في تصريحاته لصحيفة ديلي سكيب الأمريكية قال ثعلب السياسة الأمريكية العجوز ، وزير خارجيتها الأسبق " هنري كسينجر " إن طبول الحرب تقرع في الشرق الأوسط ، ومن لا يسمعها فهم أصم . المثير جدا في تصريحات كيسنجر التي يضيق المسطح المتاح للكتابة عن ذكرها بأكملها ، انه يروج لحرب عالمية ثالثة تكون بداية ضربتها العسكرية موجهة لإيران ، وان مهمة إسرائيل وفقا لكيسنجر في تلك الحرب ، قتل اكبر عدد ممكن من العرب واحتلال نصف الشرق الأوسط ، أي على طريقة ألمانيا في زمن الحرب العالمية الثانية . هل دفع الغرور الإمبراطوري كيسنجر إلى لحظة جنون أم أنها تصريحات عقلانية تستند إلى رؤى استشرافية أعدتها واشنطن منذ عقود طويلة لصبغ القرن الحادي والعشرين بصبغة أمريكية مطلقة كما طالب بذلك جماعة المحافظين الجدد ؟ كيسنجر يشدد على ضرورة احتلال سبع دول في الشرق الأوسط نظرا لأهميتها الإستراتيجية ، ولوجود النفط والموارد الاقتصادية الأخرى فيها . وعنده انه عندما تتحرك روسيا والصين من غفوتيهما سيكون الانفجار الكبير والحرب الكبرى التي سيكون النصر فيها لأمريكا وإسرائيل ، وان إيران من وجهة نظر كسينجر هي المسمار الأخير في النعش الذي تجهزه واشنطن وتل أبيب لكل من روسياوإيران . يحق للمحلل السياسي المتابع للأحداث إن يتساءل هل الفوضى - غير الخلاقة - الحادثة في العالم العربي ، واخطر فصولها المشتعلة الآن في سوريا هي المقدمة لتحقيق تنبؤات كسيسنجر ، التي يبدو أنها ماضية في نفس طريق وتصورات برنارد لويس ، وصموئيل هنتنجتون ، ومن لف لفهم ؟ ثم علامة الاستفهام الأخطر الأهم هل الروس والصينيين غافلين عما تحيكيه لهم واشنطن بليل بهيم ،هذا إذا اعتبرنا إن الانكسار الاقتصادي الحادث في اروبا اليوم قد سحب من فمها أي صوت وافقدها أي مقدرة على تحديد مواقف ايجابية إنسانية ، تخالف ما ترتئيه واشنطن من عسكرة للعالم ؟ الجواب في حقيقة الحال في حاجة إلى دراسة وقراءة مطولة ، لكن باختصار غير مخل نشير إلى عدد من المشاهد والتصريحات الروسية التي تولد لدينا قناعة بان احتمالات تحول المشهد إلى حرب عالمية قائم بالفعل . في مقدمتها ما جرى نهار السابع من حزيران يونيو المنصرم من تجربة لصاروخ باليستي جديد عابر للقارات " بولوا " وقد شوهد لهبه في الشرق الأوسط ، وكان موسكو كانت تبعث للعالم برسالة مفادها " أنها مستعدة للحرب العالمية إذا لم يراع حلف الناتو القوانين الدولية التي تضمنها خطة عنان في سوريا وإذا ما استمروا في دعم الإرهاب ". أما وزير الدفاع الروسي " اناتولي سرديوكوف " فقد أشار إلى ازدياد خطر نشوب حرب عالمية جديدة بسبب ما اسماه ظهور مراكز جديدة للقوة تدعي قيادة المنطقة والمناطق التي تتسبب بالتوتر السياسي .. هل غطينا كل الأبواب التي تفتح الآن على احتمالات الحرب الشرق وسطية ؟ بالطبع ليس جميعها فما يجري في البوابة الشرقية المصرية أي في سيناء ، يمثل ضلع أخر من الإضلاع الكفيلة باشتعال الموقف ، ناهيك عن الحديث عن المواجهة الإيرانية سواء مع أمريكا أو إسرائيل ولأهمية الأمر وحساسيته سنفرد له لاحقا إن شاء الله قراءات أكثر تخصصا .. إلى أين المفر إذن ؟ يخشى المرء إن تكون الأحداث شرق أوسطيا مندفعة ككرة الثلج من فوق الجبل حتى تصل إلى قدرها المحتوم في القاع .