إن فوز حزب العدالة والتنمية الباهر في اقتراع 25 نونبر أثر بشكل واضح على إعادة صياغة موازين القوى خاصة على مستوى الخارطة الحزبية وذلك من خلال مستويات ثلاث ، أولها اعتراف كل الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية بتصدر الحزب للانتخابات التشريعية وخلخلة كل التحالفات الحزبية التي كان بعضها هجينا ،فحزب بن كيران عمليا وواقعيا فك التحالف من أجل الديمقراطية وذلك بمشاركة حزب الحركة الشعبية في التحالف الحكومي الذي يقوده حزب المصباح والحركة الشعبية هي من مكونات تحالف ج8 ثم بمشاركة حزب الاستقلال أحد الركائز الأساسية في أحزاب الكتلة ليتجلى بوضوح أن الكتلة قد استنفذت أغراضها التاريخية وخصوصا بالتحاق حزب الاتحاد الاشتراكي بصفوف المعارضة وبالتالي عصف فوز العدالة والتنمية الكاسح بتحالف ج8 وكذلك بأحزاب الكتلة الديمقراطية وأما على المستوى الثالث استطاع حزب العدالة والتنمية إسقاط الفزاعة الإسلامية والحصول على مباركة دولية كما أعلنت مجموعتان نيابيتان تتكونان من 11 نائبا ينتمون إلى سبعة أحزاب صغيرة ويسميها البعض حديثة تفاديا للإحراج وهما مجموعة المستقبل ومجموعة تحالف الوسط مساندتهما لحكومة بن كيران كما أن أحزاب المعارضة وعلى رأسها التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة ،أكدت أحزابها أن المعارضة ستكون قوية وفاعلة وتمنوا للأغلبية الجديدة النجاح في تحقيق أهدافها ونتيجة لهذه التطورات المتسارعة يمكننا القول أن حزب العدالة والتنمية قد أعاد تشكيل التوازنات السياسية المغربية وهذا التأثير الواضح يبدأ تحديدا بالاشارة إلى طبيعة العلاقات التي يمكن أن ينسجها هذا الحزب مع المؤسسة الملكية ،فالأمر هنا لا يتعلق بمجرد التزام الملك بمقتضيات الفصل 47 من الدستور الجديد الذي ينص على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي يتصدر الانتخابات التشريعية ،بل يتعلق بتأسيس علاقات مبنية على الثقة بين الملك وحزب المصباح ،والملك محمد السادس قد ورث مشهدا سياسيا كان من بين مكوناته حزب العدالة والتنمية الذي بدأ نجمه يسطع وخصوصا أن الشعب قد فقد الثقة في الأحزاب الأخرى ،وهناك حزب مخزني آخر مقرب من القصر وهو حزب الأصالة والمعاصرة وزعيمه فؤاد علي الهمة وكان هذا الحزب مناوئا للإسلاميين منذ تأسيسه في أغسطس 2008 حيث حدد أهدافه بشكل واضح في مواجهة الإسلاميين ومشروعهم الظلامي المناهض للمشروع الديمقراطي الحداثي لكن تجري الرياح بما لاتشتهي السفن فنحن اليوم أمام مشهد سياسي يتزعمه حزب العدالة والتنمية الإسلامي وهو ما شكل توازنات سياسية جديدة وغير مسبوقة في المغرب..