أكد المعهد الملكي للشؤون الدولية ببريطانيا (شاطام هاوس) أن الملكية بالمغرب تمثل ضمانة لاستقرار واستمرارية الدولة. وقالت السيدة كلير سبينسر مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمعهد الذي يوجد مقره بلندن٬ إن هذا المعطى يظهر جليا من خلال الحكمة والتبصر اللذين يقود بهما صاحب الجلالة الملك محمد السادس مسلسل الإصلاح السياسي في المملكة. وأبرزت السيدة سبينسر٬ في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ أن الملكية تفرض نفسها٬ في إطار العملية السياسية المغربية٬ كحكم ونقطة تجذر٬ مشيرة إلى أن توافق المجتمع المغربي بكل مكوناته حول النظام الملكي٬ تم تجسيده طيلة النقاشات حول الإصلاحات التي أنجزت السنة الماضية. وسجلت أن هذه النقاشات ٬ خاصة بين الشباب ٬ سلطت الضوء على دور النظام الملكي كمصدر للاستمرارية والاستقرار. وقالت إن »هناك تمسكا حقيقيا في المغرب بالإصلاحات في إطار الاستمرارية »٬ مضيفة أن الأمر يتعلق بمصدر قوة بالنسبة للمغرب مقارنة مع بلدان أخرى دخلت في دوامة الشك وعدم الاستقرار. ولاحظت المسؤولة بالمعهد أن المغرب نجح ٬ بمهارة كبيرة وبرد سريع ٬ في التكيف مع المناخ الجديد الذي تولد مع »الربيع العربي »٬ حيث أبان عن قدرة كبيرة على الإنصات لنبض الشارع. وتابعت أن مراجعة الدستور خلال العام الماضي فتحت الباب أمام فئة واسعة من الفاعلين من أجل إشراكهم في العملية السياسية والاجتماعية والاقتصادية٬ حيث أن الأحزاب السياسية انخرطت في هذا المسلسل الذي انطلق بعد المصادقة على الدستور الجديد خلال استفتاء يوليوز 2011٬ فضلا عن أن أطرا شابة ترشحت للانتخابات التشريعية التي جرت بالمملكة شهر نونبر من السنة ذاتها٬ مؤكدة أن إجراء هذه الانتخابات ٬ في سياق إقرار الدستور الجديد ٬ كان في حد ذاته اختيارا حكيما٬ بخلاف بلدان أخرى في المنطقة حيث دخلت عملية الإصلاح في مستنقع٬ مما خلق مناخا من الشك وعدم الاستقرار. وشددت السيدة سبينسر على أن »الخيار الذي نهجه المغرب بمراجعة دستوره لتعزيز انفتاح الحقل السياسي على أصوات جديدة٬ كان قرار جيدا »٬ مشيدة ٬ في هذا السياق ٬ بالسلطات المغربية عن حسن تدبيرها للعملية برمتها٬ وهي العملية التي توجت بالانتخابات التشريعية في نونبر 2011. وقالت إن »المغرب كذب ٬ خلال هذه الاستشارة الانتخابية ٬ توقعات بعض المحللين الذين شككوا في إمكانية قيادة تشكيل سياسي كحزب 'العدالة والتنمية' لحكومة بعد الانتخابات »٬ معتبرة أن المغرب أعطى الدليل على أنه من الممكن لحزب ذي مرجعية إسلامية تشكيل حكومة٬ وأن ذلك أمر طبيعي لكون هذا الحزب كان دائما طرفا من المشهد السياسي بالمملكة. وسجلت أن وصول ائتلاف حكومي يقوده حزب 'العدالة والتنمية' عزز صورة الانفتاح السياسي للمغرب٬ وأن هذا الائتلاف الذي يشتغل في ظرفية اقتصادية إقليمية ودولية غير ملائمة٬ يواجه مهمة صعبة٬ لاسيما تحسين أداء القطاعات الرئيسية كالصحة والتعليم٬ مبرزة أن الحكومة التي يرأسها السيد عبد الإله ابن كيران مدعوة لتقديم أجوبة سريعة وفعالة لانتظارات المواطنين٬ خاصة منهم الشباب الذي تتمثل مطالبهم الأساسية في خلق مناصب شغل. ويتوفر المغرب الذي سجل تقدما ملموسا على الصعيد السياسي٬ على أساس متين وإطار ماكرو-اقتصادي سليم لمواجهة تحدي تشغيل الشباب٬ عبر التشجيع على إنشاء مقاولات صغيرة ومتوسطة وتنشيط الاستثمار في القطاعات الواعدة مثل الطاقات المتجددة. وحسب السيدة سبينسر٬ فإن تحدي خلق مناصب الشغل لا يقتصر على المغرب فقط٬ بل هناك بلدانا أخرى بالمنطقة وحتى أوربا٬ تواجه نفس الوضعية. وقالت إن تطورا اقتصاديا بأوربا ٬ خاصة بفرنسا وإسبانيا ٬ سيكون له تأثير مباشر على الوضعية الاقتصادية بالمملكة التي ترتبط بالقارة العجوز بعلاقات تعاون متينة. ولم يفت المديرة بالمعهد الملكي للشؤون الدولية الإشادة ٬ في هذا السياق ٬ بالسياسة التي ينهجها المغرب لتنويع أسواقه٬ بانفتاحه على مناطق أخرى من العالم كغرب إفريقيا وأمريكا اللاتينية. وأعلنت ٬ بالمناسبة ٬ أنها ستزور المغرب في شتنبر المقبل لحضور مؤتمر حول العلاقات بين المملكة وأمريكا اللاتينية٬ لاسيما البرازيل٬ من أجل إنشاء منطقة استثمار تجمع القارات الثلاث. ومن جهة أخرى٬ لاحظت السيدة سبينسر أن المغرب يوجد في موقع جيد يسمح بمواجهة تحد آخر مرتبط بتطوره السياسي والاقتصادي٬ يتمثل في تعزيز الجهوية. وقالت إن المغرب انخرط في برنامج انتقال طموح في إطار سياسة الجهوية٬ معتبرة أن من شأن هذا البرنامج الناجع ٬ بحكم تنوع المجتمع المغربي٬ أن يعزز الملكية كسلطة رقابية لحكامة مبنية على الشفافية في تدبير الشأن العام.