يسير المغرب، الذي يواصل بحزم جهوده لإقرار إصلاحات على كافة المستويات، قدما نحو تعزيز موقعه كشريك متميز لدى المملكة المتحدة. ويجمع أصحاب القرار السياسي ومراكز الأبحاث وأكاديميو العلوم السياسية والفاعلون السياسيون البريطانيون على أهمية التوجه، الذي انخرط فيه المغرب، البلد المدعو للعب دور القاطرة في الاستراتيجية الجديدة، التي يسعى رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كامرون، إلى إطلاقها في شمال إفريقيا على ضوء التغيرات، التي تشهدها المنطقة. وشكلت زيارة وزير الشؤون الخارجية والتعاون، الطيب الفاسي الفهري، خلال الأسبوع الماضي، إلى لندن، فرصة للمسؤولين البريطانيين السامين لإبراز المكانة، التي يحتلها المغرب داخل الأجندة البريطانية. واستغل وزير الشؤون الخارجية البريطاني، وليام هيغ، تلك الزيارة للإشادة بخطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم 9 مارس الجاري، إلى الشعب المغربي، وأعلن خلاله عن برنامج طموح للإصلاحات. وفي هذا الإطار، أشاد هيغ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمضمون خطاب صاحب الجلالة، معتبرا أنه "رسالة قوية تؤكد أن جلالة الملك على استماع متواصل لتطلعات شعبه". وأكد هيغ أن جهود الإصلاحات هذه، التي أشادت بها القوى الكبرى، وضعت المغرب في موقع رائد من شأنه تعزيز علاقات شراكته مع المملكة المتحدة. وقال هيغ إن علاقات التعاون القائمة بين المملكة المتحدة والمغرب "جيدة وإننا على استعداد لتعزيزها بشكل أفضل". وانطلاقا من المكتسبات الجوهرية التي جرى تحقيقها بفضل الجهود الدؤوبة لسفيرة المغرب بالمملكة المتحدة الشريفة للاجمالة، أعلنت الرباطولندن، خلال زيارة الفاسي الفهري، عن وضع أجندة للشراكة الثنائية التي من شأنها، حسب هيغ، مساعدة البلدين "على تقوية روابط تعاونها بشكل واسع في كافة القطاعات". وأضاف أن البلدين "مصممان العزم على تعزيز التقارب بين شعبيهما وتكثيف مبادلاتهما الاقتصادية من خلال العمل المشترك حول العديد من القضايا الدولية"، مشيرا إلى أن هذه الأجندة تمنح "أفقا واعدا للبلدين". وقال إن "الأمر يتعلق بمشروع أسعى إلى تحقيقه منذ أمد بعيد مع المغرب". من جهة أخرى، يتحتم على المغرب، بقوة الواقع، تبوؤ مكانة مميزة داخل الاستراتيجية الجديدة، التي تسعى السلطات البريطانية إلى تطبيقها في شمال إفريقيا، في أعقاب التغييرات الأخيرة التي تشهدها المنطقة. وأيد كبار المسؤولين البريطانيين، وبينهم هيغ، ونائب رئيس الوزراء، نيك كليغ، أخيرا، إرساء مقاربة أوروبية جديدة في المنطقة، من خلال توفير دعم كبير لمسلسل إصلاح التنمية الاقتصادية. وفي هذا الإطار، أكد هيغ أن المغرب مؤهل للعب دور مهم جدا في إطار الرؤية البريطانية الجديدة حول منطقة شمال إفريقيا. واعتبر رئيس الدبلوماسية البريطانية أن العديد من العوامل تشجع الدور، الذي يضطلع به المغرب، خاصة حجم التعاون الكبير بين المملكتين ودرجة الانفتاح السياسي المتطورة بالمغرب. وأكد، في هذا السياق، أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن ينخرط في أجندة سياسية أكثر جرأة وانفتاحا في المنطقة، من خلال زيادة فرص الولوج إلى الأسواق الأوروبية، وزيادة الدعم من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والإصلاحات السياسية. وقال إن "مشروعا من هذا القبيل يتناسب تماما مع تطلعات المغرب"، مؤكدا أن هذا المشروع سيوفر "الإطار المناسب لزيادة تعزيز علاقات التعاون بين الدول الأوروبية والمغرب". ويتقاسم عدد من ممثلي مجموعة التفكير في لندن، علاوة على كبار المختصين بمنطقة شمال إفريقيا، وجهة نظر الخارجية البريطانية. واعتبرت كلير سبنسر، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية الشهير، ومقره في لندن، أن الإصلاحات، التي أطلقها المغرب في السنوات العشر الماضية، خاصة في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تعزز مسيرة المملكة نحو التقدم والحداثة. وقالت سبنسر، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن المغرب يتمتع بالعديد من عوامل الاستقرار ومن بينها الدور الأساسي، الذي يقوم به صاحب الجلالة الملك محمد السادس في قيادة مسلسل الإصلاح. وفي السياق نفسه، قال الأستاذ جورج جوف، الخبير في قضايا شمال إفريقيا، إن الإصلاحات، التي أعلن عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تكتسي أهمية كبرى في ترسيخ المسلسل الديمقراطي بالمغرب، وتعزيز المجهودات من أجل تحقيق تقدم اقتصادي. وعلى المستوى الاقتصادي، تتواصل المجهودات لإعطاء الشراكة الثنائية كافة فرص النجاح، التي شجعها التقارب السياسي الدائم بين لندنوالرباط. وهكذا، جرى تحديد مجالات محددة من قبل مسؤولي كلا البلدين لضمان تعزيز هذه الشراكة، من بينها مجلس الأعمال المغربي البريطاني، الذي يرأسه عن الجانب المغربي، مصطفى التراب. ويؤكد مسؤولون مغاربة وبريطانيون أن هذه المهمة ليست سهلة، وتتطلب جهدا متواصلا، سيما في مجال التواصل.(و م ع)