رغم توجيه الملك محمد السادس، في خطاب العرش، نداءا ملحا للجزائر بهدف تطبيع العلاقات بين البلدين وفتح الحدود، والتوصل إلى حل " سياسي توافقي ونهائي " لنزاع الصحراء، إلا أن الجزائر ما زالت تصر على موقفها المرتكز على " طرح هذه القضية في إطار عام، وليس منعزل ". وساءت العلاقات كثيرا بين البلدين الجارين بسبب النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، التي ستكون محط نقاش في لقاء غير رسمي، الأسبوع المقبل، في النمسا بين المغرب والبوليساريو، إلى جانب الجزائر، وموريتانيا. جذور الأزمة مختلفة، غير أن السبيل إلى تجاوزها ليس له سوى مسلك واحد هو قطف ثمرة فتح الحدود أولا، ثم الجلوس فيما بعد لمناقشة كل ما كان يعكر الأجواء بين بلدين، والنظر إلى المستقبل برؤية أخرى تنبني أساسا على تحقيق المصلحة العليا للشعبين، حسب ما يراه محللون، الذين يؤكدون أن سياسة إغلاق الباب لا تعود بالفائدة على أي أحد، إلا من يريد القضاء على فرص التنمية في المنطقة. وقال محمد الغماري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني في الدارالبيضاء، "يمكن أن يكون هناك توافق بين المغرب والجزائر، لكنه لن يكون سريعا، إذ يجب أن يكون هناك نقاش مستفيض يسهل عملية فتح الحدود". وذكر الغماري، ، أنه "يجب أن يكون هناك نقاش يرتكز بالأساس على مسألة فتح الحدود والتصالح الكامل، ثم تأتي فيما بعد مسألة حل باقي القضايا العالقة". وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن "الإغلاق سلبي للغاية، إذ يتضرر منه البلدين، وخاصة السكان، الذين تجمعهم روابط عميقة ومشتركة"، مبرزا أن المشكل الأساسي وراء توتر العلاقات هي قضية الصحراء المغربية. ولا يوجد هناك تناغم بين الاقتصاديين و"فقهاء السياسة" بالجزائر، حيث طالب، في سابقة اقتصادية يتم التعبير عنها علانية، اتحاد المقاولات الجزائري، بإلغاء إغلاق، الذي يكبد اقتصاد البلدين خسائر كبيرة، ويحول دون انسياب المبادلات التجارية بين بلدان المغرب العربي. ومعلوم أن المغرب يتكبد خسائر كبيرة تفوق 05 مليار دولار سنويا بفعل إغلاق الحدود من طرف الجزائر. ويقر البلدان أن كلا منهما دفع ويدفع ثمنا باهظا لتوتر دائم، أسبابه تتبدل وتتغير، وكأنه قدرهما وقدر منطقة تحتل موقعا استراتيجيا في جغرافيا قلقة. ويجمع المراقبون على أن "النزاع الدائر حول الصحراء طال أمده، وأن استمرار التوتر وتدهور العلاقات بين المغرب والجزائر يعيق التعاون الإقليمي حول القضايا الملحة التي تواجهها منطقة شمال إفريقيا"، ويعطل بناء اتحاد المغرب العربي. وكان العاهل المغربي وصف التوتر وإغلاق الحدود ب"الموقف المؤسف،" قائلا إنه "يتنافى مع الحقوق الأساسية لشعبين جارين شقيقين، في ممارسة حرياتهم الفردية والجماعية، في التنقل والتبادل الإنساني والاقتصادي". وتابع "بنفس الروح المغاربية، سنواصل جهودنا الدؤوبة، وتعاوننا الداعم للمساعي الأممية البناءة، للوصول إلى حل سياسي، توافقي ونهائي،للخلاف الإقليمي حول مغربية صحرائنا". وأكد الملك محمد السادس تمسك بلاده بمبادرة لحكم الذاتي في الإقليم، "لجديتها ومصداقيتها، المشهود بها دوليا، بركائزها الضامنة لحقوق الإنسان، والهادفة لتحقيق المصالحة، ولم الشمل بين كافة أبناء صحرائنا المغربية، وبأفقها المغاربي والجهوي البناء". وكانت الجزائر أغلقت حدودها مع المغرب عام 1994 بعدما فرض المغرب تأشيرة على مواطنيها، إثر اتهام الرباط لجزائريين بتنفيذ "عملية إرهابية" في فندق "أطلس آسني" في مراكش. أيمن بن التهامي