هوايات طريفة ومثيرة للملوك والرؤساء العرب ينزع الأمراء والملوك عباءة الحكم والسلطة للتفرغ إلى هواياتهم المحببة التي قد تتقاطع مع تلك التي يعشقها العامة من الناس. فمبارك يهوى الطيران، والملك محمد السادس الأسفار والخرجات الاستطلاعية، والخيل والبيداء لسلاطين وأمراء الخليج، والغيتار والجيدو والتأمل لحكام الضفة الأخرى في العالم الغربي. بين الرماية والقنص والرياضة تعتبر الهواية متنفسا للإنسان وهربا من ضغط العمل، كما أنها مرآة للشخصية تكشف عن ميل صاحبها وتوجهاته، وزعماء الدول على غرار شعوبهم، لهم هوايات يفلتون بها ولو لساعات من قمة الهرم. بعيدا عن ترسانة الرؤوس النووية والحرب على الإرهاب وخطط السلام الشرق أوسطية، يمارس زعماء العالم هواياتهم المفضلة التي تعكس شخصيتهم الحقيقية، وهي هوايات اكتسبها زعماء المعمورة حسب البيئة والتكوين، تنوعت واختلفت بين الشمال والجنوب، لكنها تقاطعت جميعها في عشق الصيد ومعانقة الطبيعة. فزعماء العرب القابعون على الكرسي لعقود، يمارسون هواية أملتها البيئة الصحراوية، من ركوب الخيل وقرض الشعر، وإن كانت التكنولوجيا والتكوين العلمي لأغلب هؤلاء قد فتحت عليهم آفاق أخرى وقرّبتهم من هوايات عصرية على غرار سباق السيارات وقيادات الطائرات والرياضة، إلا أنهم جميعهم اتفقوا على الرماية والصيد والقنص، رغم أنهم فاشلين في القنص خارج حدود بلدانهم. فالصقر والنسر مرافق آمين الملك محمد السادس وهو يمارس هواية الصيد لملوك العرب في الخليج وشبه الجزيرة العربية، للانقضاض على فريسة مغلوبة على أمرها، ساقها القدر للوقوع بين أيدي زعيم أفلت هو الآخر من صقور البيت الأبيض، فيما اختار باقي زعماء العرب في المشرق والمغرب الرياضة للحفاظ على اللياقة، أو القراءة والإبحار في الشبكة العنكبوتية. وإن كان التنقيب على هوايات الرؤساء والملوك العرب في متناول الجميع، تبقى هوايات الرؤساء الذين مروا على سدة الحكم في الجزائر من المحظورات وسر من أسرار الدولة، إذا استثنينا الشاذلي بن جديد العاشق للرياضة، وقضاء معظم وقته بين أبنائه وأحفاده، ولم يجد الرئيس الذي حكم الجزائر إحدى عشرة سنة حرجا في الجهر بهواياته للصحافة. وبعيدا عن رمال الصحراء العربية، يمارس أقوياء العالم هوايات الصيد للمحافظة على لياقتهم، ذلك أنهم بارعين مع مرتبة الشرف في القنص، على غرار الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران، أو ديك التشيني صقر البيت الأبيض في الحرب على العراق، فيما ألقى جليد روسيا برودته على رئيس روسيا السابق ورئيس وزرائها الحالي بوتين البارع في التزلج براعته في الرياضات القتالية. وتتناقض هوايات بعض الزعماء مع التوجهات السياسية لبلدانهم، على غرار الزعيم الروسي الأسبق ستالين، والذي كان من هواة السينما الأمريكية، فلم تمنعه الحرب الباردة من متابعة أفلام الكاوبوي باهتمام. الملك عبد الله وهو يمارس القنص كان الملك الأردني الراحل الحسين رياضيا دؤوبا وعاشقًا لسياقة السيارات والدراجات الرياضية، كما كان يستمتع بالرياضات المائية والتزلج على الجليد والتنس. ويعرفه هواة الإرسال اللاسلكي حق المعرفة في جميع أرجاء العالم. من جهته، كان الراحل الشيخ زايد حاكم الإمارات العربية المتحدة مولعا بالصيد منذ نعومة أظافره، ومن هواياته ركوب الخيل بعد أن يرتدي غطاء رأس أبيض وجنادًا وحزامًا، وعوض استخدام البندقية بفضل الصيد بالصقور في مراحل حياته الأخيرة ويعشق الشيخ زايد الجمال العربية، وكان يمتلك غزالة وهي أشهر وأجمل ناقة في الجزيرة العربية. من جانبه، كانت هواية الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران الصيد وامتلاك كلاب الصيد، كما أحبّ ميتران الرسم واللوحات الفنية وكان متابعًا جيدًا للسينما. وعرف الرئيس العراقي الراحل صدام حسين من جهته عنه حبه للمطالعة ولا سيما الكتب والنظريات السياسية، وفي فترة حكمه، كان يهتم بجمع المقتنيات واللوحات الفنية، إضافة إلى تأليف الكتب. وفي مراحل عمره الأخيرة بدأ يكتب الشعر والرواية. وبعد سقوط نظامه اكتسب على ما يبدو هواية الاعتناء بالحدائق في السجن، فقد كان يمضي الساعات الثلاث المخصصة للتمرين الجسدي في ري النباتات وتهذيبها في حديقة صغيرة قرب زنزانته، كما قرأ الشعر وهو في السجن. وقد تميّز الرئيس المصري جمال عبد الناصر مثل صدام حسين بحبه للقراءة، حيث كان يقرأ أدبيات الإخوان المسلمين كما قرأ لمحمد مندور وعزيز فهمي، وقرأ مؤلفًا أهداه له أحمد فؤاد.