.هناك نظرية تقول: كلما تقدم الإنسان في السن صارت حاجته إلى النوم أقل.. ولكن أثبت علماء جامعة كاليفورنيا، يتقدمهم الدكتور دارموند، أن هذه المقولة غير صحيحة. فكل إنسان يحتاج إلى ست أو سبع ساعات يوما.. وإذا استطاع أن يجعلها تسعا أو عشرا فهذا شأنه. ولكي يثبتوا حجة هذه النظرية أتوا بعشرين من كل الفئات: شباب ورجال وشيوخ ليناموا في المعمل. للنوم فقط.. أي يعملون طول اليوم. وعند النوم فقط يجيئون إلى المعمل. وفى غرفة كل منهم تليفون وتلفزيون وكومبيوتر وصحف وكتب، لكي ينام كل واحد على راحته.. فلاحظ العلماء أنهم ينامون ما بين خمس وسبع ساعات. ولم يكن كبار السن أقلهم ساعات في النوم.. وتكررت التجربة مع عدد مماثل وسجلت بالصوت والصورة كل حياتهم ونومهم أيضا.. وثبت لدى العلماء أن الشيوخ لا ينامون أقل.. وإنما هناك بعض الشبان ينامون ساعات أقل.. والمعنى أن الجسم، صغيرا كان أو كبيرا، في حاجة في المتوسط إلى ما بين خمس وست ساعات نوما يوميا. أحكي لك تجربتي: لا أذكر أنني نمت هذه الساعات. ربما نمتها وأنا طفل. ولكن في سنوات الوعي لا أذكر أنني نمتها. ولا أعرف السبب. ولكن عندي شعور دائم بأنني في حاجة إلى النوم ولا حاجة بي إلى الطعام أو الشراب. وأحيانا أتناول المنومات ولا أنام، ولا أتعب من انتظاري مجيء النوم فلا يجيء.. فأنفض الغطاء عني. وأنا أتغطي باللحاف صيفا وشتاء وبلا تكييف. وأذهب إلى المكتب أقرأ وأحاول أن أكتب. فأنا جائع نوما أبدا.. وقد يحدث أن يغلبني النوم في السيارة خمس أو عشر دقائق.. فهذا معناه أنني أنفقت كل رصيدي من النوم. فلا أنام حتى الصباح. وهذه الدقائق تُذهب عني الإرهاق تماما. ويجيء موعد النوم. الموعد جاء والنوم لا يجيء.. ومنذ أيام جربت أن أتعاطى جرعة منومة قوية.. والمصيبة أنني كنت مشغولا بكتابة مقدمة كتاب فلسفي.. وتسلطت الأفكار والآراء وعصفت بالنوم لا يوما ولكن ثلاثة أيام! رحم الله والدي كان يقول لي: عد من واحد لعشرة. وسوف أنام قبل أن تصل إلى عشرة.. ولا أكاد أقول: أربعة، حتى يكون أبي قد ذهب به النوم بعيدا. لم أرث هذه النعمة من أبي ولكن ورثت الخوف من البرد عن أمي.. وتشخيص ما عندي هو البرودة والأرق!