تجمع الآلاف من المصريين بميدان التحرير في مظاهرة جماهيرية جاؤوا للتنديد خلالها بحكم الإخوان وقرارات مرسي الأخيرة، وردد المتظاهرون شعارات صاحبتهم خلال ثورتهم لإسقاط نظام حسني مبارك قبل نحو عامين ك”الشعب يريد إسقاط النظام” و”ارحل ارحل”. تظاهر عشرات الآلاف من المصريين الثلاثاء27 نونبر الجاري، في ميدان التحرير بالقاهرة وفي العديد من المحافظات ضد الرئيس المصري محمد مرسي الذي يواجه اكبر ازمة سياسية منذ توليه السلطة قبل خمسة اشهر، وذلك اثر اصداره الخميس اعلانا دستوريا يحصن به قراراته ضد الرقابة القضائية كما يحصن الجمعية الدستورية لوضع الدستور ومجلس الشورى اللذين يهيمن عليهما الاسلاميون. وقال صحافيون ومصورون من وكالة فرانس برس ان ميدان التحرير يكتظ بعشرات الالاف من المتظاهرين الذين يرددون هتافات ضد الرئيس المصري وجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها من بينها “الشعب يريد اسقاط النظام” و”ارحل ارحل” و”بيع بيع بيع .. بيع الثورة يا بديع”، في اشارة الى محمد بديع المرشد العام للاخوان التي ينتمي اليها مرسي، و”يسقط يسقط حكم المرشد” و”ارحل .. ارحل”. ومساء الثلاثاء تضاعف عدد المتظاهرين في ميدان التحرير، الذي كان بؤرة الثورة ضد حسني مبارك، مع وصول ثلاث مسيرات حاشدة انطلقت من مسجد مصطفى محمود في حي المهندسين بالجيزة ومن منطقة شبرا في القاهرة ومن مسجد الفتح في ميدان العباسية بالعاصمة المصرية. وتعد هذه التظاهرة اكبر حشد ضد جماعة الاخوان المسلمين والرئيس المصري منذ انتخابه في حزيران/يونيو الماضي. وبعد الظهر نظم الاف المحامين والصحافيين مسيرتين من مقر نقابتيهما في وسط المدينة الى ميدان التحرير لينضموا الى عشرات الالاف الاخرين الذين توافدوا اليه، كما نظم مئات من اعضاء النقابات الفنية مسيرة من امام دار الاوبرا الى الميدان. ونظمت التظاهرات تحت شعار “للثورة شعب يحميها” بمشاركة رموز للمعارضة على راسهم مؤسس حزب الدستور محمد البرادعي ومؤسس التيار الشعبي المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، والمرشح الرئاسي السابق عمرو موسى. ودعت الى هذه التظاهرات الاحزاب والحركات السياسية غير الاسلامية التي شكلت منذ الجمعة الماضي “جبهة الانقاذ الوطني”. وقال ياسر بسيوني احد المحامين المشاركين في المسيرة “جئنا لندافع عن دولة القانون والاحتجاج على مرسي واعلانه”. واعتبر رأفت الملواني وهو محام اخر يشارك كذلك في التظاهرة ان “مرسي يتخذ قرارات غير شرعية من دون التشاور مع اي جهة باستثناء مكتب ارشاد الاخوان المسلمين”. وكانت اشتباكات وقعت في ساعة مبكرة صباح الثلاثاء بين مجموعة من الشباب صغار السن وبين الشرطة في ميدان سيمون بوليفار القريب من ميدان التحرير ومن مقر السفارة الاميركية الا ان ناشطين اكبر سنا سعوا الى ابعادهم عن هذا الميدان واقناعهم بالحفاظ على سلمية التظاهرات. وفي الميدان علقت لافتات بيضاء ضخمة كتب عليها باللون الاحمر “يسقط يسقط حكم المرشد” و”الاخوان سرقوا الثورة” و”يسقط الاعلان الدستوري” و”الرئيس يدفع الشعب الى عصيان مدني” واخرى كتب عليها “ممنوع دخول الاخوان”. وقال الناشط احمد فهمي (34 سنة) الذي يعتصم في ميدان التحرير منذ السبت الماضي ان “الرئيس مرسي فقد كل شرعيته، حسني مبارك كانت لديه شرعية اكبر منه”، مضيفا “سنظل في الميدان حتى يتراجع عن الاعلان الدستوري”. واكد محمد رشوان وهو مهندس شاب في الثالثة والعشرين من عمره “جئت لاحتج على قرارات مرسي الاستبدادية” مؤكدا