الغيرة غريزة فطرية خلقها الله في الإنسان، مثلها مثل باقي الصفات، فهناك من لديه غيرة معقولة، وهناك من تتعدى عنده اللامعقول فتتحول بذلك إلى شعور مؤلم عندما يرغب الشخص في امتلاك الحبيب و احتكار مشاعره، مما يؤدي إلى خلل في الحياة الزوجية. تلجأ العديد من الزوجات إلى أساليب معينة حتى يشعرن بالحب من خلال إشعال غيرة الأزواج اعتقادا منهن بأن غيرة الزوج دليل على الحب، ولكن في بعض الأحيان إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده، ويصبح الإفراط فيها مرضا يلازم الأزواج ويدمر حياتهم الزوجية. فالغيرة المرضية هي مرض نفسي يشعر فيه الحبيب أن المحبوب امتداد له وملك له وغالبا ما تكون الغيرة في بداية الحياة الزوجية أكثر اشتعالا مقارنة بها في سن النضوج، ويعاني العديد من الأزواج جراء الغيرة المرضية التي أصبحت تطاردهم في حياتهم اليومية وقلبت زواجهم السعيد إلى نكد ومشاجرات تؤدي إلى إنهاء العلاقة الزوجية، وهناك عوامل عديدة تؤدي إلى ظهور الغيرة المرضية في العلاقة الزوجية. حب التملك والتسلط يسببان الغيرة المرضية شعور الزوج بحب شديد تجاه الزوجة قد يجعله يشعر بالتملك والتسلط وأن الزوجة امتداد لممتلكاته، ويزداد حب التملك كلما زادت الغيرة القاتلة، والعديد من الزوجات يعانين نتيجة رغبة الرجل في امتلاكهن وعدم تركهن يعشن بحرية في الحياة الزوجية، وتقول السيدة مريم : «أنا أعاني كثيرا من الغيرة المفرطة لزوجي، فهو يتحكم في تصرفاتي وهو يغار حتى من أقاربي من الرجال عندما يسلمون علي ولا يسمح لي بالخروج من المنزل بمفردي ويشترط علي أن أخرج معه وعند خروجي معه وأتعرض للمعاكسات يقوم بضربي في الشارع مما يسبب لي الإحراج». الإهمال الزوجي أحد أسباب الغيرة المرضية اهتمام أحد الأزواج بالأبناء قد يؤدي لإهمال الزوجين لبعضهما، فالزوجة تشعر بالغيرة عندما يقضي الزوج جميع وقته مع ابنته أو مع أصدقائه، وتشعر أنه لا يوجد من يهتم بها وبمشاكلها وتحس كأنها لوحدها، أما الرجل فيشعر بالغيرة عندما تعتني الأم بمولودها الجديد وتقضي جميع وقتها معه، وهذا ما يؤثر على نفسيته ويشعر أنه فقد العناية التي كانت تقدمها له الزوجة في بداية الزواج مما يجعل الغيرة تزداد يوما بعد يوم إلى أن تصبح مرضية، وفي هذا السياق تقول السيدة ماريا «زوجي يعمل حتى المساء، وهو يقضي بقية وقته مع أصدقائه مما يجعلني أجلس وحيدة في المنزل وهو بهذا لا يراعي شعوري ويهملني، وهذا ما زاد من غيرتي من أصدقائه». رأي الأخصائيين في الغيرة المرضية يقول الأخصائيون أن الغيرة المرضية مرض نفسي ينتج عن شعور أحد الزوجين بعدم الثقة بينهما أو عن شكوك وأوهام تسيطر على تفكيرهما، ويضيفوا أن المرأة شديدة الغيرة من الزوج، ويكون رد فعلها عدوانيا سلبيا يتمثل في المكائد والدسائس تجاه الزوج، فإذا ظهر من المرأة عدوان نفسي واضح نتيجة الغيرة فذلك ليس وليدا للحظة، ولكنها تراكمات قد تصل إلى إلحاق الأذى البدني به، ولذلك يجب على الزوجة أن تلجأ إلى أسلوب التفريغ الموقفي القائم على العتاب واللوم وإظهار إحساسها بالظلم الواقع عليها من قبل الزوج من خلال الفضفضة حتى لا تصل إلى مرحلة الانفجار الكلي المتمثل في أي شكل من أشكال العنف، أما غيرة الرجل إذا اشتدت فإنها قد تؤدي إلى إيذاء الزوجة بضربها أو بأي شكل من أشكال الإيذاء البدني.