أنا فتاةٌ مُتزوِّجة منذ سبعة أشهر، تزوجتُ بطريقةٍ تقليديةٍ، ولم أكن أحبه، وكانتْ مدة الخطوبة قصيرةً ولم أكنْ أعرف عُيوبَه. بعد الزواج ظهرتْ عيوبُه، وظهَر فارقُ المستوى الاجتماعيِّ والثقافي الكبير، في البدايةِ لم أكنْ أهتمّ بذلك؛ أملًا في أنْ يتغيَّرَ إلى الأفضل!
كان يُعاملني كالخادمةِ، وقد صرَّح بهذا أكثر مِن مرةٍ؛ فكان يقول: أنا تزوجتُك لتخدميني! كذلك يهزأ بي أمام إخوتِه، ويستهزئ بأحلامي وطُموحاتي، كما يخجل مِن الخروج معي إلى الأماكن العامة، وإذا خرجنا فإنه يمشي أمامي، ولا يمشي معي!
كما يرفُض أن يشتريَ لي أي طلبات للبيت، كما أنه لا يرضى أن يذهبَ لأهْلي، بل يتركني أذهب وحدي!
اختلفتُ معه في موضوعٍ، فعاقبَني وهجَرني، وزاد عِنادُه، ولا يسأل عني، ويحرمني مِن المصروف، ويقسو عليَّ، وتغيَّر معي بالكليَّة.
أشكرك على ثقتك في شبكة الألوكة قسم الاستشارات، وهذا هو الطريقُ السليم عندما يُواجه الفرد مشكلةً ما هو البحث عن الحلول، دون اليأس والاستسلام.
إنَّ اختلاف المستوى الثقافي والاجتماعي بين الزوجَيْن مِن أهم أسباب عدم التوافُق الزوجي، فما هو مهم عندك - كالاحترام المتبادَل، والحِوار البنَّاء، والمعاشَرة بالحُسنى، وتقديم الاقتراح، وتقبُّل النَّقْد البنَّاء - لا يُمَثِّل شيئًا مهمًّا بالنسبة له؛ لأنَّ ثقافته عن الزوجة أنها للخدمة وقضاء الحاجة، والذي يظهر لي أنَّ هناك أفكارًا احتِقارِيَّةً للزوجة راسِخة في ذِهْن زوجك؛ والدليلُ على ذلك: عدمُ احترامه لك، والسخرية منك، كما أنه يخشى أن يراه الناس وهو يُظْهِر احترامه لك في السير بجِوارك في الشارع؛ لذلك إمَّا أن يجعلك تسيرين خلفه، أو لا يسير معك مُطلقًا، فصورتُه أمام الناس يُريدها أن تظهرَ أنه صارمٌ مع المرأة، وأنها ليست هي مَن تَقوده، ويؤكِّد ذلك سخريته منك أمام إخوته على حدِّ قولك، والسؤالُ: هل سمعتِ عن أبيه أو رأيتِ منه نفس التعامُل مع والدته؟ أو إخوانه الذكور يتعاملون مع زوجاتهم بنفس الطريقة؟ أو أن فكرة احتقار المرأة من تأثير أصدقائه، وضعفٍ في نفسه يعبِّر عنه بهذه الطريقة؟ نعم فهناك أشخاصٌ يعوضون ويكملون ضعف شخصيتهم في تعامُلهم مع الناس خارج المنزل بالعنف مع الزوجة والأبناء داخل المنزل.
أختي العزيزة، إنَّ معرفتك لمصدر الأفكار والتحقُّق مِن وُجودِها عند زوجك، هو نصف حل مشكلتك، ومِن ثَمَّ عليك باستخدام هذه الوسائل: • ابدَئِي أنت بالاتِّصال به، وطلب اللقاء للحوار حول حياتكما الزوجية، ذَكِّريه بحقوقه عليك، ثم ابدَئي بحقوقك وحقوق أبنائك، واطلُبي منه أن يُوضِّح لك ماذا يريد منك كزوجةٍ، ثم اطلبي منه أن يسمعَ ماذا تريدين كزوجة منه؟ اسأليه عن مدى محبته لله وللرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم احكي له بعضًا مِن قصص تُوَضِّح التعامُل الراقي بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وزوجاته، بمعنى أن تقومي بتوسيع ثقافة زوجك، وأرسلي له رسائل تثقيفية عبر الجوال، أو بأية طريقة متيسِّرة ومتقبلة منه.
• إذا كنت ترين أنه لن يستجيبَ لك بالحوار، فابحثي عن شخصٍ من الممكن أن يصلحَ بينكما.
• حاولي أن تُرسلي له صُحبةً صالحة تساعده على تغيير أفكاره.
• استمرِّي واجتهدي في تثقيفه، وابدئي بتعظيم الله في قلبه أولًا، فإنه إذا أحبَّ الله وعظمه عظَّم شَرْعَهُ الذي يحترم المرأة.
أنت اشتكيت مِن زوجك، ولكن للأسف لم تُوَضِّحي ماذا قدَّمْتِ له لمساعدته، هناك مَن تزوجتْ مُدمن خمر ومخدِّرات، وهناك مَن تزوجتْ مَن له علاقات محرَّمة، سواء مع فتيات أو فتيان، وبتوفيق مِن الله، ثم باجتهادهنَّ، جعلْنَ مِن أزواجهنَّ رجالَ خير وصلاح، لذلك اقرئي عن فنِّ التأثير والإقناع ومهارات التواصُل الجيد، وغيرها من المواضيع ذات العلاقة بالحياة الزوجية.
عزيزتي، أقول لكِ هذا الكلام لتُشَجِّعي نفسك على الاجتهاد معه بكلِّ الوسائل المناسبة لحل المشكلة قبل التفكير في الطلاق، فهو يُشَتِّت الأسرة، كما أنك حامل الآن، كما أوصيك بالرجوع إلى الله، وسؤال نفسك عن مدى قُربك أو بُعدك عن شرع الله - عزَّ وجلَّ - لقوله تعالى : ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، وكذلك لا تطلبي التغيُّر إلى الأفضل والأحسن في الحياة وأنتِ لم تُقدِّمي شيئًا لتتغيَّر حياتُك؛ ولذلك عليك بالإكثار مِن الدعاء والاستغفار؛ ليصلحَ الله حالك، إنه على كل شيء قديرٌ.