سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في مقابلة مع الدكتور عز الدين توفيق حول الشباب والصيف ليس هناك "وقت ثالث" في حياة المسلم.. والمعركة مع الشيطان حقيقية.. والعطلة ليست مناسبة لقتل الوقت..!
ارتبط فصل الصيف في أذهان العديد من شبابنا بالانطلاق والانعتاق من "حدود" العمل و"قيود" الدراسة! وإذا علمنا أن الصيف هو فصل العطل السنوية التي قد تصل إلى 3 أشهر، فإننا ندرك ضخامة حجم الساعات التي يهدرها بعض شبابنا بعيدا عن اكتساب علم نافع أوالقيام بعمل صالح، ومن أجل مساعدة الشباب لاستثمار أوقات الفراغ التي يوفرها فصل الصيف هذا، كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور عز الدين توفيق، حيث يؤكد على أن الاستفادة من الوقت تعتبر من الثوابت التي لا تتغير مع مراحل العمر، ويذكر الدكتور أن الوقت كله عند المسلم هو من النوع الأول وليس هناك وقت ثالث، كما أن الإجازة ليست مناسبة لقتل الوقت، وسيحدثنا الخطيب الدكتور عز الدين توفيق عن كيفية إحياء عبادة "التفكر" و"التدبر" في حياتنا، بالإضافة إلى تحفيز الشباب ليكون مستحقا لمباهاة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، داعيا إياهم إلى ضرورة التخطيط والبرمجة والتفكير المستقبلي. وهذا نص المقابلة: في ندوتكم التي نظمتموها مؤخرا بمناسبة انتهاء الموسم الوعظي جددتم الدعوة إلى رفع شعار "الوقت هو الحياة" ما دور رفع مثل هذا الشعار في أوقات معينة؟ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وأصحابه أجمعين وعلى من تبعهم ودعا بدعوتهم إلى يوم الدين وبعد: هذا الشعار قول مأثور وكان الشيخ حسن البنا رحمه الله يتمثل به كذلك أن الواجبات أكبر من الأوقات، استفد من وقتك وأعن غيرك على الاستفادة منه، وشعار "الوقت هو الحياة" مأخوذ من آيات قرآنية وأحاديث نبوية تحث على اغتنام الوقت والاستفادة منه، فالبعد الزمني في تعريف الإنسان بعد حاضر، وقد قال حسن البصري رحمه الله يا ابن آدم، إنما أنت أيام مجموعة، فكلما مضى يوم مضى بعضك، ورفع بعض الشعارات في مراحل معينة من الحياة هو من أجل تركيز الاهتمامات وترتيب الأولويات ،ولو نظرنا إلى مسألة الاستفادة من الوقت لوجدناها من الثوابت وليست من المتغيرات التي تتغير حسب مراحل العمر، سواء كان الإنسان طفلا أو شابا أو كهلا أو شيخا، وسواء كان طالبا أو عاملا أو كان موظفا فإن الاستفادة من الوقت وحسن استثماره خيار لا يتغير في الحياة، أي لا يأتي على الإنسان يوم يتغير فيه هذا الشعار ليرفع شعار قتل الوقت أو تضييع الوقت أو نحو ذلك، غير أن بعض المراحل والأوقات في السنة يكون فيها الإنسان مهددا بتضييع الوقت أكثر، فيحسن به حتى يتذكر قيمة الوقت أن يرفع شعارا في كل الفصول والفترات، لا لينشئ أمرا غير موجود في حياته، ولكن ليضاعف الجهد وليزيد من الاعتناء بوقته، ومن هذه الفترات فترات العطل والإجازات، وذلك حتى لا ينساق وراء النظرة السائدة في المجتمع، والتي تقسم الوقت