمام كل الصعوبات والضغوطات المادية للمهرجان، إضافة لموضوع القاعة السينمائية. سينما الريف وموت المهرجانات لقد شكل هدم سينما الريف سنة 2007، منعطفا فنيا وثقافيا إنعكس على مستقبل الأحداث الفنية والثقافية سلبيا لسنوات عديدة ومازال، فرغم التقدم الحداثي والتقني للمهرجانات بالناظور، ورغم التحولات الديموغرافية للمنطقة وإتعكاساتها الإيجابية على تطور الشأن الثقافي والفني، ورغم الوعي الإعلامي وتطوره بشكل ملحوظ، خلفت سينما الريف جروحا عميقة في مختلف هذه الأحداث، وشكلت ضعفا أدبيا وثقافيا هاما، وينطبق هذا على المهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة أيضا. وقد تسبب غياب القاعات السينمائية بالناظور أيضا في موت العديد من المهرجانات واللقاءات السينمائية بالناظور، منها المهرجان الوطني للفيلم القصير الذي كانت تنظمه جمعية أزول للثقافة والفنون والتنمية، ومهرجان مبدعي الفيلم القصير الذي نظمت منه نسخة واحدة بالمركب الثقافي بالناظور من طرف نادي أكسيون للسينما، والمهرجان الدولي للفيلم القصير النسائي الذي كانت تنظمه جمعية أكراو. كلها مهرجانات شكل غياب القاعات السينمائية والدعم المادي أساسا لإندثارها وغيابها عن الساحة الفنية والثقافية بالمنطقة، وأعتماد المركب الثقافي الكورنيش بالناظور فضاءا "مؤقتا " للإستغلال "الغير مناسب" للقاءات الفنية السينمائية. القاعات السينمائية، والسينما الريفية لا يخفى على أحد اليوم أن السينما الريفية لا تشاهد في الريف، وأن الأفلام الأمازيغية الريفية أو غيرها تعرض في الصالات السينمائية المغربية بالرباط والدارالبيضاء وفاس ومراكش وطنجة، وتبقى منطقة الريف دون هوية ثقافية فنية سينمائية. ورغم المجهودات الكبيرة للمنتجين السينمائيين بالريف والناظور على الخصوص، تبقى الإنتاجات السينمائية لهؤلاء حبيسة ديار غير ديارهم، وتعرض في دول ومدن تعرف قيم الثقافة والفن والسينما بكل اللغات. وأخيرا، وليس آخرا، هل سيتغلب مهرجان سينما الذاكرة المشتركة على عائق الصالة السينمائية؟ هل سيكون رضا المتتبعين والنخبة الفنية للناظور في مستوى المهرجان؟ هل ستبقى مدينة الناظور دون قاعة سينمائية؟ هل ستبقى الأفلام السينمائية الريفية مشتتة بين الصالات السينمائية المغربية دون الريف؟، كلها أسئلة يطرحها المتتبعون للشأن الثقافي والفني والسينمائي بالريف، وتبقى رهينة إنتظار الأجوبة من جهات لا يعلمها أحد.