كعادته، طوال 18 سنة الأخيرة، اختار الشيخ محمد حسين العمودي، الملياردير السعودي الجنسية واليمني الأصل، والإثيوبي المولد، السير على الخطى نفسها في طريقة تعامله مع السلطات المغربية، ليخلف مرة أخرى وعده الذي قطعه على نفسه أمام الجمعية العمومية لشركة "سامير" برفع رأسمال المصفاة، المتوقفة عن العمل منذ أزيد 100 يوم، بقرار أحادي الجانب من طرف مسيرها المثير للجدل جمال باعامر، والقاضي بضخ ما يناهز 672 مليون دولار في رأسمالها. الملياردير العمودي، وعوض البحث عن الموارد المالية الكفيلة بتجاوز أزمة مديونيته الفلكية التي راكمها على "سامير"، والتي بلغت 42.5 مليار درهم، اختار عدم البدء في عملية تسديد ديونه، وعاد من جديد بعث رسائل إعلامية من الرياض ولندن، يطالب من خلالها وزير المالية المغربي بضرورة الجلوس معه من جديد للتفاوض بشأن المشاكل المالية والمديونية التي تتخبط فيها مجموعته، في محاولة "يائسة" للضغط على الحكومة من أجل الرضوخ لمطالبه. هذه المحاولات المتكررة للملياردير من أجل استقباله من طرف وزراء مغاربة تأتي في الوقت الذي أكدت مصادر هسبريس أنه لا وجود لأي نية لدى وزراء الداخلية، والمالية، والطاقة، والشؤون العامة، لعقد اجتماع جديد مع الملياردير السعودي، محمد حسين العمودي، للتفاوض بشأن حلول بديلة غير تلك التي فرضتها الحكومة، والتي تتلخص في سداد ديون الجمارك التي تزيد عن 13 مليار درهم. وفي وقت أكد مسؤول حكومي لهسبريس أن الدولة تتوفر على "الخطة رقم 2" لمواجهة أي طارئ في ما يخص أزمة "سامير"، قال مسؤول مقرب من جمال باعامر، الذي انتقل ليستقر مؤقتا في المملكة العربية السعودية، والعمودي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "الأخير ربط بشكل واضح مسألة استقدام الأموال اللازمة لرفع رأسمال "سامير" بما يربو عن 672 مليون دولار، وما يزيد عن 5 ملايير درهم كشطر أول من الديون المستحقة للجمارك، التي يبلغ مجموعها 13 مليار درهم، بضرورة جلوس وزير المالية معه على الطاولة، وهو الطلب نفسه الذي جوبه بالرفض طوال الأسابيع الأخيرة الماضية، بعدما عقد اجتماعه الشهير في بداية الأزمة مع كل من وزراء الداخلية والمالية والطاقة، والذين عبروا بشكل صريح عن أن الدولة لن ترضخ لأي ابتزاز كان. وزراء الداخلية والمالية والطاقة كانوا قد رفضوا أيضا، خلال الشهر الماضي، طلب العمودي التدخل لدى البنوك المغربية، التي أقرضت "سامير" مبالغ مالية كبيرة، من أجل إبداء مرونة إزاء إعادة جدولة ديونها ومدها بقروض جديدة لتجاوز الأزمة المالية الخانقة. طلب العمودي كان قد رفضه المسؤولون الحكوميون بالمغرب بشدة، لتلجأ هذه المصارف بعد ذلك إلى حجز ممتلكات الشركة في البلاد، وهو ما قامت به أيضا الحكومة التي حجزت حسابات "سامير" المصرفية ومجموعة من عقاراتها. بالرغم من هذه الصرامة في الرد الحكومي على مطالبه، إلا أن الحصول على قروض مالية جديدة وإعادة جدولة ديونه ظل الهدف الذي يسعى الشيخ العمودي إلى بلوغه، رغم أن الديون المتراكمة على "سامير" تمثل ما يناهز 45 في المائة من حجم ثورته التي تبوئه الرتبة الرابعة عربيا على لائحة أغنياء منطقة الشرق الأوسط. ولا تقف مطالب العمودي عند هذا السقف، إذ كشف عن تشبثه بمراجعة حجم ديون الجمارك البالغة 13 مليار درهم، وفق المسؤولين الحكوميين، معتبرا أن المبلغ الحقيقي لا يتجاوز 10 ملايير دراهم، مطالبا باقتطاع مبلغ 3 ملايير دولار من إجمالي هذا الدين، على اعتباره ضريبة على القيمة المضافة التي يطالب الدولة بإرجاعها، رغم أن الأمر يتعلق بإدارتين مستقلتين ماليا وإداريا في النظام الجبائي المغربي. وبالرغم من هذه المناورات، فإن كبار المسؤولين السعوديين ما زالوا يواصلون ضغوطهم على العمودي من أجل إيجاد مخرج لأزمة شركة "سامير"، وهي الأزمة التي أثرت سلبا على سمعته المالية في السوقين السعودي والعالمي، بعدما عمد إلى إيقاف سلسلة الإنتاج الصناعي بمصفاة المحمدية في السادس من غشت الماضي، في قرار أحادي الجانب اتخذه جمال باعامر بمعرفة من الملياردير.