لا بد في البداية من الإشادة بالمجهود التواصلي المهم التي تقوم به وزارة التربية الوطنية، من خلال إطلاع الرأي العام الوطني والتربوي على المستجدات المتعلقة بجميع مراحل عملية تنظيم امتحانات البكالوريا لهذه السنة ( الإعداد للامتحان، إجراء الامتحان، عملية التصحيح، الإعلان عن النتائج...) عبر سلسلة من البلاغات التواصلية الإخبارية. و في هذا الصدد، واستنادا إلى البلاغ الأخير (27/06/2012) التي أصدرته وزارة التربية الوطنية تزامنا مع الإعلان عن نتائج الدورة العادية لنيل شهادة الباكلوريا ، و في محاولة منا لقراءة أولية لهذه للنتائج ، و رغم أن الإحصائيات المقدمة هي معطيات أولية غير مفصلة و غير شاملة، حيث أن بلاغ الوزارة ركز على بعض المؤشرات الإحصائية الإجمالية المرتبطة بنتائج امتحانات الباكلوريا لسنة 2012، سنحاول تقديم قراءة لهذه النتائج، انطلاقا من تحليلنا لمعطيات وزارة التربية الوطنية و من خلال إلقاء الضوء على بعض المؤشرات المرتبطة بالمحاور التالية : نسبة الحضور: استنادا إلى معطيات وزارة التربة الوطنية ، بلغ عدد المترشحين 451953 مترشح و مترشحة ، من بينهم 991 210 مترشحة بما يمثل 46,68% من مجموع المترشحين. حيث وصل عدد الحاضرين الذين اجتازوا الاختبارات 378186 بنسبة حضور إجمالية تقدر ب 83.68% و بنسبة غياب إجمالية تقدر بحوالي 16.32 % . أما عدد الحاضرين من الممدرسين فقد بلغ 314001 مترشح و مترشحة ، بنسبة حضور إجمالية تقدر ب 71.51%. أما فيما يخص بعدد الحاضرين من المترشحين الأحرار، فقد وصل إلى 64185 مترشح و مترشحة ، بنسبة حضور إجمالية تقدر ب 49.85% . و يتضح من خلال المعطيات الإحصائية ضعف حضور المترشحين الأحرار، أي أن أكثر من نصف الأحرار يتغيبون عن اجتياز الامتحان. مما يجعل مشاركتهم تشكل نقطة الضعف الأساسية في تنظيم امتحانات البكالوريا لهذه السنة ، حيث أن الوزارة عبأت موارد مادية و بشرية إضافية كلفتها اعتمادات مالية مهمة، غير أنه و أثناء إجراء الامتحان تم تسجيل نسب حضور جد متدنية بالنسبة للأحرار. و لهذا أصبح من الضروري التفكير في طريقة جديدة لإرساء ضوابط معقولة و منصفة لتنظيم استفادة المترشحين الأحرار من الترشح لنيل شهادة الباكلوريا. نسبة النجاح: و انطلاقا من المعطيات الإحصائية التي أعلنت عليها وزارة التربية الوطنية في بيانها الأخير، بلغ عدد الناجحين من الممدرسين 135744 أي بنسبة نجاح تقدر ب 48,96 % منها 51,28% سجلت بالنسبة للإناث. و اللافت للنظر من خلال نسب النجاح المقدمة من طرف وزارة التربية الوطنية ،هو أن أكثر من نصف المترشحين لم يحصلوا على شهادة الباكلوريا في دورتها الأولى، و هذا يحيلنا على طرح مجموعة من التساؤلات : هل الخلل في النظام الحالي لامتحانات البكالوريا الذي يتكون من امتحان وطني و امتحان جهوي؟ أم في طريقة احتساب النسب المكونة للمعدل النهائي للباكلوريا؟ أم في الإجراءات الصارمة المتخذة مؤخرا من طرف الوزارة، تطبيقا لمبدأ تكافئ الفرص و محاربة لظاهرة الغش عموما و الغش التكنولوجي خصوصا؟ أم الخلل في طريقة وضع مواضيع الامتحان و منهجية تقييمها؟... بعض خصائص المترشحين الناجحين: كما بلغ عدد الناجحين من الأحرار 9815 بنسبة نجاح تقدر ب 15,34%، و هذا الانخفاض في نسبة نجاح الأحرار يعكس من جهة، وجود تدني مستوى بعض المرشحين الأحرار نتيجة عدم انتسابهم لأي مؤسسة تعليمية مما يؤثر سلبا على مردوديتهم، و من جهة أخرى، يظهر عدم رغبة بعض المترشحين الأحرار في اجتياز الامتحان لأسباب غير معروفة رغم تقديمهم الترشيح، و هذا يزكيه نسبة الحضور المتدنية المسجلة. و بالنسبة للتعليم الخصوصي فقد بلغ عدد الناجحين 19144 بنسبة نجاح تقدر ب 78,84 %، وهي نسبة مهمة مقارنة مع مثيلاتها المسجلة في التعليم العمومي. و هذه النتيجة تتناغم مع ارتفاع عدد المترشحين في التعليم الخصوصي إلى 24 563 مترشح و مترشحة في هذه السنة، مقارنة مع 20 390 المسجلة في سنة 2011، حيث بلغت نسبة الزيادة 20. 46 %. و فضلا عن ذلك، نسجل في هذا الصدد ، تفاوتا في نسب النجاح بين الشعب، حيث بلغت نسبة نجاح الممدرسين في الشعب العلمية و التقنية 54,46 % في مقابل نسبة 40,34 % سجلت في الشعب الأدبية و الأصيلة . بعض مؤشرات التميز: و فيما يخص نسبة الحاصلين على الميزات، فقد بلغت 42,06 %، كما أن أعلى معدل وطني (19.28% ) حصل عليه تلميذ بثانوية الجرف الأصفر التأهيلية بزاوية سيدي إسماعيل بجهة دكالة عبدة . و هذا يؤكد على أنه و بالرغم من الإكراهات و الصعوبات التي يواجهها نظامنا التعليمي، فهذا لا يمنع من وجود نماذج وضاءة و أمثلة مشرفة تنير لنا الطريق، وتعيد الأمل في رسم معالم مستقبلنا التربوي. واستنادا إلى نفس النتائج المحصل عليها بالنسبة للمترشحين الممدرسين، فقد تبوأت أكاديمية واد الذهب لكويرة الصدارة بنسبة نجاح بلغت 64.09 % ، و احتلت أكاديمية فاس بولمان المرتبة الثانية بنسبة 56.23 % ،فيما حققت أكاديمية مراكش تانسيفت الحوز 53.41 % محتلة بذلك المرتبة الثالثة. هذه النتائج المهمة لا يجب أن تنسينا التباين الحاصل بين الأكاديميات الجهوية للتربية و التكون و بين النيابات الإقليمية التابعة لها على مستوى الإمكانيات و الوسائل المتاحة ( المادية، البشرية، المالية...) و التي تؤثر مباشرة على النتائج المحققة. و إجمالا، فرغم المجهودات المبذولة من طرف وزارة التربية الوطنية من أجل إنجاح عملية تنظيم امتحانات البكالوريا لهذه السنة ، وبالرغم من النتائج المهمة المحققة خلال الدورة العادية، الذي تتزامن مع انتهاء السنة الأخيرة من أجرأة البرنامج الاستعجالي ، خصوصا الارتفاع المهم المسجل في نسبة الحاصلين على الميزات (42,06 %)، و في نسبة نجاح الممدرسين في الشعب العلمية و التقنية ( 54,46 %)، و في نسبة الناجحين من التعليم الخصوصي( 78,84 %)، إلا أننا نسجل أن نظام الباكلوريا الحالي مازال يشكو من بعض النقائص و التي يمكن حصرها في ضعف النسبة الإجمالية للنجاح بالنسبة للدورة العادية (48,96 %) وضعف نسبة حضور و نسبة نجاح المترشحين الأحرار حيث سجلت على التوالي (49.85%) و (15,34%). وفي الأخير، لا بد من تهنئة كل الموفقين في نيل شهادة الباكلوريا في الدورة العادية لهذه السنة، و متمنياتنا بالنجاح لكل المستدركين. كما لا يفوتنا أن نشكر كل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاح هذا الاستحقاق التربوي المهم. عبد الغفور العلام