انه صوت لصالحه في الانتخابات الرئاسية “لمنع مرشح الفلول (انصار النظام السابق) من الفوز ولكنني اكتشفت ان ولاءه للاخوان المسلمين وليس للثورة” وقال اسر ايوب وهو طالب جامعي في الواحدة والعشرين “الموقف معقد والحل هو الغاء الاعلان الدستوري واعادة تشكيل الجمعية التأسيسية فنحن لا نريد ان نستبدل دكتاتور بآخر”. ودعا معارضو مرسي كذلك الى تظاهرات في محافظات عدة بالتزامن مع تظاهرة التحرير. وتجمع بالفعل الالاف في مسيرة حاشدة امام مسجد القائد ابراهيم في قلب مدينة الاسكندرية (شمال) وهم يهتفون “يسقط يسقط حكم المرشد” وانتقلوا بعد ذلك الى منطقة سيدي جابر. ونظم عشرات من انصار الاخوان تمظاهرة مضادة في وسط المدينة. كما شارك الاف في تظاهرات في العديد من المدن المصرية من بينها المحلة وطنطا والمنصورة وكفر الشيخ (دلتا النيل) والمنيا والفيوم (جنوب) وفي السويس والاسماعيلية (على قناة السويس) وشرم الشيخ (جنوبسيناء). وادت الاضطرابات التي تشهدها مصر منذ اسبوع الى مقتل ثلاثة اشخاص اثنان منهم من معارضي الرئيس وواحد من انصاره، كما اعلن ليل الاثنين الثلاثاء مقتل ناشط معارض اكلينيكيا اثر اشتباكات مع الشرطة قرب ميدان التحرير. كما ادت الى اصابة نحو 450 شخصا وذلك سواء في مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين او بين انصار ومعارضي جماعة الاخوان التي احرقت لها عدة مقرات في محافظات مختلفة. واضافة الى احزاب وحركات المعارضة التي ترفض الإعلان الدستوري، احتج القضاة بشدة عليه واعتبروه “اعتداء غير مسبوق” على السلطة القضائية. وفشل اجتماع عقد مساء الاثنين بين المجلس الأعلى للقضاء والرئيس المصري في نزع فتيل الأزمة اذ اعلن المتحدث باسم الرئاسة ياسر علي في ختامه انه “لا تغيير في الإعلان الدستوري” مؤكدا في الوقت نفسه ان مرسي اوضح لأعضاء المجلس ان “تحصين قرارات الرئيس تقتصر على اعمال السيادة”. وفيما يعد تحديا ضمنيا لقرارات الرئيس المصري، اعلنت محكمة القضاء الاداري الاثنين انها حددت الرابع من كانون الثاني/ديسمبر المقبل لنظر الطعون التي تطالب بوقف تنفيذ والغاء قرار مرسي باصدار الاعلان الدستوري. وبدأ عدد من القضاة في التوافد على مقر ناديهم في وسط القاهرة للاعتصام فيه تنفيذا لقرار جمعيته العمومية السبت الماضي. وكان نادي القضاة اوصى بتعليق العمل في المحاكم والنيابات في كل انحاء البلاد. وحتى الان قررت 24 محكمة ابتدائية من اجمالي 26 في مختلف انحاء البلاد تعليق العمل تنفيذا لقرار نادي القضاة كما علقت ثلاث محاكم استئناف على الاقل اعمالها من اجمالي 8 محاكم في مصر. ويستمر انعقاد الجمعيات العمومية للمحاكم الاخرى بما فيها محكمة النقض الثلاثاء والاربعاء لاقرار او رفض توصيه نادي القضاة. واعلن نادي قضاة مجلس الدولة (القضاء الاداري) الثلاثاء انه سيعقد جمعية عمومية الجمعة المقبل لاعلان موقف من الاعلان الدستوري. وحذر صندوق النقد الدولي مساء الثلاثاء من ان حدوث “تغيير كبير” في سياسة مصر الاقتصادية والسياسية يمكن ان يؤدي الى اعادة النظر في الاتفاق التمهيدي على خطة مساعدة هذا البلد التي تنص على منحها قرضا بقيمة 4,8 مليار دولار. وقال الصندوق في بيان ان “دراسة هذا الاتفاق من قبل مجلس ادارة صندوق النقد الدولي تتطلب عدم حدوث تغيير كبير في الافاق الاقتصادية وفي السياسات المتوقعة” في مصر. كما تطرق المتحدث ايضا الى شرط اخر هو “اعتماد موازنة 2012-2013 المعدلة التي ستعكس الاجراءات المقررة حول الضرائب والإنفاق”.