أنا امرأة متزوِّجة، وزوجي عصبي جدًّا، وشكاك، ويدقِّق في كلِّ شيء، مشكلتي أني كثيرة السؤال والفُضُول، خاصة عن الأشياء والأشخاص الذين لا يحبهم. إذا علمتُ أنه لا يحب شخصًا ما أظل أسأل حتى أعرف السبب! حتى تطوَّر الأمرُ فأصبحتُ أسأل ابني عن الأشخاص الذين لا يحبهم زوجي!! أتصرَّف معه بفضولٍ غريبٍ، مع أنَّ هذه الأسئلة لا تعنيني في شيء لا مِن قريبٍ ولا من بعيدٍ، لم أكن كذلك في الماضي، لكني أصبحتُ أريد أن أعرف كل شيء، حتى عن أمي وإخوتي وأقاربي. أفيدوني، جزاكم الله خيرًا. الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. كما أودُّ أن أُحَيِّي أسلوبك في تقييم ومتابعة التغيُّر الذي طرأ على سلوكياتك وأفكارك وعدم رضاك الواضح عنه، ورغبتك الجادة في إيقافه، وهو أمرٌ يُحْسَب لك، وأتمنى منك أخْذ الإرشادات التالية وتنفيذها بجدٍّ واقتناعٍ، لتؤتي ما يُرجى منها - بإذن الله تعالى.
وأُولى تلك الخطوات تكْمُن في قيامك بالتأمُّل مليًّا في الفترة السابقة التي لم يكنْ لديك فيها أعراض للفضول، وانظري فيها بتمعُّنٍ إلى أمور عديدة؛ مثل: نوع وحجم المسؤوليات التي كنتِ تقومين بها، ونوع الصحبة التي كنتِ تُرافقينها وتأنسين بها، ونوع الهموم الفكرية التي كانتْ تشغلك، وما إلى ذلك.
وبعد وُصولك إلى ذلك قُومي بتَكْرار العملية نفسها، ولكن بالتأمُّل في الفترة التي ظهرتْ عليك فيها أعراضُ الفضول، لتكتشفي ما الذي استجدَّ فيها، مِن صُحبةٍ ورفيقاتٍ، أو انتهاء قيامك بمسؤوليات معينةٍ، أو زوال همومٍ سابقة كانتْ تشغل فكرك كثيرًا، أو استحداث مُتابعة نوع معين مِن البرامج، وما إلى ذلك.
وبعد انتهائك مِن الخطوتين السابقتين، اعْمَدِي لإجراء مُقارنة بين المرحلتين، لتستنبطي منها العامل أو العوامل والأسباب التي استجدَّتْ في حياتك، وتسبَّبَتْ في ظهور هذه الأعراض، وعندها يكون الحلُّ باستبعادها للعودة إلى مرحلة الاتزان والصواب - بإذن الله تعالى.
كما أنصحك بالانخِراط في أحد الأعمال التطوعيَّة أو الخيرية، وبحسب ما تميل نفسك إلى نوعِه، وقومي بممارسته بشكلٍ دوريٍّ، وبما يتناسب مع مسؤولياتك ووقتك، فإنَّ مِن بعض الفوائد الكثيرة لهذا الأمر هو استقطاب فِكْر المتطوع لتفاصيل العمل فيه، ومن ثم انشغاله وتخليه عن الأفكار والسلوكيات السلبيَّة، كما لا يفوتني أنْ أُذَكِّرك بأهمية التوجُّه إلى الله تعالى بالدعاء ليزيلَ عنك ذلك.
أما عن شُكوك زوجك وعصبيته وأسلوب تعامُله معك، فلا شك أنك تستطيعين الحد منها بشكلٍ كبيرٍ، بسَعْيِك واجتهادك لفَهْمِه، وفهم أسلوب تفكيره وتفسيره للأمور، ثم بالابتعاد عما يُثير غضبه وانفعالاته، فعلى سبيل المثال: إنَّ شعور زوجك بأنَّ لديك فضولًا نحو هذا الشخص أو ذاك، أمرٌ يثير غضبه، ويدفعه لسلوكياتٍ قد لا ترضيك.
والحلُّ يكْمُن بالتأكيد في تغيير (نفسك أولًا)، بنَبْذِ هذا الأمر باقتناع تامٍّ، وهو ما سيتمثل في سلوكك أيضًا، وحينها سيشعر زوجُك بهذا التغيُّر الإيجابي، فينعكس على تعامُلِه معك أيضًا.
وأخيرًا، أختم بالدعاء إلى الله تعالى أن يصلحَ شأنك كله، وما بينك وبين زوجك، وينفع بكما وبذريتكما، وسنسعد بسماع أخبارك الطيبة.شبكة الألوكة