ولادة طفلين ملتصقين ظاهرة بدأت فى الانتشار بشكل كبير فى المجتمعات العربية والعالم آخرها كانت لسيدة بالمنوفية أنجبت طفلتين هما روان ورويدا ملتصقتين من البطن والصدر والكبد، وبالرغم من نجاح العملية فى فصل التوأم بمستشفى الأطفال التخصصى ببنها على يد أكثر من 18 طبيبا إلا أنهما لقيتا حتفهما نتيجة لهبوط حاد فى الدورة الدموية بعد إجراء العملية ب8 ساعات. يحكى لنا أشرف مصيلحى، والد الطفلتين، القصة والتى بدأت فى العاشر من مارس العام الماضى عندما كان ينتظر خبرا سارا وهو ولادة زوجته للمرة الثالثة، ولكن السرور لم يكتمل بعد فشل حدوث الولادة بشكل طبيعى وإعلان طبيب الولادة حالة الطوارئ بمستشفى المنوفية الجامعى لإجراء عملية ولادة قيصرية لاستخراج ابنتى وهما فى حالة التصاق من الصدر والبطن. ويقول ل "اليوم السابع" إنه لم يكن يعلم أن زوجته حامل فى توأم ملتصق، خاصة أنها أنجبت مرتين بشكل طبيعى، كما أنه لا توجد صلة قرابة تجمعه بزوجته ولم تتناول أى أدوية طوال فترة الحمل. ويكمل أنه فور العلم بالحالة قام بنقل الأم والطفلتين لمستشفى الأطفال التخصصى ببنها لتلقى الرعاية اللازمة، وبالفعل قام الدكتور نصيف حفناوى، مدير المستشفى، بمتابعة الحالة مع أكثر من 18 طبيبا من مختلف التخصصات. وذكر أن الأطباء قاموا بإجراء العديد من الفحوصات الطبية لهما، وتبينوا أن كل واحدة لها قلب وكبد منفصل عن الأخرى، مما يزيد من فرص نجاة الطفلتين. وبعد عام ونصف العام من المتابعة والفحص التام لحالة الطفلتين قرر الأطباء إجراء العملية فى التاسعة والنصف من صباح الجمعة الموافق 16-12-2011. وأوضح لنا أن العملية استغرقت حوالى 14 ساعة متواصلة وبعدها أكد لى الأطباء نجاح العملية واستقرار حالة الطفلتين الصحية. ولكن بعد 8 ساعات فقط من نجاح العملية توفى الطفلتان إثر هبوط حاد فى الدورة الدموية، مما صدمنى أنا ووالدتهما صدمة شديدة. وعن مرحلة المتابعة يقول الدكتور نصيف حفناوى، مدير مستشفى الأطفال التخصصى ببنها واستشارى جراحة الأطفال، أن هذه الحالة هى الحالة الرابعة من نوعها التى تجرى داخل المستشفى، وقد بدأ فريق العمل بمتابعة حالة الطفلتين منذ اليوم السابع من ولادتهم إلى أن وصلوا إلى سنة وتسعة أشهر. ويبين أن رحلة العلاج بدأت منذ اللحظات الأولى، حيث قام الفريق الطبى بعمل أول فحص طبى شامل، واتضح من خلاله أنهم يعانون من عيب خلقى فى القلب، وواحدة منهما تعانى من عيب خلقى متقدم عن الأخرى، وأنهما ملتصقتان بمنطقة البطن والصدر، ولهما حبل سرى واحد، وكان القلب مغطى بغشاء قلبى واحد. وأضاف أنه بعد استقرار الحالة عمل على زيادة وزن الطفلتين للقدرة على تحمل خطورة العملية، ومنذ حوالى 3 أشهر عملنا تمددا للأنسجة من أجل تكبير الجلد، حتى لا نحتاج إلى جراحة تجميل بعد عملية الفصل، بالإضافة إلى تجهيز ما يحتاجه الأطباء أثناء الجراحة. وروى "حفناوى" ما حدث فى يوم العملية، حيث بدأت فى تمام الساعة التاسعة صباحا حتى السادسة والنصف مساء، وبدأت أولا بجراحة الكبد فقد تم فصله بجهاز فصل الكبد، وأخذ ما يقرب من ساعة ونصف الساعة، ثم فصل القلبين، حيث كانا ملتصقين بغشاء قلبى واحد واستمرت حوالى ثلاث ساعات وأكثر، ثم جراحة فصل البطن ومرة أخرى إلى القلب حتى تم وضع شبكة بديلة على جدار القلب فى كل طفلة. وأكد "حفناوى" على عدم حدوث أى مضاعفات للطفلتين أثناء إجراء العملية وتمت بنجاح بنسبة 100%، وبعد خروج الطفلتين من غرفة العمليات تم وضعهما على جهاز التنفس وكانتا بحالة جيدة. وأشار إلى أنه بعد العملية حدث لإحدى الطفلتين توقف فى القلب بشكل مفاجئ وذهبت الظنون إلى احتمالية حدوث نزيف فى منطقة الصدر، ولكن توفيت الطفلة وبعدها بربع ساعة التحقت بها أختها. وعن رأى الدكتور عبد العزيز عبد الله، استشارى تخدير أطفال وطبيب التخدير للعملية، فيقول: منذ أن بدأنا الفحص