إلى أول وثان وثالث، فالوقت كله عند المسلم من النوع الأول وفي المرتبة الأولى،كما أن الإجازة ليست مناسبة لقتل الوقت، ولكن يتم استغلالها لإنجاز بعض الأعمال التي عجز المرء عن إنجازها في وقت العمل أوالدراسة، فالمبدأ الذي لا يتغير هو الانتفاع بكل خطة، والاستفادة من كل ثانية ودقيقة وساعة، وعندنا في دين الإسلام أن الوسائل لها حكم المقاصد، فإذا كان هناك شيء من الاستجمام والترفيه والاستراحة عونا على العمل، وعونا على العبادة، فإن هذا الترفيه وهذه الاستراحة يصيران عبادة، وينبغي أن تأخذ هذه الاستراحة حقها بلا إفراط ولا تفريط، وقد أثبتت التجربة الإنسانية مدعومة بالأبحاث العلمية، أن الإنسان بحاجة إلى الاستراحة، فالمرء يحتاج بعد 50 دقيقة من القراءة والمطالعة أو المتابعة العلمية إلى 5 أو 10 دقائق من الاستراحة كما يحتاج إلى استراحة ساعة بعد 4 أو 5 ساعات من العمل ويحتاج إلى ثمان ساعات من النوم بعد 12 أو 14 ساعة من اليقظة، ويحتاج كذلك إلى استراحة فصلية أو سنوية. من الملاحظ أستاذ عز الدين توفيق [1]أن الشعوب الضالة والكافرة تحرص على استثمار الوقت، ويظهر ذلك جليا في التقدم الدنيوي الذي أحرزته،ولكن الشعوب الإسلامية والعربية التي تتوفر على كتاب يدعو إلى المسارعة ويحث على استثمار الوقت نجد أنها متخلفة ومضيعة للوقت. كيف نفهم هذه المفارقة؟! يكاد يكون هذا قاسما مشتركا بين الشعوب المتخلفة، ويعد البعض استغلال الوقت من مؤشرات التحضر وهذا صحيح والسبب يرجع إلى التربية، فالفرد ينشأ في هذه المجتمعات المتقدمة على حسن الاستفادة من الوقت، ويتلقى مناهج وطرائق لتحقيق ذلك، كما أنه يجد المجتمع حوله معينا ومساعدا له، فلا يسعه إلا أن ينسجم مع هذا المجتمع ويقبل خياراته، فعندما يجد مجتمعا يقدر العمل ويعلي من قدره، ويفسح المجال لكل فرد ليظهر كفاءاته وقدراته، ويفيد أمته، فلا شك أنه يسير وفق ما عليه مجتمعه، وعندما يخرج من هذا الاختيار يشعر بالعزلة والتفرد، ويضطر ليعود مرة أخرى، لينسجم مع قيم المجتمع الذي يعيش فيه، وفي مقابل ذلك عندما يجد نفسه في مجتمع لا يعطي قيمة للوقت، ويجد الاختيارات السياسية والاجتماعية تسير في اتجاه إهدار الوقت، ويجد أحوال الناس من حوله مشجعة على تضييع الوقت، فإنه يتأثر ويحتاج إلى عزيمة فولاذية، حتى يسبح عكس التيار. فتضييع الوقت ظاهرة من ظواهر التخلف، والمجتمعات الإسلامية تعيش بصفة عامة هذه الآفة، على تفاوت بين أبناء الأمة الإسلامية في ذلك. الأمم التي ترنو إلى التقدم تهتم بشبابها وتخطط لهم لملء أعمارهم بالعلوم النافعة والأعمال الصالحة، كيف السبيل إلى دفع الشباب إلى استثمار أوقاتهم؟ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "تكاثروا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة"، فهذا الحديث الشريف يفيد بأن العبرة ليست بمجرد زيادة العدد، ولكن بالمفاخرة والمباهاة يوم القيامة تحتاج إلى نوعية، فالرسول صلى الله عليه وسلم سيفاخر الأمم يوم القيامة بمسلمين صالحين ومؤمنين أقوياء يعطون القدوة في كل فضيلة وخلق حسن، وهذا يفرض على الأمة ممثلة في مسؤوليها وعلمائها وأسرها أن تكسب رهان التربية ، فإنجاب الطفل من الناحية البيولوجية يستغرق 9 أشهر، ولكن المسؤولية الكبيرة التي يطوق بها الأبوان ومن ورائها الأسرة والمجتمع، ومن ورائه الدولة ،مسؤولية تستمر ل 15 عاما ول 20 سنة؟ أي من اللحظة التي يولد فيها هذا الطفل إلى أن يندمج داخل المجتمع، فبالتخطيط والتفكير المستقبلي والعناية بالكيف يمكننا تخريج هذا الصنف ،الذي سيفاخر به الرسول صلى الله عليه وسلم، فلم يرض النبي صلى الله عليه وسلم للأمة خيار الانسحاب، وهو الامتناع عن الإنجاب والهروب من مواجهة تبعاته كما لم يرض لها أيضا أن تكثر بنسلها بمن لا يصلح أن يكون عنصر مباهاة ومفاخرة يوم القيامة. العديد من الشباب يعزم على الانتقال من حياة الفوضى إلى الحياة المنظمة، ولكنه كما قلتم قبل قليل يجد نفسه سابحا ضد التيار، كيف يقاوم الشباب هذا التيار حتى يثبت على الحياة المنظمة ولايعود إلى ما قبلها؟ هناك هامش من الحرية يتمتع به الإنسان كيفما كانت الظروف المحيطة به، وهو مسؤول عن هذا الهامش، ولا يلام فيها هو فوق طاقته، فمجتمعاتنا وإن كانت تهدر الوقت بصفة عامة ،ولا تدرك قيمته الإدراك المطلوب، لكنها لم تبلغ أن تمنع من يريد الاستفادة من وقته منعا يسلب إرادته، والدليل هو الأعداد الكبيرة من المسلمين الذين أدركوا شرف الزمن وقيمة الوقت وعزموا على كسب هذا الرهان ،والنجاح في هذا الاختبار وتجنبوا بالفعل ما وقع فيه الآخرون واستطاعوا أن يحققوا في حياتهم كثيرا من الأهداف فالمطلوب أن يعرف الفرد ظروفه جيدا، ويخطط لنفسه انطلاقا من هذا الإدراك، وأن يكون واقعيا ... وذلك بأن يضع برامج تنسجم مع إمكانياته وظروفه، وأن يتجنب البرامج الخيالية والمثالية التي يشتط بها الخيال وفتتكسر على صخرة الواقع. وعموما فإن مجرد الانتقال من حياة الفوضى وحياة العشوائية إلى حياة النظام والتخطيط والبرمجة والتفكير المستقبلي، هو بذاته إنجاز كبير في حياة المسلم، وتحول جوهري في مسار عيشه أما ما يرافق ذلك من نجاحات وإخفاقات فهذا شيء آخر. ففي البداية سيجد صعوبة كبيرة لحمل نفسه على حياة البرمجة والتخطيط، وسيجد أن نفسه تتفلت من الشروط والالتزامات، ولكن هذا لا يضر، لأنها مشكلات "داخلية" إن صح التعبير تواجه وتعالج، لكن الذي لا يدخل إلى دائرة الملعب لا يقبل منه اللعب أصلا، فالذي لا يتحول من حياة الفوضى والارتجال إلى حياة التخطيط الهادف، فإنه يبقى بعيدا، وهنا ينبغي أن يتسلح المؤمن بالإصرار على كسب هذه المعركة مع الشيطان، وألا يتوقف حتى ينتصر. وانتصاره أن يرى التخطيط مستقرا في حياته، وله برنامج يومي وبرنامج أسبوعي وبرنامج شهري و برنامج سنوى، وإذا مرت به بعض الفترات لم يكن له فيها برامج أو طموحات محددة، فليبادر إلى استئناف الحياة المنظمة والمبرمجة، إن هذا من أصعب الأمور على النفس، والصعوبة