هذا هو مضمون المداخلة التي ألقيتها اليوم الأحد 27 دجنبر 2015 بمناسبة الدورة الأولى لمهرجان ملتقى القبائل بمدينة الريش الذي يحمل شعار "الموروث الثقافي حماية لهويتنا الوطنية" الندوة أقيمت بدار الشباب المدينة ........... أزول ... تنميرتنون .. بسم الله الوحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين . أولا الشكر الجزيل لجمعية الفعل الثقافي والتنموي بالريش على أخد مشعل المبادرة لتنظيم هذا الحفل الثقافي و الفني بمدينة الريش الغالية كما لايفوتنا أن نشكر الشركاء بدعمهم المادي و المعنوي والتضامني لهذا الحفل المتميز .... لنا كامل الفخر و الإعتزاز بإنتمائنا لهذه المدينة من وطننا العزيز والتي لها ميزة مشرفة لكي تحتضن هذا الملتقى "ملتقى القبائل " من طرف شباب غيور ولدوا من رحم هاته المدينة .......... "ملتقى القبائل" عنوان لم يأتي عبثا أو إعتباطيا بل هو موجود على أرض الواقع لأن مدينة الريش تعتبر نسخة طبق الأصل لمغربنا الذي يلقب "بمغرب الشعوب" فمدينتنا الصامدة نالت لقب "بمدينة القبائل" وأن إحتضان مدينة الريش لكل القبائل المتجدرة بالجنوب الشرقي ياتي من تميزها بثقافة الإنفتاح وتقبل التعايش مع الأخر بفعل الضيافة والكرم التي تمتاز بها قبيلة أيت زدك مند عهود وأزمنة غابرة ولا زال صيتها صاداحا مأثرا رغم كيد الكائدين الذين يحاولون عبثا إقبار أي فعل بهذه المدينة الصامدة و المناضلة و التي لنا فخر نضال أجدادنا بها و سقي أرضها بدمائنا الأمازيغية المغربية........ نعم إنهم يكيدون. لكن شبابنا الريشي لن ينسى تاريخه و ثقافته و هويته وسيعيد البحث والعمل في تدوين التاريخ الحقيقي للمنطقة .... تعتبر مدينة الريش مدخلا للأطلس الكبير الشرقي،وتقع على ضفاف واد زيز بين مدينتي الراشيدية (66كلم) و ميدلت (كلم75). حيث كانت آنذاك عبارة عن قرية تسمى "إغرم نأيت إيزدك " والتي سميت في ما بعد "إغرم ن13 نتمزداغت". وهي قرية قديمة تتواجد بمحاداة مقبرة "سيدي علي" التي سميت على إسم فقيه البلدة المرحوم سيدي علي أسهلي.... وهذا حسب شهادات إستقيناها من شيوخ كبار السن من قدماء مدينة الريش . أما عن الحقبة الإستعمارية : لقذ رأى الإستعمار الفرنسي في منطقة الريش موقعا مهما و استراتيجيا لهذا شهدت سنة 1914 دخول اول كتيبة فرنسية مرفوقة بمجموعة من المهندسين العسكريين إلى المنطقة بغرض دراسة إحداث مركز الريش لكي يكون مركزا عسكريا . وبعد ذلك ولبسط سيطرته عمد المستعمر على هدم قرى "إغرم اقديم" و"و إغرم نوأحاكور" وتحويل ساكنتها إلى ما يسمى حاليا ب"الريش أقديم". وتأتي هاته التسمية (الريش) لأن البلدة بنيت فوق صخور (Les roches). وقد عمل على تجميع شتات الساكنة في مكان واحد من أجل إحكام قبضته عليها. بعد إنتهاء تشييد المباني عام1919وبعد السيطرة التامة المنطقة بدأ المستعمر في التخطيط الإستراتيجي لعملية الإجتياح وعلى إتمام احتلال جبال الأطلس الكبير الشرقي وخصوصا قبائل أيت حديدو المقاومة العصية على الخضوع أثناء تشييد مركز الريش اعتمد المستعمر على الثقافة المعمارية المحلية الأمازيغية لدى قبيلة أيت إزدك التي تتميز بطابع القصبات والقصور. حيث أخد كل المعالم والعناصر المحلية ووظفها في البناء وخير دليل على ذالك مركز قيادته (الباشوية حاليا ) والثكنات