منظرمن قرية تمالوت "جماعة أنمزي" 24-01-2012 11:42 عبد الإله العكدة/ "أسبوعية الوطن الأن" في العيش الكريم؛ لكن مقابل عطائها السخي (مياه وثروات غابوية ومعدنية) نأبى إلا تكميم أفواهها وكتم أنفاسها حتى لا تستيقظ ضمائرنا... فتيات وفتيان في مقتبل العمر منهم من مر بتجربة الزواج والطلاق دفنوا أسرار براءتهم وراء جفون ذابلة تملؤهما الحسرة والألم، تقضي اليوم بطوله تترقب بين الجبال والتلال قدوم «غودو» الذي قد يحل معضلتهم الوجودية. وإن لم تكن بالمجتمع القبلي المغلق وعلى الرغم من انفتاحها الحذرعلى القوانين المخزنية، فإن ساكنة تاملوت كسائر القبائل الأمازيغية بمقدمة الأطلس الكبير (آيت ابراهيم وآيت اعمر...) تحكمها أعراف وتقاليد عبر التاريخ، ساهمت في الحفاظ على تماسك القبيلة وضمنت استمرار قيم التكافل والتضامن بين مختلف أفراد القبيلة، واستطاعت بذلك تحصين موروثها الحضاري والثقافي. وفي هذا الإطار تندرج ظاهرة:إزماز وخطوبة الأطفال المبكرة. إزماز: الضريبة أو العقوبة الزجرية التي يفرضها المجلس القبلي على كل خارج عن قراراتها ومواقفها وقد تصل العقوبة لمستوى المقاطعة الإجتماعية والإقتصادية. وبخصوص الخطوبة المبكرة للأطفال، فهي من المواضيع التي يتكتم عنها كثيرا، ربما كان ذلك بسبب الحساسية البالغة للظاهرة أو تجنبا للتأويلات والإتهامات التي قد تنال من سمعة القبيلة. ونظن جازمين أن المدخل الحقيقي لتجاوز معاناة ساكنة المنطقة اللامتناهية، من تونفيت إلى إميلشيل، رهين بتصحيح الخريطة المخزنية الإدارية التي كانت تعتمد مقاربات أمنية وسياسية بدل المقاربات السوسيولوجية والخصوصية الاقتصادية والثقافية، وهي التي ساهمت بشكل كبير في إحكام العزلة على ساكنة المنطقة. الرحلة إلى تاملوت، جماعة أنمزي بإقليم ميدلت، لم تكن من أجل الرغبة في الخروج من المكان الواحد، ولا رغبة في وصف القرية وسحر طبيعتها، لكن من أجل الكشف عن الغربة التي يعانيها الإنسان وسط الطبيعة في قلب المغرب العميق. تقع تاملوت في مقدمة الأطلس الكبيرعلى بعد 60 كم من تونفيت و15 كم من أنفكو، تعلو عن سطح البحر بحوالي 200 2 م . ينحدر غالبية سكانها؛ البالغ عددهم 800 نسمة؛ من قبائل آيت يحيى التي قدمت من أغبالو ن كردوس، وتعايشت إلى جوار قبائل آيت أومالو منذ مئات السنين. يمتهن سكان القرية الرعي والفلاحة، وإن كانت التضاريس الجبلية المعقدة لا تسمح باستغلال مساحات كافية للزراعة تمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي للساكنة، حتى الثلوج أو درجات الحرارة المنخفضة على طول الموسم الفلاحي لم تكن تساعد على تطويرها. وأمام هذا الوضع المأزوم الذي فرضته الظروف الطبيعية على قاطني المنطقة يضطر معظمهم للهجرة بحثا عن فرص أخرى للعيش ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا. وفي جولة ل«الوطن الآن» وسط القرية التي تخفيها قمم جبل معسكر، لا حديث للساكنة سوى عن معاناتهم الأبدية مع الثلوج وحطب التدفئة، وفي سؤال طرحته الجريدة على أحد أعيان المنطقة والعضو في المجلس الجماعي بأنمزي (الذي فضل عدم ذكر اسمه) عن موارد الجماعة و مداخيلها من المجال الغابوي وموقفها من النهب والتدمير الذي تتعرض له الثروة الغابوية، أجاب «ليست لنا مداخيل تمكننا من تجاوز المشاكل التي يعاني منها السكان. أما بخصوص الغابة: أسسنا بداية الألفية الثالثة جمعية تعاونية فيها ممثلين عن كل القبائل. وقد كانت تجربة رائدة في مجال تدبير وتوزيع وبيع الحطب، استفاد منها الفقراء كذلك وقطعنا الطريق على ناهبي ثرواتنا الغابوية، لكن تم إفشال التجربة من طرف بعض السكان لغرض في أنفسهم... لا نملك شيئا، والمسؤولون بأنفكو أصبحوا أكثر جشعا من ذي قبل فهم من يهيمن على المساعدات والهبات التي تقدم إلى المنطقة ويستحوذون على كل المشاريع مثل: الإعدادية التي يحاولون بناءها في أنفكو بدل أنمزي التي تعتبر مركزا محوريا لكل الدواويروالقبائل: أكديم وفرعياته،آيت مرزوك». وفي استفسارنا عن انعدام الخدمة في المستوصف العمومي الذي بني سنة 2004، أجاب المستشار الجماعي ببساطة «البناية لم تكتمل لتستقبل المرضى وعند الضرورة نقصد المستوصف العمومي بأنفكو». لكن التنقل من دوار إلى آخر لم يعد بالهين، خاصة مع تدهور حالة الطرقات التي تآكلت أو ضاعت كليا جراء الإنجرافات والفيضانات التي شهدتهما المنطقة خلال السنة الفارطة قد يتطلب إصلاح تلك الطرق والمسالك وقتا طويلا وبليارات من العملة الصعبة حتى لاتتفاقم عزلة السكان عن العالم الخارجي. وبهذا الخصوص أكد أحد أبناء المنطقة الذي رافقنا خلال هاته الرحلة «قد تقطع الطرق بسبب الفيضانات التي تعودنا عليها كل سنة أو بسبب التساقطات الثلجية لهذا يتم الحرص على اقتناء المواد الأساسية فقط في السوق الأسبوعي وتخزينها: الزيت والسكر والشاي والبطاطس».