قضت المحكمة الجنائية في أبو ظبي، أول أمس الثلاثاء، في حق سبعة من السوريين بالسجن مدى الحياة، في أقسى عقوبة ممكنة لدورهم في تشغيل رأس مال أكبر عصابة للاتجار بالبشر في الإمارات العربية المتحدة. وكانت العصابة مسؤولة عن تهريب عدد من الفتيات المغربيات واحتجازهن في شقق وإجبارهن على ممارسة الدعارة تحت التهديد والحبس والتعذيب. وذكرت صحيفة «ذا ناشنال» الإماراتية أنها المرة الأولى التي يدان فيها أشخاص باقتراف جريمة بموجب قانون «تنظيم العصابة الإجرامية» الاتحادي رقم 51، وفقا لما صرح به الدكتور سعيد الغلفي، منسق اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر. كما تم الحكم على ستة أشخاص آخرين، متهمين بالمساعدة في الاتجار بأشخاص واستغلال الضحايا، بالسجن لمدة 10 سنوات. وقررت المحكمة أنه سوف يتم ترحيلهم بعد انتهاء فترة عقوبتهم. وأشادت جمعيات حقوق الإنسان بالحكم وقالت إنه انتصار للضحايا الثماني عشرة المغربيات في هذه القضية. وقال الدكتور الغلفي: «أنا، بطبيعة الحال، راض عن الحكم والعقوبة. إنهم يستحقون هذا العقاب القاسي». وصرحت سارة شهيل، المديرة التنفيذية لبرنامج «إيواء» للمرأة والطفل الذي تكفل برعاية ضحايا العصابة من الفتيات، بأن الحكم «إنجاز كبير» وأنه «انتصار حقيقي للعدالة». يذكر أن ضحايا هذه العصابة الإجرامية هن جميعا فتيات من المغرب. وتقوم الإمارات، بمساعدة جمعيات للخدمة الاجتماعية، بجهود حاليا لضمان رجوع الفتيات إلى المملكة المغربية مع تعويضهن عما أصابهن من ضرر. وكانت الشيخة فاطمة بنت مبارك، التي دعمت افتتاح مراكز الإيواء، زارت المركز والتقت مع الفتيات بشكل شخصي، في نوفمبر الماضي. وبعد الزيارة التي قامت بها، تبرعت بمليون درهم إماراتي (272.000 دولار) لفائدة مراكز الإيواء، مع مبلغ، لم يكشف عنه، مخصص لكل من الضحايا الثماني عشرة لمساعدتهن على إعادة بناء حياتهن. ووفقا لتصريح مسؤولة في المركز، فإن الشيخة فاطمة قامت شخصيا بمتابعة قضية الضحايا. وكان التحقيق يدور حول مجموعة في أبو ظبي قامت بشراء الضحايا من أحد المسؤولين عن تشغيل النساء في المغرب. وتم إعطاء الفتيات وعودا بالعمل في فنادق وبرواتب عالية، ولكن ما إن وصلن إلى أبو ظبي حتى تم إخبارهن بحقيقة واقعهن الجديد وهو أنهن سيكنّ مجبرات على ممارسة الدعارة حتى يتمكنّ من تسديد الأموال التي أنفقت لاستقدامهن إلى دولة الإمارات. الضحايا ظللن حبيسات عدة شقق في الجزيرة، وتعرضن للضرب والتجويع على أيدي العصابة، وفقا لشهاداتهن التي أدلين بها للمحققين. يذكر أن العصابة الإجرامية تدير شبكة معقدة من المشغلين والسائقين والعملاء، تم تفصيلها في تقرير من 400 صفحة قدم ضمن الوثائق التي وجهت إلى هيئة المحكمة. وتظهر الوثائق أن عملية القبض على العصابة قد شملت 12 رجلا وامرأة واحدة مغربية، هي زوجة أحد أفراد العصابة السوريين. وحكم على المرأة المغربية بالسجن لمدة 10 سنوات لدورها في مساعدة زوجها الذي حكم عليه بالسجن المؤبد . ووفقا للوثائق، فإن أحد أفراد العصابة، والذي يصفه المحققون بكونه العقل المدبر لعملية المتاجرة في الرقيق الأبيض، هرب إلى سوريا فور علمه بالاعتقالات التي لحقت الأفراد الآخرين. وحكمت المحكمة عليه بالسجن المؤبد غيابيا، ويتوقع أن يتم استصدار مذكرة دولية من قبل الأنتربول قريبا لاعتقاله. الضحايا من الفتيات، اللواتي كان بعضهن لا يتجاوز عمره 19، كان يتم توصيلهن إلى الزبناء في الفنادق تحت حراسة مشددة من قبل المشغلين والحراس. وقلن إنهن تعرضن للتهديد وقيل لهن: إنهن لا يستطعن الاتصال بالشرطة، وذلك لأن العصابة تملك صلات قوية داخل إدارة الشرطة. واستمر الأمر على هذا النحو حتى 28 من أكتوبر الماضي، عندما فرت واحدة من الفتيات من الفيلا المحتجزة فيها بمنطقة البطين في أبو ظبي، ووصلت قصتها إلى الشرطة. وتذكر التقارير أن شخصا غريبا استمع إلى قصة الفتاة الهاربة وأرسلها إلى إمارة رأس الخيمة، حيث صديق له هو من اقتادها إلى مركز للشرطة للإدلاء بأقوالها. وما كان من السلطات في إمارة رأس الخيمة إلا أن اتصلت بالشرطة في أبو ظبي وأبلغتها بالواقعة. وبعد بضعة أيام، أغارت الشرطة في أبو ظبي على ثلاث شقق في منطقة البطين ومنطقة النادي السياحي، واعتقلت 12 رجلا وامرأة واحدة. ويذكر أن ما لا يقل عن 18 امرأة كن محتجزات داخل الشقق، وتم إنقاذهن بعد أن قامت الشرطة بتحطيم الأبواب. وكانت صحيفة «ذا ناشنال» الإماراتية ذكرت من قبل في تقرير سابق أنه تم إنقاذ 14 فتاة، إلا أنه وفقا لمسؤول في الديوان الملكي، لم يرغب في الكشف عن هويته، فإن عدد الفتيات المحتجزات كن في الواقع 18. ولا يعرف حتى الآن، منذ متى كانت تدير هذه العصابة نشاطاتها في الإمارات.