سيدة عاطفيةٌ، وزوجُها متقلِّبُ المزاج، وَدُودٌ مع غيرها وقاسٍ معها، يُرْضِي غيرها على حسابها، وتعيش مع أولادها كالغرباء في البيت، وهي نادمة على الزواج منه، وتسأل عن مخرج لما هي فيه. ♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أنا سيدة متزوجة منذ سنين، كان زوجي متزوجًا قبلي ولديه طفلة، وهي اليوم متزوجة وأُمٌّ لطفلة! ولا أستطيع أن أنسى هذا مُطلقًا!
لا أدري لماذا؟ هل لأني لم أستَطِعْ فَهْم زوجي إلى الآن؟ لا أدري.
زوجي رجل مزاجي، وأنا عاطفية، وقد قبلته زوجًا عندما كنتُ صغيرة وهو يكبرني سنًّا رغم رفْضِ أمي له!
لقد حاصرني مِن كل الجوانب، فلا أخرج وحدي، ولا يتركني أذهب لأهلي إلا نادرًا، وطلب مني أن أستقيلَ مِن عملي!
زوجي وَدُودٌ مع غيري وقاسٍ معي، يُرْضِي غيرنا على حسابنا، ويحاسبنا على كل كبيرة وصغيرةٍ، حتى إننا أصبحنا وكأننا غُرباء في البيت، كلٌّ منا مُنْزَوٍ في غرفته خوفًا من أن يأتيَ ويرانا نضحك ونلعب وهو ليس معنا!
لا أدري هل أكون مبالغةً إذا قلتُ: إنني ندمتُ بعد كل هذه السنين من زواجي منه؟!
لكن صدِّقوني: إنها الحقيقة!
ضاع عمري وشبابي وحياتي سُدًى معه، وهو ربح كل شيء، أعاني إلى يومنا هذا من هذا الزواج، لكن الحمد لله الذي وهَب لي ذريةً، وأنا أُناضل لأجلهم، ولن أسمح له أن يُحَطِّمَهُم كما فعل معي!
أرجو أن تعينوني بكلماتكم لعلها تكون لي مخرجًا مما أنا فيه.
وجزاكم الله خيرًا الجواب
بسم الله الموفق للصواب وهو المستعان
سلامٌ عليك، أما بعدُ: فلا ريب أنَّ مَن أساء لنفسه حظَّ اختيار شريك الحياة الزوجية فقد قوَّضَ بيديه سعادته الزوجية، واستقراره النفسي والعاطفي، ولعلك لا تُلامين على سوء اختيارك نظرًا لحَدَاثَة سنِّك في ذلك الوقت، ولكنك تُلامين على البقاء في هذه الحياة رغم انعدام شعورك فيها بالمودة والسكينة والرضا، وهي المشاعرُ الإيجابية التي أرادها اللهُ لك مِن سُنَّة الزواج!
الحياةُ الزوجيةُ قرارٌ واختيار، فإما أن تفارقي زوجك غير آسفة، أو أن ترضي بالعيش معه غير نادمة! والأمر إليك، فاختاري لنفسك الحياة التي تستحقينها!
الزوجُ المبتعد عاطفيًّا اللطيفُ الكريمُ مع الغرباء والأصدقاء - مشكلةٌ متكررةٌ عند بعض الأزواج، وللزوجاتِ يدٌ في تشكيل هذه الشخصية، فطريقةُ تعاملنا مع الآخرين تنعكس على طريقة تعامُلهم معنا، ألم يَقُلِ الله عز وجل: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34].
هذا الدفعُ بالتي هي أحسن، أو الجهد العاطفي الذي تبذلينه مع زوجك، سينعكس إيجابًا على طريقة تعامله معك، ولكن يبدو أنك قد أظهرتِ منذ بداية زواجك عجزًا وخوفًا وجمودًا وجفافًا عاطفيًّا، لذلك شكلتِ لنفسكِ وحياتكِ زوجًا قاسيًا، جامدًا، مبتعدًا، وفي إمكانك إعادةُ تشكيل علاقتك بزوجك إن أردتِ الاستمرار فيها، وأردتِ حقًّا جنْيَ المكاسب الإيجابية منها بتغيير نفسك أولاً، وتغيير أسلوب تعاملك مع زوجك، وتغيير رؤيتك لحياتك الزوجية.
اخرجي مِن كهف الماضي، فنصف استشارتك يعكس مُكُوثك في هذه المرحلة المنتهية من حياتك، دعي الماضي واستمتعي بعيش اللحظة، وتذكَّري أن لديك الكثيرَ مِن المهارات والقدرات، وأمامك العديد مِن الفُرَص التي يتعين انتهازها، فلا تركني لليأس وتُسَلِّمي أجمل ما لديك لأسوأ ما لدى الآخرين.