عليهما اكتشف لنا أولا أنهما ملتصقتان بقلب واحد وكبد واحد، لذلك فقررنا استبعاد فكرة الفصل لأنها ستؤدى إلى وفاة إحداهما، وهذا أمر خارج عن نطاق الإنسانية. ومع الفحوصات المستمرة اتضح أنهما ملتصقتان فقط فى منطقة البطن والصدر والحبل السرى وبدأ فريق العمل فى التجهيز إلى العملية منذ ثلاثة أشهر وعمل بروفات على يوم الفصل بين الأختين، وبالفعل دخلتا إلى غرفة العملية فى حالة صحية جيدة وفى الفترة المناسبة لهما لإجرائها، وأثناء الجراحة واجهتنا بعض الصعاب، ولكننا تغلبنا عليها لأنها من الأمور المعتادة فى مثل خطورة هذه الجراحات، وبالفعل خرجت الأختان من العملية بعد نجاحها 100%، وظل الفريق الطبى متابعا لحالة الطفلتين لحين استلام طقم الرعاية المركزة لهم، دون أى مشاكل، ولكن الغموض فى حالة "روان ورويدا" هو أن نسبة الوفاة أثناء العلمية أكبر بكثير عن فترة الرعاية المركزة، وفى حالتهما حدث العكس تماما، بالإضافة إلى وفاة الطفلتين فى نفس التوقيت بعد دخول الرعاية بأربع ساعات. ولذلك أكد الدكتور "حفناوى" أن كل طقم من فريق العمل سوف يقوم بتقديم تقرير مفصل عن حالة الطفلتين لكشف أسباب الوفاة. ومن جانبه يوضح الدكتور محمد سامى الشيمى، أستاذ طب الأطفال ومدير عام مستشفى الأطفال بكلية الطب جامعة عين شمس، أن حالات التوأم الملتصق هو نوع من حالات التوأم والتى انتشرت فى الفترة الأخيرة لعدة أسباب، منها أسباب وراثية سواء من الأب أو الأم، حيث قد يحدث طفح وراثى يؤثر على حدوث توأم ملتصق وقد تحدث أيضا نتيجة لتلوث البيئة من حولنا، فضلا عن تناول الأدوية والهرمونات لعلاج العقم أو عند حالات التلقيح الصناعى، حيث تعمل تلك الأدوية على استثارة البويضة وحدوث انقسامات بها. وتشير الدراسات إلى أنها توجد فى دول أوروبا كبلجيكا بنسبة واحد لكل خمسين حالة، بينما تقل فى الدول الأسيوية لتصل الى حالة كل 300 فرد وبشكل عام فإن نسبة حدوث التوأم تصل إلى 5 فى الألف. وحول نسبة حدوث التوأم السيامى أو الملتصق فهى تصل إلى 1 فى الخمسين ألفا من حالات التوأم العادية ويقول إنه فى حالة التوأم العادية قد يكون التوأم فى كيس رحمى واحد أو فى كيسين منفصلين ولكن عند تأخر انقسام البويضة يكون التوأم فى كيس رحمى واحد، مما قد يزيد من احتمالية حدوث الالتصاق. ويبين دكتور محمد أن أغلب حالات التوأم الملتصق تكون من الإناث وتصل نسب الوفيات عالية نظرا لتداخل الأوعية الدموية بينهم، خاصة فى الحبل السرى، كما أن الالتصاق قد يحدث فى أماكن مختلفة، فنسبة حدوثه فى الصدر تصل إلى 8% وفى هذه الحالة يكون القلب مشتركا أو ملتصقا بالقلب الآخر. وقد يحدث الالتصاق فى البطن بنسبة 10% وغالبا ما يكون الالتصاق فى البطن والصدر معا وتصل النسبة ل28%، بينما يكون التصاق الرأس 6% وأحيانا يكون الالتصاق كليا فى أغلب الجسم وتصل نسبته إلى 10%. وحول مستقبل هؤلاء الأطفال يتوقف على مدى ومكان الالتصاق ومدى اشتراكهم فى الأجهزة الحيوية من عدمه، بالإضافة إلى إمكانية الإجراء الجراحى للفصل بينهما. ويؤكد أنه يمكن تشخيص حالات التوأم والتوأم الملتصق بنسبة 90-95% قبل الولادة عن طريق الفحص الدورى للمرأة الحامل، حيث يشك الطبيب عند كبر حجم الرحم عن المتوقع أو عند سماعه لضربات قلب مختلفة عند إجراء الأشعة الصوتية، كما أن هناك بعض التحاليل كتحاليل الهرمونات أو الفافيتو بروتين التى يمكن من خلالها اكتشاف حالات التوأم. وبالرغم من سهولة اكتشاف حالات التوأم الملتصق قبل الولادة عن طريق الموجات الفوق الصوتية إلا أن مدى الالتصاق يكون غير واضح، وبالتالى يصعب على الطبيب التشخيص الدقيق للحالة. ويشدد دكتور محمد على ضرورة التشخيص الجيد للحالة قبل الولادة، خاصة أن عملية الولادة ستكون قيصرية وستتطلب العديد من الاستعدادات الخاصة، كما أن أى تأخير قد يؤدى إلى نزول الأطفال فى حالة متأخرة.