ناقوس الثورة يدق للمرة الثانية على التوالي، هاهوذا شعب آخر صامد يجدد طاقاته لليوم السابع، فبعدما آتت الثورة الأولى من بلاد المغرب العربي أُكلها، هاهي ذي العدوى تنتقل إلى المشرق، في مصر الان، تختبر جلَد شعب في التحمل من أجل فك قيده.. إنه عصر الصحوة، عصر التحرير والحرية، عصر نهاية الظلم، والاستبداد، إنها أسطورة جديدة، ترسم معالمها بدماء الشعوب، وفجر عربي جديد، يطل من شرفة ظلت مغلقة لعقود، تحت حكم شرذمة من الطغاة، عاتوا في الأرض فسادا..
ولازال الشيخ الهرم يتشبت بالكرسي تشبته بالحياة، وما يفصله عن لقاء ربه سوى خطوتين، كيف سيلقاه يا ترى؟ وماذا سيقول لو سئل عن رعيته؟ بأي ذنب قتل الأبرياء؟.. ما أقبح مغريات الدنيا، جعلتهم يركضون حول أحلام زائفة اغتصبت عنوة من فكر الثوار..لتسلبهم الحق في الحياة..
لكن لا صوت يعلو فوق صوت الحق، دارت عجلة الزمن وهاهي ذي تدوس السراب الذهني الذي تكوم عبر العصور، هاهي مساوئ السياسة المريضة تعلن حالة احتضار طال انتظاره، لكنها الان تنذر بريح عاتية ستقتلع الأخضر واليابس من جذوره، لتبني أصول الديمقراطية شبرا شبرا على رصيف الحرية، معلنة بذلك نهاية عصر الظلام..
ما يحدث نتاج لتراكمات جمة، سكنت فكر كل عربي، ونخرت عوده، فلا العيش عيش ولا الوطن وطن، زمن اقتيد فيه الشعب كالقطيع، وحرِّمت فتاوى الديمقراطية، علت الهتافات المختنقة بحياة الرئيس، فالكل في بلده آمن، وكيف لا والعصى بيده اليمنى، تبيع صكوك الغفران للشعب العزيز، وتشتري بالأخرى ابتسامات مرغمة، وتوقيعات لا تحمل أسماء أصحابها.. أما الآن، وقد بلغ السيل الزبى، فلا راد لقضاء الله، والقدر أراد الثورة، التي كتمت أنفاسها وسط الرغام ثلاثين عاما..فحلها الان يا من افتعلتها..يا من أشعلت النار، ولكنك لن تطفأها..أبدا لن تطفأها..