على بعد خمسين كيلومترا ونيف ، إلى الجنوب الشرقي من بلدة : " كرامة " ، تقع قرية : ( قدوسة ) التابعة إداريا لجماعة : ( وادي النعام ) المنضوية تحت لواء قيادة : ( بودنيب ) بإقليم : " الرشيدية "...... مدشر صغير نسبيا ، يقبع في مضيق جبلي ، تميزه منازل ترابية متناسقة ، من حيث طابعها المعماري القروي ، تحاذيها على ضفتي مجرى النهر ، حقول صغيرة نسبيا ، تحتضن زراعة معيشية متواضعة المردود ، و تزينها أشجار نخيل وزيتون مثمرة زاهية .... اكتسبت " قدوسة " شهرة كبيرة ، منذ نهاية ستينيات القرن المنصرم ، حين أكدت الدراسات ، بأن موقعها المتميز ، مناسب لإيواء حاجز مائي كبير ، من شأنه أن يروي آلاف الهكتارات القاحلة المترامية الأطراف ، الواقعة في المثلث الذي يصل " بودنيب " بكل من العين الزقاء ( مسكي ) ، والنفوذ الترابي " لأرفود " بتافيلالت.... وأن البحيرة بعد إنجاز المشروع ، ستختزن منسوبا كبيرا للغاية ، بفضل الكميات المائية الهائلة ، التي يفيض بها نهر " كير " وروافده المتعددة في الأيام الممطرة ، والتي تضيع دوما في رمال ثخومنا المتصلة بالجارة الجزائر.... ومن أهم هذه الروافد : " دار الحاج " ، و " تميلوست " ، و " بويجادجن " و " أسفتي " و " ألمو إسمغان "..... كما جلبت هذه القرية الوديعة إليها الأنظار، في ارتباط بنفس الموضوع ، سنة 1974 بعد الفاجعة التي وقعت في أجوائها آنذاك ، و المتمثلة في وفاة كل من عامل إقليمالرشيدية ، المشمول بعفو الله : ( أحمد بنتهامي ) ، و الملازم المرحوم : ( محمد بوركا ) من صفوف القوات المساعدة ، إضافة إلى أحد الربابنة ، ونجاة كل من السيد : رئيس دائرة الريش ، و الدكتور ( مولود الزواكي ) ، من المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي ، اللذين أصيبا بجروح ورضوص بليغة، جراء تحطم المروحية التي كانت تقلهم ، إثر ارتطامها بأحد القضبان الحديدية..بينما كانوا في رحلة جوية يتفقدون أحوال المواطنين في ربوع الحوض كله ، عقب تساقطات ثلجية ومطرية طوفانية ، شهدتها المنطقة في شتاء تلك السنة.. فقيل بعد ذلك الحادث المروع - وعلى نطاق واسع -، بأن تشييد السد أمر حتمي ، للمحافظة على الماء واستغلاله على نحو أفضل ............ ومرت السنوات الطويلة والعقود العجاف... وبقي المواطنون يعيشون على وقع الوعود والتمنيات أحيانا ، والإحباط والتذمر أحيانا أخرى ، إلى أن تحقق الحلم عام 2013 ، حين أعلنت السيدة الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة ، المكلفة بقطاع الماء ، عن خروج المشروع ، الذي طال انتظاره ، إلى حيز الوجود......لتشرع بعد ذلك الآليات الكبيرة المتوافدة على القرية ، والمارة بتراب مركز " كرامة " ، في بناء منازل المهندسين والتقنيين... وتوطئة موضع الحاجز المائي.... وكذا في شق مسار جبلي ، من شأنه أن يحافظ على الطريق الجهوية الرابطة بين " كرامة " بإقليم ميدلت ، و" بودنيب " بإقليم " الرشيدية "..... لا يجادل أحد ، في أن هذه المنشأة العملاقة ، ستقي تجمعات سكنية عديدة ، من الفيضانات المهولة ، كالتي شهدتها المنطقة في خريف 2008 ....، وستوفر الآلاف من أيام العمل للشباب العاطل..... ، وستحول - بلا ريب - أراضي بورية شاسعة ، إلى مزارع و ضيعات خير ونماء.... ، وستغير وجه هذه الربوع ، من السفوح الجنوبية الشرقية بشكل إيجابي جدا.... كما أن الخطوة التي اتخذها القائمون عليها ، والقاضية بإحصاء ساكنة قرية ( الكرعان ) وممتلكاتهم ، في أفق ترحيلهم وتعويضهم ، ستساهم هي الأخرى في إزالة كل المخاوف المشروعة...وستعطي لهذا الصرح السقوي بعدا اجتماعيا وإنسانيا واقتصاديا غنيا عن كل تعليق....... يبقى الأمل الوحيد المتبقي للمواطنين ، هو أن تكون استفادة الفلاح الصغير واضعة المعالم...وألا يأتي الإقطاعيون على الأخضر واليابس