تأتي من كل العادات عندما تترسخ يصعب تغييرها، فلو يجد الطفل من يعينه على التخطيط المتجدد لكل مرحلة من مراحل عمره فهو ينشأ في ذلك ويتعود عليه، ولكن عندما يقطع شوطا من حياته بعيدا عن هذا التوجه، فإنه يواجه الصعوبات التي واجهها كل من يريد تغير عوائد نفسه، إلا أن تغيير العوائد بصفة عامة أمر ممكن، ولا يدخل في دائرة المستحيل. لقد ذكرت أستاذ قبل قليل المعركة مع الشيطان، فمن الملاحظ أن هناك غفلة تامة عن هذه المعركة وتكاد تكون معركة منسية كيف نحمي هذه المعركة المصيرية في النفوس؟ ونستحضرها في حياتنا؟ ينبغي تجلية هذه المعركة حتى يكون المسلم على أهبة، وأن يكون سلاحه على كتفه إن الله تبارك وتعالى هو الذي حدثنا عن هذا العدو، وهو الذي أخبرنا أن هذا الأخير يسعى بكل وسيلة لنكون جميعا معه في جهنم، والله سبحانه وتعالى هو الذي حدثنا عن طبيعة المعركة التي نخوضها للتحرر من أسره، والخلاص من فتنته وغوايته، فنحن لسنا أمام حكاية أو أسطورة.. فحكمة الله تعالى اقتضت أن يرانا دون أن نراه، إلا أن الخبر الإلهي أغنانا عن الرؤية والمشاهدة، فعندنا خبر صادق من الله عز وجل وعندنا آثار ونتائج لهذه المعركة التي تجري في الصدور، وأسلحتها هي الافكار والتصورات والتحليلات ،والخواطر التي هي مبدأ الإرادة والعزائم والأفعال والعادات. فخوض معركة مع عدو يرانا ولا نراه، ويتفرغ لنا ونشغل عنه، ويعرف من المداخل التي توصله إلى هزيمتنا أكثر مما نعرف، تقتضي أن نكون في حالة استنفار وتأهب مستمر، إن الله سبحانه وتعالى يقول لنا بالحرف: (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان، كما أخرج أبويكم من الجنة، ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما، إنه يراكم هو وقبيله من حيث لاترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون) فللشيطان جنود يرسلهم ويكلفهم بمهام محددة، ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي ،يقول فيه فيما يرويه عن ربه: «إني خلقت عبادي حنفاء فجتالتهم الشياطين فاجتالتني فحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا»، وسعي الشيطان يكون في اتجاهين كبيرين، اتجاه نحو الشرك واتجاه نحو المعاصي، وخير وسيلة لكسب هذه الحرب هي المبادرة، وقد جاء لفظ المبادرة،لفظ الاغتنام في الحديث النبوي كما جاء لفظ المسابقة والمسارعة في القرآن الكريم ، فكأننا أمام ثروة، هي( الوقت)، وهناك عدو يهددنا في استلابها ، ونحن نسابقه عليها، فإذا سبقناه إلى شيء من هذه الثروة صار في حوزتنا وملكيتنا، وإذا سبقنا إلى شيء، أخذه منا وكان ضائعا، وستظهر نتائج المعركة يوم القيامة، فهناك أجزاء من العمر تكون لك، وأخرى تكون عليك، لأنك تكون قد ضيعتها وفرطت فيها وقد جاء في حديث عميق المعنى: «إن الشيطان يحضر ابن آدم في شأنه كله» عندما يأكل، وعندما يشرب وعندما ينام ويعمل وعندما يصلي وعندما يقرأ القرآن... فالمعركة مفتوحة ومدتها ما بين البلوغ إلى الممات، وحصيلتها