أكد المعهد الملكي للدراسات الدولية (شايتم هاوس) الذي يوجد مقره بلندن, أن الإصلاحات التي باشرها المغرب خلال العقد الأخير , خاصة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية , "تجعل البلاد في منأى عن اللاستقرار الذي تعيشه بلدان عدة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا". وذكرت كلير سبينسر مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بهذا المعهد الرفيع , في حديث صحفي , أن المغرب يتمتع بعدد من عوامل الاستقرار, منها الدور الرائد الذي يضطلع به صاحب الجلالة الملك محمد السادس في قيادة مسلسل الإصلاح. وأشارت سبينسر , في هذا الصدد , إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي قالت عنها "إنها ساعدت على تقليص الفقر بالمغرب". كما شددت على الدور الجوهري للقطاع الخاص المدعو إلى تعزيز مسار المغرب في طريق الدفع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وبعودتها إلى المظاهرات الاجتماعية ل20 فبراير, أكدت سبينسر على الطابع السلمي لهذه المظاهرات. وقالت إنها "كانت سلمية بدرجة عالية", معربة عن أسفها لأعمال التخريب التي قام بها بعض المتظاهرين في عدد من مناطق المملكة. وسجلت أن السلطات المغربية تعاملت بشكل حضاري مع هذه المظاهرات, واصفة هذا التعامل ب"المقاربة المسؤولة". وتلتقي سبنسر في تحليلها مع الحكومات والمنظمات الدولية التي أكدت على "نضج" السلطات المغربية في التعامل مع التظاهرات. وهو ما نفس ما أقرته المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان (أمنستي أنترناشيونال) والحكومة البريطانية أيضا. وقالت سبنسر إن هذا الطابع السلمي يبرز بوضوح الفروق العميقة ما بين الوضع في المغرب وواقع الحال في بلدان عربية أخرى. وأضافت أنه خلافا لبلدان عربية أخرى, يعرف المغرب منذ عدة سنوات دينامية على مستوى النقاش السياسي في ما يخص عدد من القضايا, مشيرة إلى مناخ الحرية في التعبير والصحافة الذي يطبع الحياة السياسية والاجتماعية في المغرب..(يتيع) وتابعت سبينسر أن المظاهرات التي عرفها المغرب همت على الخصوص تغيير أنماط تدبير الشأن الاقتصادي والاجتماعي, مشيرة إلى أن هذا المعطى يتعين أن يدفع السلطات المغربية إلى تسريع مسلسل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية بغية تعزيز ولوج السكان إلى سوق الشغل وإلى القطاعات الاجتماعية الأخرى. واعتبرت أن عناصر هذا التغيير موجودة مسبقا في المغرب, مذكرة بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة المغربية لتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة كمكون رئيسي للنسيج الاقتصادي للمملكة. وقالت سبينسر, وهي على دراية كبيرة بالتطور الاقتصادي والسياسي في المغرب, إن تقوية القطاع الخاص والنهوض بالشفافية تعتبر أدوات رئيسية لتشجيع إحداث مقاولات قادرة على توفير مناصب شغل للشباب حاملي الشهادات. وعلى المستوى السياسي, ركزت المسؤولة بالمعهد على ضرورة إعطاء دينامية جديدة للعمل البرلماني, مع التركيز على الدور الهام الذي يتعين أن تضطلع به الأحزاب السياسية في هذا السياق عبر تجديد نخبها. وأضافت أن المجتمع المدني, الذي يبقى حيويا بالمغرب, مدعو أيضا للإسهام في هذا المجهود, مشيرة إلى أن المجتمع المغربي يتوفر على العناصر الضرورية لإنجاح مسلسل الإصلاحات الواعدة التي أطلقتها المملكة خلال العشر سنوات الأخيرة. +المجلس الاقتصادي والاجتماعي, دور رئيسي+ من جهة أخرى, أكدت سبينسر أهمية الدور الذي ينبغي أن يضطلع به المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس على تنصيبه خلال الأسبوع الجاري. وقالت إنه يتعين ,لا محالة ,على المجلس الذي يضم شخصيات من مشارب مختلفة مواكبة مسلسل التنمية الذي انخرط فيه المغرب, مشيرة إلى أن "قوة المغرب تكمن في تنوعه". وبعد أن أكدت على أهمية سياسة التنمية الجهوية التي أطلقها المغرب, أبرزت سبينسر أن هذا التنوع الذي تعزز بمسلسل التغيير الدينامي الذي انطلق خلال العشرية الأخيرة سيمكن المغرب من رفع التحديات التي يواجهها. وسجلت أن مجالس التنمية الجهوية التي تم إحداثها بالمغرب " فريدة من نوعها في المنطقة العربية, مؤكدة ان هذا التغيير الدينامي والمتنامي الذي يعرفه المغرب " من شأنه "إعطاء الأمل للسكان" الذين يلمسون النتائج على أرض الواقع. وأوضحت انه اعتبارا لوجود نظام من هذا القبيل تم إرساؤه مسبقا ويجري العمل به, "فإن على السكان أن يقدموا أيضا إسهامهم من خلال تدبير شؤونهم بشكل مسؤول بهدف الاستغلال الأمثل للفرص المتاحة, مؤكدة على ضرورة بذل جهود إضافية لتوسيع مجال مشاركة المواطنين