إذ يرغب المغرب في اجتذاب عشرة ملايين سائح هذا العام، وهو ما يبدو ممكنا نظرا لأن مواطني الاتحاد الأوروبي يعتبرون المغرب مقصدا سياحيا قريبا وجذابا في آن. لكن أغلب السياج يفضلون النزول في مخيمات أو فنادق رخيصة الثمن، في حين تبقى الفنادق الفخمة الممتدة على الشريط الساحلي خالية. تقول إحدى السائحات: "لست معنية بهذه الفنادق" . وتضيف "أفضل الإطلاع على واقع البلد وتقاليده". في مدينة الجديدة السياحية يوجد شارع محمد السادس الذي تنتشر على جانبيه المقاهي والمطاعم التي تبدو في معظمها خالية ومهجورة. يقول صاحب أحد المقاهي "يأتي السياح فقط لطلب بيتزا ثم يعودون بسرعة الى المخيم لتناولها". تطفل في عام 2004 زار الهولندي هرمان فن بامل المغرب بصحبة بزوجته، لكنهما غادرا البلد قبل الوقت المحدد، لأنهما شعرا بانزعاج كبير من البائعين الذين حرموهم فرصة التمتع بالعطلة. يقول فان بامل: "أنصح الأشخاص الذين يملكون المال أن يتجهوا إلى مناطق سياحية أخرى، لكنني أعي بالطبع أن الأشخاص الذين يتصرفون بتطفل وجشع كبيرين لا يمثلون سوى فئة قليلة من المجتمع المغربي". موت "ميت"، هكذا يصف المستثمرون المغاربة قطاع السياحة في المغرب. إنها منتهية تماما ولا أثر للحياة فيها، وهم لا يقصدون فترات معينة من السنة، لأنهم يعرفون أن أفواج السياح لا تبدأ في التوافد إلا مع حلول شهر أبريل من كل سنة. لكن الواقع هو أن السياح الذين يزورون المغرب لا ينفقون الكثير من المال بسبب الأزمة. يقول صاحب محل في لو غراند بازار Le Grand Bazar في مدينة الجديدة: " عوضا عن السياح يأتي إلينا متسولون". لا يعتبر المغرب البلد الوحيد الذي أضرت الأزمة الاقتصادية بقطاع السياحة فيه، لكن توقيت الأزمة سبب له المزيد من المشاكل، فقد جاءت في الوقت الذي بدأت فيه السياحة تحظى باهتمام أكبر كأحد أهم ركائز الاقتصاد المغربي بقدوم الملك محمد السادس، وكان من المقرر ان تكون هذه السنة سنة الذروة بالنسبة لقطاع السياحة المغربي. أسبوع إلى مراكش يرغب المغرب في استقطاب 10 ملايين سائح خلال هذا العام، وهو الهدف الذي عملت على بلوغه كل الجهات المسئولة. ولا احد في المغرب يشك في أن هذا الهدف سيتحقق هذا العام، للأن الاهتمام بالمغرب كبلد سياحي جذاب في تنام مستمر، حتى لدى الهولنديين أنفسهم، وقد زار المغرب العام الماضي 443 ألف سائح هولندي وهو ما يدل على أن المغرب يسير في خط تصاعدي. "أسمع، أكثر من السابق، أناسا من حولي يقولون إنهم ذاهبون في أسبوع إجازة الى مراكش أو الصويرة". هكذا تقول مايكه افرلينك من مدينة خروننغن التي ستذهب هذا الأسبوع في إجازة إلى المغرب. " افهم هذا الاهتمام المتزايد بالمغرب فهذا البلد لا يبعد عن هولندا سوى 3 ساعات فقط بالطائرة، تكون بعدها في عالم سحري مختلف وطقس خلاب". النوم في الحديقة لكن ما الذي سيجنيه المغاربة من هؤلاء السياح إذا كانوا شحيحين في إنفاقهم؟ في نوفمبر الماضي أعلنت صحيفة الصباح المغربية عن تطور مزعج وهو أن السياح الأجانب تمركزوا بالكامل في الفنادق الصغيرة والرخيصة، وهذا لا يشمل فقط السياح الرحل، بل حتى العائلات "الراقية" اختارت بدورها النزول في غرف تستوجب مشاركتها الحمام والمطبخ مع آخرين، وقد وصل الأمر ببعضهم إلى النوم في الحديقة مقابل 2,5 يورو لليلة الواحدة. المنتجعات الفخمة كل هذا لم يمنع المغرب من تشييد 6 منتجعات فاخرة، واحد في الشمال على سواحل البحر الأبيض المتوسط وخمسة على المحيط الأطلسي، القصد منها استقطاب العشرة ملايين سائح الذين يرغب المغرب في اجتذابهم. يقول رشيد نيني رئيس تحرير جريدة المساء المغربية: " لمن يشيدون هذه المنتجعات؟" ليس للسياح الأجانب، كما يبدو من كلامه لان هؤلاء ينتشرون في المخيمات ويشترون علب السردين للعشاء . نفور السياح من هذه المنتجعات لا يعود فقط إلى أسعارها بل هناك أسباب أخرى، تقول ايفرنك: " إنها بمثابة المستعمرات السياحية الصغيرة التي يمكن أن تجدها في كل أنحاء العالم، وليس لها أي علاقة بالمغرب الحقيقي إذ أن أغلب السياح يفضلون التعرف على روح البلد ومشاهدة الأسواق الموجودة في المدن المتوسطية وزيارة المناطق الطبيعية مثل سيدي بوغابة ومولاي بوسلهام، الموجودين شمالا بالقرب من السواحل الأطلسية." إلا أن المكتب السياحي بالصويرة يؤكد على أن هذه المنتجعات هي سوق رابحة، وتعتبر الصويرة من أشهر المدن السياحية الموجودة بالمغرب، وقد بلغت عدد الليالي التي قضاها السياح بفنادق هذه المدينة العام الماضي قرابة 250 ألف ليلة، نصفها في الفنادق صنف 4 و5 نجوم. يقول منصف شفاعي العلوي، مدير أحد الفنادق "الميسورون هم الفئة التي نستهدفها، وهذا هو التصنيف الذي نتوق إليه". في المقابل يعترف العلوي بأن الأرباح قليلة جدا في الوقت الحالي "السواح الذين كانوا ينفقون في السابق 1000 يورو ينفقون الآن 500 فقط."