فنان شاب، بمواهب عديدة، من أبناء الأطلس المغربي، أمازيغي المنشأ، عالمي الطموح، يسعى لنقل التجربة الفنية الأطلسية إلى العالمية بواسطة ريشته. في هذا الحوار نرصد بداياته الفنية و العوالم التي يعشقها وتعشقه. س : كيف تقدم نفسك للقراء؟ ج: مولاي حفيظ أيت بلعربي، ولدت يوم 13 نونبر 1978 ، كانت مرحلة الطفولة صعبة ازدادت صعوبة بعد التحاقي بالمدرسة حيث قضيت مشواري التعليمي إلى حدود الباكالوريا متنقلا بين تونفيت و ميدل، هذه الأخيرة حصلت فيها على شهادة الباكالوريا من ثانوية الحسن الثاني سنة، 1999 بعدها التحقت بكلية الآداب بمكناس لدراسة الأدب الإنجليزي ، لكن قساوة ظروفي المادية جعلتني أمزج بين الدراسة و العمل في أوراش البناء و غيرها، ولم يدم هذا الوضع طويلا فالتحقت بالجندية لكن شخصيتي المتمردة لم تتحمل ما تقتضيه الجندية من التزام و انضباط، و لهذا قررت الانسحاب أيضا من هذه المهنة و عدت إلى الدراسة من جديد، لكن هذه المرة في شيء أجد فيه راحتي و هو التكوين في مدرسة للإعلاميات فتخرجت منها بدبلوم تقني مؤهل في السمعي البصري، ومكنتني هذه التجربة من التقرب أكثر من الصورة سواء الثابتة أو المتحركة. س: أنت فنان متعدد المواهب، تجمع بين الموسيقى والتصوير الفوتوغرافي، والسينما و التشكيل. كيف تجمع بينها؟ وأي فن يغريك أكثر؟ ج: أنا انسان نذر حياته للفن عامة أي أنني منقطع كل الانقطاع عن المشاغل التي تشغل بال الأشخاص العاديين، بمعنى آخر، أنا متحرر من جميع الالتزامات التي يمكنها أن تحول دون الاهتمام بالفن و لهذا أجد الوقت لمزاولة فنون عديدة منها تلك التي أمارسها باستمرار مثل الموسيقى و تلك المرتبطة بالرحلات مثل التصوير الفوتوغرافي، أما التشكيل فهو ممارسة تملي علي نفسها و تفرضه فهو استجابة لحالة نفسية ووجدانية إنني ارسم عندما يجب أن أرسم و أترك جميع الأشياء جانبا وانفرد بالألوان و اللوحة، أما بخصوص أفضلية الفنون عندي، صراحة، لايمكنني إلا أن أقول بأنها متساوية فهي تتداخل في وجداني و تشكل ذاتي المتشظية ، فانا ابن هذه الفنون جميعه، و لا يمكن أن أتنكر لأي منها، إنها تمارس حضورها الطاغي و المهيمن بنفس التأثير و نفس الأهمية نظرا لوجود خيط ناظم و رابط بينها فهي تتكامل مثل حواس الإنسان التي تجعل وجوده في الكون مكتملا . س : يلاحظ في مجمل أعمالك التشكيلية التركيز على الظواهر الفنية، ما السر في ذلك؟ ج: ملاحظة وجيهة، فانا أرسم الظواهر الفنية لان الفن لا يمكن أن يطور و يفجر طاقاته الإبداعية إلا الفن نفسه، فالتطور لا يسلك إلى الفن سبيلا آخر غير ذات، و لهذا رسمت مشاهير الفنانين العالميين مثل المايسترو موحى أولحسين أشيبا، محمد رويش، محمد مغني، شريفة كرسيت، جاك بريل، جيمس هاندريكس ...كما رسمت لوحات توثق بعض الرقصات العالمية مثل أحيدوس، البالي، التانغو... وبهذا فعملي التشكيلي يمكن أن يعتبر إلى جانب حمولاته الجمالية عملا توثيقيا للظواهر و الوجوه الفنية خاصة في تعددها و تنوعها، و كذا أهميتها في فهم الوجود الفردي و الجماعي عند شعب من الشعوب أو ثقافة من الثقافات . س : أصدقاؤك من عالم التشكيل يجدونك ميالا للتجريد، ما رأيك في هذا التصنيف؟ ج: للأصدقاء و النقاد الحق في مقاربة لوحاتي و لوحات أي فنان آخر ولن أصادر حق أي كان في تصنيفي، أما موقفي الشخصي فانا بالرغم من إطلاعي على الخلفيات الفلسفية و الجمالية للمدارس التشكيلية لا اجعل نفسي مريدا و تابعا لأي مدرس، إنني متحرر من أي ولاء مذهبي، لكن لا أنفي حضور هذه المدارس في ما أرسم و لا أبخس إنتاجات الفنانين الملتزمين بخط تشكيلي معين أو بمدرسة فنية معينة. س: ما هي الرسائل التي تحاول ان تبلغها في لوحاتك؟ ج : الفنان ليس نبيا لكي تكون له رسالة بهذا المعنى، ثم إن رسالة الفنان أيضا لابد أن تتغير فهي تكبر مع كبر تجربته الفنية و قد تضمحل باضمحلال هذه التجربة، و بالنسبة لي فالحمولات التي أسعى إلى إيصالها، من خلال ما أرسم هي التعريف بهويتي المغربية الأطلسية الفنية، من خلال تقديمها و عرضها فنيا و جماليا جنبا إلى جنب ، مع الفن العالمي وفق رؤية تساوي و توازي بين الثقافات و تقدم فنوننا المحلية بنفس القيمة التي تحظى بها جميع الفنون العالمية و هذا ما لن يتأسس الا بغرس قيم المحبة و التعايش و السلم في العالم. س : ماهي مشاريعك المستقبلية؟ ج: بخصوص مشاريعي المستقبلية ، أود أولا أن انهي و استكمل رسم مشاهير الفنانين العالميين و كذا فنون الرقص، ثم أفكر في عدد من اللوحات حول البيئة و خطورة التدهور البيئي أما الموسيقى أحاول إيجاد طريقة للمزج بين فن كناوة و الموسيقى الوترية الأطلسية، اما السينما فقد أعددت مادة فيلمية وثائقية حول الخصائص الطبيعية و البشرية و الثقافية لمنطقة تونفيت، و كذا معرض للصور الفوتوغرافية حول منطقة تونفيت . كلمة أخيرة. أشكر جزيل الشكر جريدتكم على هذا الاهتمام بالفن والفنانين عامة، كما أحيي فيكم غيرتكم على المنطقة و على الثقافة في زمن البؤس الثقافي.