.يقولون إن المرأة نصف المجتمع، وأقول، حقيقة، هي كل المجتمع، فهي من تصنع النصف الآخر، بدونها يستحيل وجود النصف الآخر، فهو يتربى وينشأ في كنفها، لذلك، كلما حلت ذكرى ثامن مارس، أجدني في كل مرة حالما بصورة أكثر تشريفا لامرأتنا المغربية، التي أضحت مرادفا لأحقر النعوت، سيما في دول الخليج، وما يصلنا من أخبار عن فتياتنا في سوريا والأردن، مثلا، يندى له الجبين. هذا ما يقع خارج حدود الوطن، أما ما يقع داخل الوطن من سياحة جنسية فهو أمر تحز له النفس ويستنكره كل غيور أبي. أحلم بصورة للمرأة المغربية أكثر احتراما وعفة، صورة المرأة المسلمة، الملتزمة، المثقفة، المربية، المتخلقة، الحنونة، صورة لامرأة ودعت الأمية ونهلت من المعرفة ما يؤهلها لتربية أجيال جهابذة، مستعينة في مهمتها بعلم النفس التربوي، وأدب الطفل، وبيداغوجيات التعلم، صورة لامرأة تخلصت من جميع مظاهر التخلف، امرأة مؤمنة بربها متوكلة عليه، تهابه ولا تشرك به شيئا، امرأة لا تؤثر فيها وصفات "مجمر" من مشعوذ كذاب، امرأة شغلت نفسها عن تتبع عورات الناس من خلال شق النوافذ والأبواب، امرأة أيقنت أن الجنة أقرب إليها من حبل الوريد، بل تكاد تطؤها بقدميها، فتعمل لتحجز لها مكانا أمهات المؤمنين، امرأة تنهل من سير المسلمات الخالدات فتتعلم من شهيدة العشق الإلاهي (رابعة العدوية)، كيف تحب ربها ولا تعصي له أمرا، وتتعلم من صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصاحة القول وقوة الشخصية و الشجاعة، وتتعلم من زينب بنت الحبيب المصطفى كيفية إدارة المنزل، وتدبيره، وعذوبة الحديث، ولطف الطباع، وتفتح الأنوثة، وتتعلم من أم كلثوم بنت خير خلق الله –حبيسة الشعب- بكسر الشين، معنى الصبر حين حبست مع المسلمين في شعب أبي طالب تتضور جوعا ومسغبة وألما طوال ثلاث سنين، وأن تتعلم من الطاهرة سيدة قريش خديجة رضي الله عنها رجاحة العقل، والأدب الجم، والخلق الطيب. ولكن في أمهات المؤمنين أسوة حسنة تجعل منكن منبعا للرقي والازدهار، أما أن تصغين وتتبعن أصوات بعض الجمعيات النسائية التي لا هم لها سوى الدفاع عن الأمور الواهية التي يراد بها حق وراءه باطل ، فإن ذلك لن يزيدنا سوى تأخر عن تأخر. وكل عام وأنتن بألف خير.