العسكرية "ثكنة موبيل 2" والثكنة المسمات محليا "بيروعراب" ثم المسجد القديم و المصلى والكنيسة الكاتوليكية (جانب الهلال الأحمر المغربي). و معلوم ان مركز الريش الحاضن لقبائل ايت إزدك يعتبر من العواصم المركزية لها، بالإضافة إلى مدينتي "ميدلت" و"إمتغرن" (الرشيدية حاليا). قبيلة ايت إزدك تنتمي الى اتحادية قبائل أيت يافلمان التي تضم قبائل أيت حديدو وايت مرغاد زيادة على عرب بني معقل (عرب صباح). وتشتهر بتاريخها ومقاومتها الشديدة والشرسة للاستعمار الفرنسي بالأطلس الكبير الشرقي حيث شاركت في معارك طاحنة من وسط إتحادية أيت يافلمان بالتنسيق مع إتحادية أيت عطا ضد المستعمر الفرنسي في كل الحروب الضروس والمعارك التي شهدها الأطلس الكبير من "معركة بادو" و"معركة بوكافر" و"معركة أيت يعقوب" و"معركة تزيزاوت" والكثير من المعارك قبل ان يحكم المستعمر الفرنسي قبضته على المنطقة التي كانت عصية المنال بعد كر وفر .......... وقد تغيرت التركيبة السكانية والإثنية لمركز الريش بعد خروج المستعمر، حتى صار يعتبر ملتقا للأعراف والتبادل التجاري ومزيج من الثقافات المتجدرة في التاريخ المحلي والتي تمثلها مختلف القبائل المجاورة التي وطدتها المصاهرة والصداقة والعلاقات فيما بينها إلى حدود الساعة . ومن أهم القبائل التي نزح كثير من أبنائها نحو مركز المدينة أواسط القرن العشرين بالإضافة لقبيلة أيت إزدك نجد هناك عدد كبير من اليهود المحليين الذين جعلو منها مركزا تجاريا ثم الشرفاء الأدارسة والعلويين وأيت حديدو وأيت مرغاد وأيت سغروشن وأيت عطا وعوائل أخرى من قبائل مختلطة . تتمركز الأنشطة الرئيسية لساكنة المدينة ومحيطها حول تربية المواشي والرعي والفلاحة و الحرف اليدوية والتجارة. حيث تحتضن المدينة سوقا أسبوعيا للماشية والذي يعتبر من بين أكبر أسواق المواشي بالمغرب بالإضافة إلى سوق أسبوعي هام نظرا للإرتباط الإقتصادي التاريخي مع القبائل المجاورة . كما ان الموقع الجغرافي لمدينة الريش الدي يعتبر نقطة عبور بين منطقة املشيل (قبائل ايت حديدو. ومنطقة أملاكو واسول وكلميمة (قبائل ايت مرغاد) .ومنطقة كرامة تالسينت (قبائل أيت سغروشن).أضف إلى ذلك ميدلت والراشيدية جعل منها مركزا تجاريا مهما ....إن البنية الثقافية و الإجتماعية للقبائل جعلت من المنطقة مجالا سياحيا متميزا بمواسمها الثقافية والتجارية والدينية نذكر على سبيل المثال : موسم سيدي عياد بتليشت .موسم سيدي حماد اولمغني بإملشيل . وموسم تالسينت وموسم سيدي بويعقوب بأسول ومواسم دينية بكل من زاوية سيدي حمزة يوم عيد المولد النبوي. وزاوية سيدي بوكيل يوم عاشوراء ولا ننسى موسم ابوحصيرة بتولال الذي ينظم كل سنة من طرف اليهود المحليين الذين هم جزء لا يتجزأ من التركيبة السكانية ....ورغم القيمة السياحية لهذه الأنشطة الثقافية والإجتماعية والتجارية إلا أن المنطقة تعاني من التهميش في المجال السياحي اثر سلبا على البعد الإقتصادي و التنموي . ...... ولهذا نأمل من الجهات المعنية والمسؤولة وكدلك المجتمع المدني ولكل من له غيرة على هاته المدينة بدل الجهود من أجل الرقي و التقدم بمدينتنا الريش الحاضنة لعدد من القبائل للخروج بها من بين أمواج التهميش و الإقصاء إلى بر الأمان ....... والسلام عليكم ........... مع تحيات /ادريس السوسي.