انتصارات وهزائم، ولذلك فعلى المسلم أن يستعين بربه ويسأله أن يؤيده بمدد من عنده حتى ينتصر على عدوه ، ولا ينبغي الاستهانة بهذه المعركة كما لا ينبغي أن ننحو بها منحى "رمزيا"، بل هي معركة حقيقية وأطرافها أطراف حقيقية، الشيطان وجنوده وابن آدم وإرادته من جهة أخرى. أستاذ عز الدين توفيق: هناك عبادات معطلة وشبه غائبة في حياتنا ونذكر هنا عبادة "التفكر" وعبادة "التدبر" التفكر في كتاب الله المنظور( الكون) والتدبر لكتاب الله المسطور( القرآن الكريم)، فكثيرة هي الأوقات التي تمر في حياتنا ولا نعمرها بهذه العبادات "الراقية" كيف نحي هذه العبادات في حياتنا اليومية؟ الإنسان بأصل خلقته مهيأ ليتدبر وليتفكر، لأن الله سبحانه وتعالى ميزه عن الحيوان بالإدراك وبالوعي، فهو يتعقل ويتصور ويتذكر ويتغير ويفكر.. فهو يملك ملكات عقلية تؤهله للنظر والعتبار والتفكر، إلا أن كثيرا من الناس يعطلون هذه الوظائف باختيارهم عندما يشغلون الوظائف الحيوانية لقلوبهم، متفكرون في منافع الأشياء، ويقفون عند هذا الحد، ولا يتجاوزون التفكير إلى التفكر، ولا يتجاوزون الانتفاع إلى الاعتبار، والسبيل إلى إحياء هذه العبادة القلبية العظيمة، أن تطول صحبة المسلم لكتاب الله، فكتاب الله عز وجل هو المدرب الذي لا غنى لاكتساب الخبرة والمهارة في هذه الرياضة الفكرية والسياحة العقلية التي تتجاوز حل المشكلات وتتجاوز اكتشاف المنافع في الأشياء إلى التساؤل عن مصدرها ومنشئها وغايتها... فعندما تتوقف كل الجوارح عن عبوديتها، فإن القلب يمكنه أن يواصل عبوديته، و قد قال بعض الصالحين:» من كانت له فكرة كان له في كل شيء عبرة». فالنبتة الصغيرة التي يمر بها في جنب الطريق فيها عبرة، واختلاف الوجوه والألسنة في السوق فيه عبرة، وعندما يرفع بصره إلى السماء في الليل أو في النهار له عبرة، وعندما يرتد ببصره إلى نفسه، وإلى عينه وإلى أذنه، إلى أصبعه إلى بصمته إلى ظفره، فإن له في ذلك عبرة، فلا يحتاج الأمر إلى أكثر من انتباه وتوجه وإقبال وإلا فكل الأشياء هي لوحات تشهد باسماء الله عز وجل وصفاته وكلها تحمل توقيعا واحدا، فالله سبحانه وتعالى جعل مخلوقاته، هي الطريق الذي يوصل إليه، فيبقى على الإنسان ألا يجعلها حجابا يحجبه عن ربه، فمن الناس من يجعل عالم الشهادة طريق إلى الإيمان بالغيب والاستعداد له، ومنهم من يجعل عالم الشهادة حجابا يحجبه عن الإيمان بالغيب و الاستعداد له،ويمكن أن يخصص له المسلم أوقاتا بطريقة عملية، يجلس فيها لهذا الأمر دون غيره، إما داخل البيت أو خارجه أمام شاطئ البحر أو في الجبال أو الغابات... حتى تكون له دواعي هذا التفكر، كما يمكنه أن ينظر في الكتب التي ألفت في عجائب المخلوقات، وغرائب الموجودات، حتى تكون عنده حصيلة معرفية، كلما تذكرها فتحت له مسالك التفكر والتدبر. على ذكر الخرجات أستاذ عز الدين: من الملاحظ أيضا أن الهيآت الجمعوية والدعوية لا تخصص في برامج خرجاتها ومخيماتها حصة خاصة بهذه «العبادة العظيمة «كما ذكرت. ألا ترى بأن برمجة التفكر، والتأمل في خلق الله بطريقة جماعية أو فردية قد يشجع على إحياء هذه العبادة؟ هناك تقصير بالتأكيد، وإلا فمن مقاصد المخيمات التربوية أن تكون التربية بالحدث حاضرة فيها ،التربية بالمثال الحاضر، فما أحسن أن يلقي درس عن عجائب البحر ومخلوقاته والناس إلى جنبه ينظرون إليه، وما أحسن أن يلقى درس في مصارع السابقين وما ذكر الله تبارك وتعالى عن الأمم الغابرة أثناء زيارة أثر من الآثار، وما أحسن أن يلقي درس عن الجبال وصخورها ومعادنها ودورها والمستمعون في سفح جبل أو قمته وهكذا.. فتفسير ايات من كتاب الله تبارك وتعالى، تعرض لهذه الظواهر الكونية تحقق هذا المطلب الذي هو التفكر في خلق الله، وقد جاء في صحف ابراهيم: «حق على كل عاقل ما لم يغلب على عقله أن يكون له في دهره أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها في بديع صنع الله، وساعة يخلو فيها إلى حاجته من المطعم والمشرب"، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من بيته إلى المسجد يرفع بصره إلى السماء ويقرأ الآيات العشرة الأخيرة من سورة آل عمران: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لايات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم، ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) فقراءة هذه الآيات في هذا الوقت بالذات عند آخر الليل وأول الصبح، وقراءتها مع النظر إلى النجوم والسماء يعلمنا كيف نحقق هذه العبادة في وقتها وظرفها المناسب. نطلب منك الأستاذ الكريم أن توجه كلمة للشباب وهو يواجه فصل الصيف الذي تضيع فيه الأوقات بالجملة؟ لقد ارتبط الصيف لدى تلاميذنا وطلابنا وأبنائنا بعطلة طويلة وفي غياب أنشطة جمعوية ورياضية موجهة ومنظمة، فإن أبناءنا يواجهون فراغا رهيبا، والفراغ مفسدة، فنصيحتي أن يأوي هؤلاء الشباب وهؤلاء الأطفال إلى المدارس القرآنية التي تنظم أنشطة صيفية ذات طبيعة ثقافية علمية وذات طبيعة تربوية دعوية، فإن لم يجدوا فعليهم أن يأخذوا بمبادرات فردية أو جماعية ليستفيدوا من أوقاتهم ويحرصوا على التوازن بين الاستراحة والاستفادة من العطلة، وينبغي أن يكون الخطو إلى المساجد أيضا وشهود الصلاة فيها والمكث فيها بين الصلوات بتلاوة القرآن ودروس العلم وذكر الله سبحانه وتعالى حاضرا بقوة في حياة شبابنا وأبنائنا، فرسالة المسجد رسالة عظيمة والمسجد هو لكل المسملين بمختلف أعمارهم، ورسالته أوسع من إقامة الصلاة وحدها، فله أكثر من وظيفة ولذلك لا ينبغي أن يحرم شبابنا أنفسهم من أنواره فهو مدرسة متكاملة لا يجوز أن يحرم الشاب نفسه من ولوجها، والتتلمذ على دروسها، وينبغي أن نثبت المبدأ، وهو أن هذه العطلة ليست للاستجمام فقط من بدايتها إلى نهايتها، فكثير من التلاميذ والطلاب يربطون أنفسهم ببرامج خاصة بالعطلة فيستفيدون من أوقاتهم ،وذاك ما نريده لكل شبابنا وأبنائنا. شكرا جزيلا دكتور عز الدين توفيق أجرى الحوار :اسماعيل العلوي