قال رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران٬ إن المغرب دولة أساسية في القارة الإفريقية وله حضور قوي بها٬ مؤكدا أن مناورات خصوم وحدته الترابية لن تنجح في استبدال مكانته فيها. وأوضح ابن كيران٬ الذي استضافه برنامج (حوار مع كبار)٬ بثه التلفزيون الأردني الرسمي٬ مساء أمس السبت٬ أن المغرب في علاقاته مع الدول الإفريقية٬ لم يكن يوما ما دولة هيمنة٬ بقدر ما جمعته مع هذه الدول علاقات تعاون وثيق وتقدير واحترام متبادل. ووصف علاقات المملكة مع هذه الدول بأنها عريقة وتاريخية٬ تعود إلى قرون مضت٬ ترسخت سواء عبر القوافل التجارية أو نشر الدين الإسلامي الحنيف٬ مما جعله يتمتع ب"نفوذ روحي" في عدد كبير منها٬ مؤكدا أن هذا النفوذ لا يمكن أن يتراجع. وأضاف أنه ٬ ومنذ أن انسحب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية سابقا (الاتحاد الإفريقي حاليا)٬ بسبب مناورات شجعتها الجزائر٬ والتي اتخذت موقفا غير مقبول بالنسبة للمغرب٬ شكل مساسا بوحدته الترابية٬ لم تقم لهذه المنظمة قائمة٬ ولم تستقر الأمور فيها٬ إلى درجة برزت معها دعوات ومبادرات لتأسيس منظمات أخرى بديلة٬ حيث هناك الآن عدد كبير من المنظمات بإفريقيا. وشدد على أن المغرب سوف يسترجع مكانته في إفريقيا بطريقة حبية٬ ف"كل منا يحتاج إلى الآخر"٬ مبرزا أن الدول الافريقية مرتاحة في تعاملها مع المملكة. وفي ما يتعلق بالحركات التي ظهرت في الصحراء الإفريقية الكبرى٬ وما جرى في دولة مالي٬ تساءل السيد ابن كيران عما إذا كان من المعقول تقسيم دولة ذات سيادة والسيطرة على الحكم فيها بالقوة٬ معتبرا أنه كان من الضروري إرجاع الأمور إلى نصابها في مالي٬ و"إلا سندخل في حالة من الفوضى٬ ليس في مالي فقط٬ وإنما في كافة الدول المجاورة٬ وإرباك الاستقرار فيها". وحول التنسيق بين دول المنطقة للتصدي لهذه الحركات٬ قال السيد ابن كيران٬ إن المغرب حاول دائما أن يمد يده للمساهمة في تطويق هذه الحركات٬ التي يعتبر بعضها نفسه جهاديا٬ والبعض الآخر يتعاطى للتهريب٬ أو أنشطة أخرى٬ لما تشكله من خطر على أمن واستقرار دول المنطقة. وفي معرض حديثه عن العلاقات المغربية – الجزائرية٬ أعرب ابن كيران عن أسفه الشديد إزاء وجود "منطق تحكم لحد الآن في المجموعة المتحكمة في الجزائر٬ مفاده أن العلاقات مع المغرب يجب أن تبقى دائما متوترة"٬ مضيفا أن العلاقات الشخصية وتبادل الزيارات بين البلدين على المستوى الوزاري تمر في أجواء جيدة. كما أشار إلى موقف الجزائر المتشنج بخصوص الوحدة الترابية للمغرب٬ مع أن "الجزائريين يعرفون جيدا أن الصحراء مغربية٬ فهي بالنسبة للجزائر قضية نظام٬ أما بالنسبة للمغرب فهي قضية أمة "٬ موضحا أن المغرب كان دائما مستعدا للتفاوض٬ بل وذهب إلى أبعد مدى ممكن وتقدم بمقترح الحكم الذاتي لإيجاد حل لهذه القضية٬ بحيث "يمكن أن نتفق على كل شيء تقريبا٬ باستثناء السيادة والوحدة الترابية للمملكة". وخلص إلى القول إن "أواصر الأخوة ستنتصر في النهاية٬ والحدود المغلقة بين البلدين ستفتح٬ ونريد أن نكون مع إخواننا الجزائريين ذاتا واحدة". على صعيد آخر٬ وبخصوص المسيرة الإصلاحية بالمغرب٬ قال ابن كيران٬ إن المغرب قطع أشواطا كبيرة على هذا الصعيد٬ بعد الخطاب التاريخي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ يوم تاسع مارس 2011٬ والمحطات التي تلته٬ من تعديلات دستورية وانتخابات تشريعية وتشكيل الحكومة. وأشار إلى أن المواطنين المغاربة مرتاحون لهذه الإصلاحات٬ معتبرا أن الحاجة للمزيد من الإصلاحات ما زالت قائمة في ظل الاستقرار الذي يتمتع به المغرب في ظل نظامه الملكي٬ حيث "لم نصل بعد إلى المدى الذي يجب في المسلسل الإصلاحي".map