لندن - تستعد الحكومة البريطانية لسن قوانين جديدة مغلظة بغرض تقييد سلوك المتشددين وحظر الانضمام لجماعات تروج للعنف والتطرف ومطالبة السجون ووسائل الإعلام والمدارس والجامعات بأن تلعب دورا أكبر في كبح النزعات المتشددة لدى الإسلاميين في المملكة المتحدة وذلك مع تزايد المخاوف من توسع نفوذ المتطرفين في البلاد. أبدت بريطانيا على لسان وزير خارجيتها فيليب هاموند قلقها العميق من توسع رقعة عمليات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش سابقا) لتطال أراضي المملكة. وقال هاموند إن “تنظيم الدولة الإسلامية يحول مساحات واسعة من العراقوسوريا منصات لإطلاق هجمات إرهابية على الدول الغربية”، مشيرا إلى أن مسلحي التنظيم الذي وصفهم ب”المتمردين السنة” سيسعون آجلا أو عاجلا لشن ضربات على الأراضي البريطانية، وفق تقرير لصحيفة “صنداي تايمز” نشرته، أمس الأحد، عبر موقعها الإلكتروني. وأعرب المسؤول البريطاني عن غضبه تجاه الجهادي البريطاني المعروف بين زملائه المتطرفين ب”الجهادي جون”، مشيرا إلى أنه يقوض القيم التي يدافع عنها الشعب البريطاني بقيامه بقطع رأس الصحفي الأميركي جيمس فولي. وأشار وزير الخارجية البريطاني إلى أنه من المروع أن نفكر بأن مرتكب هذا الفعل الشنيع يمكن أن يكون قد نشأ في بريطانيا. وقال إنها “خيانة فاضحة لبلدنا وقيمنا وكل ما يقف الشعب البريطانى لأجله”. وبالتزامن مع ذلك، كشف خبراء في الاستخبارات البريطانية “مي 5” و”مي 6” عن توصلهم لتحديد هوية قاتل الصحفي فولي. 69 متشدا بريطانيا اعتقلتهم السلطات لعلاقتهم بالجماعات التكفيرية في الشرق الأوسط وقال مصدر رفيع المستوى في الحكومة البريطانية، لم يكشف عن اسمه، أن المشتبه به هو البريطاني من أصل مصري عبدالمجيد عبدالباري ويبلغ من العمر 23 عاما وكان يعيش منذ عام في منزل تبلغ قيمته 1 مليون جنيه استراليني غرب لندن. وتأتي هذه التصريحات بعد يوم من إعلان وزيرة الداخلية تيريزا ماي عن اعتكاف الحكومة على دراسة مقترحات تتعلق بتشديد القوانين للتعامل مع الإسلاميين المتشددين البريطانيين للحد من تطرفهم. وكانت ماي أفادت في مؤتمر صحفي، أمس الأول، بأن الحكومة تعكف حاليا على سن قوانين غير مسبوقة لمنع الإسلاميين المتشددين داخل بريطانيا من السفر إلى الخارج للقتال، مضيفة أن أمام بلادها شوطا طويلا لمكافحة ما وصفتها ب”العقيدة المتطرفة القاتلة”، الأمر الذي اعتبره، مراقبون، أنه خطوة استباقية قبل حدوث أعمال إرهابية محتملة داخل البلاد. وأكدت أن الأجهزة الأمنية ستقوم بإجراء تحقيقات مع الأشخاص الذين يصرون على السفر للقتال في سورياوالعراق، لافتة بقولها “بالنسبة لأولئك الذين لديهم جنسية مزدوجة فلدينا القدرة على تجريدهم من جنسيتهم واستبعادهم من البلاد”. وذكرت وزيرة الداخلية أنه تم اعتقال 69 شخصا لهم علاقة بالجماعات التكفيرية في سورياوالعراق، مشيرة إلى أن 12 شخصا وجهت إليهم اتهامات تتعلق بالإرهاب فيما مثل 4 فقط من مجملهم أمام القضاء. وفيما لم تتأكد التفاصيل بعد حول تلك القوانين أفادت الوزيرة إن الصلاحيات الجديدة ستسن بغرض تقييد سلوك المتشددين وحظر الانضمام لجماعات تروج للعنف ومطالبة السجون ومحطات البث الإذاعي والتلفزيوني والمدارس والجامعات بأن تلعب دورا أكبر في كبح النزعات المتشددة لدى الإسلاميين. فيليب هاموند: المتمردون السنة سيسعون آجلا أم عاجلا إلى شن ضربات على بريطانيا إلا أن بعض الساسة البريطانيين حذروا من أن اتخاذ أي إجراءات تخدم أغراضا على المدى القصير سعيا إلى نيل التأييد الشعبي قد تنال من الحريات المدنية وتعمق من شعور بعض الشبان المسلمين بالاغتراب داخل المجتمع البريطاني. وفي هذا الصدد، قال بادي أشداون وهو عضو بارز في حزب الديمقراطيين الأحرار في بريطانيا الشريك الأصغر في الحكومة الائتلافية بالبلاد “أخشى ما أخشاه أن نسرف في مزيد من القوانين التي تكبل الحرية”. وقد عبر مسلمون وساسة في بريطانيا عن فزعهم مما بدا أنه ضلوع بريطاني في حادث القتل، الأمر الذي ضاعف المخاوف، بحسب محللين، بشأن عدد الإسلاميين المتشددين من بريطانيا ممن ينضمون للجماعات المسلحة في الخارج ثم يعودون إلى بلادهم وهم أكثر تشددا. وفي غضون تلك الأحداث المتسارعة، أثارت تغريدات امرأة بريطانية ارتبطت بتنظيم الدولة الإسلامية حفيظة العديد من البريطانيين وخاصة السياسيين بعد أن تعهدت بأن تصبح أول امرأة تقطع رأس شخص من المملكة المتحدة أو الولاياتالمتحدة. وغردت خديجة داري في حساب تحت اسم “مهاجرة في الشام” على “تويتر” بأنها تريد أن تصبح أول امرأة بريطانية تقتل بريطانيا أو أميركيا. ووفق تقارير إعلامية نقلا عن مصادر أمنية بريطانية فإنه تم التعرف على اسمها الحقيقي من خلال تتبع الحساب ليتبين أنها مواطنة بريطانية تبلغ من العمر 22 عاما وتقطن في ليويشام جنوب شرق العاصمة لندن. وبحسب العديد من المراقبين فإنه بعد أن بث تنظيم الدولة الإسلامية شريط فيديو يظهر فيه من يشتبه بأنه بريطاني وهو يقطع رأس الصحفي الأميركي جيمس فولي، دفع بحكومة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة على الذين يتبنون الفكر التكفيري المتشدد. كما أوضحوا أن المتشددين البريطانيين باتوا أكثر خطرا من ذي قبل بسبب انغماسهم في الأعمال الوحشية التي يقوم بها تنظيم الدولة الإسلامية الذي لا يعرف حدودا جغرافية لذا كان لزاما على الحكومة أن تقوم بتضيق الخناق عليهم للحد من تحركاتهم غير المتوقعة. يذكر أن ما يناهز عن 500 مواطن بريطاني يقاتلون ضمن صفوف الدولة الإسلامية.