تفاعلت مختلف المسيرات السلمية والهادئة شكلا ومضمونا، في جل المدن التي استجابت لنداء "20 مارس"، مع ما جاء به الخطاب الملكي ليوم 9 مارس، من إصلاحات شاملة للدستور لبناء مغرب قوي و ديمقراطي. أول الإشارات الدالة على الوعي المتقدم للشعب المغربي، ومن النجاح الباهر، الذي صنعه المواطنون من أعمار مختلفة، شاركوا بطرق حضارية للتعبير عن مطمح سياسي مشروع، ما هو إلا المزيد من تعميق الإصلاحات، هذه الإشارات التقطها المجتمع الدولي، بعين من الرضى والتفاؤل على مستقبل المغرب في رقعة جغرافية، تبعث بالأمل.
والحق أن الشعب المغربي شغوف بالمطالبة بالإصلاح والتطور نحو الأفضل، لكنه من دون شك لا يرفض الفوضى والدمار والعبث بالمقدسات، وينبذ كل أشكال التيئيس والذل والانبطاح. فالذين يريدون الفوضى والدمار، هم أعداؤه المتربصون به الذين لهم أهداف شعبوية، وأفكار ظلامية، أضحت معالمها واضحة من خلال أحداث عاشتها بعض المدن في السابق، ولم تعد تجد فضاء لتكرار الانزلاق المؤدي إلى الشغب. فهؤلاء هم الذين نذروا أنفسهم للفساد، ويسعون للخراب وربط الشباب بأفكارهم الطاغية والمستبدة. فالمجد والخلود للمغاربة الأشاوش، الذين نقشوا مسيرة 20 مارس بتحف ديمقراطية و رسخوا مفاهيم عصرية للحريات العامة و مبادئ حقوق الإنسان، وقدموا للآخر درسا في المواطنة وحب الوطن، والخزي والعار للمدنسين المندسين بأقنعة تغيير الفساد، بطلت نزواتهم الهدامة و الملغومة، باصطدامها بجدار الوحدة و التضامن والتماسك. شباب اليوم، بصم بحضوره المتزن والعقلاني صفحة المغرب الجديد، وقدم للتاريخ الحديث، عربونا على أنه سيظل حريص كل الحرص على سلامة وطنه، وتجنيبه مزالق الفتن، وهؤلاء الشباب يستحقون التكريم ممن يقدرون المسؤولية، ويرعون الأمانة، ويسيرون بالبلاد في طريق التقدم والرخاء والازدهار، في ظل الأمن والأمان والثقة الراسخة للمواطن في وطنه وفي قيادته التي تسعى بخطى ثابتة، إلى بناء مغرب التحدي، وكسب الرهانات الكبرى. هذا التاريخ الحديث، هو مدرسة وطنية لشباب الغد، سيحمله مسؤولية حمل المشعل، لمواصلة النضال والكفاح من أجل مجتمع ديمقراطي حداثي، يسعى إلى الكرامة في العيش والشغل، و يعمل على محاربة الفاسدين والمفسدين. نعم للإصلاح والتغيير المنشود، المبني على الحوار الجاد و على التشاور وتبادل الرأي بدون الركوب على موجة المخاطر. ولا للتحريض والتشويش على هذا الورش الكبير المفتوح على جميع المستويات، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، لبناء مجتمع عصري متضامن ومتمسك بمقدساته الوطنية