على بطاح أقصى الجنوب الشرقي من البلاد تحت سفوح جبال الاطلس الصغير ،تعيش منذ عقود من الزمن فرقة سياسية نستطيع ان نطلق عليها وصف "غجر السياسة". فهي فرقة ليست مستقرة مثلما يفعل الرحال و قطعان أغنامهم حين يتنقلون بحثا عن العشب والكلأ، كما انها تعيش على هامش المجتمع وخارج القانون في كثير من الاحوال والاحيان وخارج الثقافة السياسية والمجتمعية والفكرية التي يتطلبها العمل السياسي في العهد الجديد بدولة الحق والقانون .فرقة استفادت وتستفيد من عنصر التهميش واللامبالاة التي تعرفها المنطقة بحكم انتمائها الى مايسمى في عرف البعض بالمغرب غير النافع. ومن مميزات هذه الفرقة التي لديها باع طويل مع الفساد الانتخابي والغش والخداع ،وان لديها القدرة الطبيعية والاجتماعية العجيبة في الاتفاق بسهولة على أي عمل ضروري للحفاظ على مصالحها الخاصة ،والقدرة الطبيعية على إحياء الحفلات التي تطلبها منها بعض التماسيح والعفاريت التي توجهها بالتليكوموند من خلف ابواب الفنادق المكيفة والفيلات الفخمة من داخل المنطقة وخارجها ،وخاصة ايام الإنتخابات محلية كانت أم برلمانية اذا دفعت لها سرا أو علانية أجورها الفنية وغير الفنية. ومثل ما يتجنب الغجر المدينة والمدنية يتجنب غجر السياسة بمنطقة اقصى الجنوب الشرقي كل متمدن وكل من يحمل على رأسه ورقة تنوير خضراء ،وهم يكنون الحقد الدفين للناجحين واصحاب الكفاءات والمتعلمين من أصحاب المثل والقيم لأنهم يكشفون عن فشلهم. ويثنون على كل أمي رث ،أو صاحب اموال فاسد، أو مثقف انتهازي يساند وصوليتهم وأنانيتهم الجشعة التي لاتنتهي. وهم من ذلك النوع الذين إذا امتلكوا نفوذا أو مالا أو قوة نكلوا يا للخسارة بمادونهم من عباد الله المستضعفين وأذاقوهم جحيما وعذابا . واذا دخلوا دائرة انتخابية افسدوها وخربوها وجعلوا ساكنتها اذلة، ونقلوا بيارقهم وهوساتهم وفسادهم الى كل مكان بالمنطقة . ومثلما يختلف الناس في اصل الغجر ويتفقون على انهم غير مستقرين حيث يوجدون، يختلفون في الاصل الثقافي والسياسي لطبقة الغجر السياسية في المنطقة ، ويتفقون على انهم غير مستقرين وهم متنقلون ولذلك لايهمهم تنمية المنطقة ولا جمعياتها ولا ساكنتها ولاتاريخ وثقافة البلد وإنما يهمهم مصلحهتم ومصلحتهم فقط . ولاغرابة ان ترى هؤلاء الغجر الذين تربطهم العشيرة والمصاهرة والمصلحة الخاصة قد افسدوا دوائر انتخابية كثيرة وتحكموا في مخرجات انتخاباتها بما يخدم مصالحهم الريعية التافهة الى حد ان الساكنة تعرف كل مرة في بعض الدوائر من سينجح في الإستحقاقات حتى قبل إجراء الإنتخابات وهذا هومنتهى المهزلة والإنحطاط . فالإنتخابات في عرف فرقة الغجر هاته ينطبق عليها منطق "التعيين الإنتخابي"اكثر مما ينطبق عليها إسم "الإنتخابات" بالمعنى المعروف لدى الجميع. ومنطق التعيين هذا، يفرضة فرقة الغجرقبل الانتخابات بفرض على الناس بيدق يخدم اجندتها الخاصة ولو على حساب المصلحة العامة .والويل لمن تجرأ ان يحشر نفسه ليشارك في غمار منافسة ومضايقة بيدقهم على الساحة التي احتكروا مغانمها مهما كانت قليلة منذ سنين.فبسبب افاعيل هذه الفرقة من الغجر المناصرة للفساد والمناهضة للتنمية والمساواة والشفافية والتغييروالتقدم ، تشوهت رسالة الإنتخابات المحلية ومراميها النبيلة وظلت بعيدة عن التمثيل الشعبي و قريبة عن منطق النصب والاحتيال والخداع.ومما يزيد الطين بلة مال الاحزاب السائب الذي تتلقفه أيدي أعضاء الفرقة لتفعل به الافاعيل.فهي فرقة تستطيع ان تفعل أي شيء مقابل الفلوس ،مما يجعلهادائما تتصدر المشهد العام بالمنطقة. والسؤال الذي يطرح نفسه مع هذه المهزلة السخيفة المثيرة للسخرية والأسى هو: ما الفائدة من التصويت في هذه المسرحيات السيئة الإخراج كل مرة مادام ان النتيجة محسومة سلفا قبل إجراء الانتخابات ؟، ومن يقف منذ عقود خلف فرقة الغجر هاته ؟..إن أي مواطن لابد وأن يشعر بالقرف والملل حينما تتكرر نفس المشاهد ونفس الكلام ونفس الاشخاص ونفس الإتجاه ونفس اللعبة القذرة البائدة ونحن في العهد الجديد،عهد الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان والميثاق الجماعي الجديد والدستور الجديد لسنة2011.. إن الاستعانة بأفراد العشيرة في الانتخابات كما تفعل فرقة الغجر يدمر الديموقراطية.وحتى اذا تظاهر المواطنون إضطراريا وسلميا بسبب القرف والملل والعبث، حشدت السلطات ضدهم جحافل من القوات المساعدة كأنهم منحرفون مارقون دون أن تكلف نفسها عناء تقصي حقائق خروج المواطنين الى الطرقات العمومية حاملين شعارات "لا" ثم "لا"للمهزلة. إذا كان هذا هو حال الانتخابات المحلية التي فقدت بسبب أفاعيل فرقة الغجرشرعيتها ومعناها ومتعتهاومصداقيتها وحتى عنصر المفاجأة التي تحملها الإنتخابات ويتطلع اليها الجميع في الدوائر الإنتخابية العادية الأخرى، فإن حال الإنتخابات البرلمانية ليست أحسن حالا، ففي كل مرة ترى في بحر أيامها في هذه المنطقة القبلية بإمتياز فرقة العجر قد تحولت الى اشبه مايكون بمليشيا مستأجرة تعمل بلاخجل في السمسرة والمتاجرة بالواقع المأزوم للساكنةالضحية لصالح هذا البرلماني اوذاك، ليس على أساس المبادىء،أوالانتماء الإيديولوجي، أوالكفاءة، أوهدف تنموي، بل على أساس من يدفع أكثر بغط النظر عن لون انتمائه الحزبي والإيديولوجي حتى لو كان من حزب الشيطان. فلا غرابة ان تراهم كل مرة ،قدحولوا المنطقة بساكنتها التي ينهشها الفقر والامية والجهل الى أشبه ما يكون بمزاد علني لسوق الماشية لبيع وشراء ذمم الناس بالفرادى أوالجملة.وهم على إستعداد دائم لحرق المنطقة من أجل مصالحهم الخاصة ومصالح بني عشيرتهم وخدمة كل صاحب رؤوس أموال حتى لو كان مسخا نجسا مرتشيا او فاسدا جمع ملايين من الدريهمات دون ان يكون له جهد غير الحيلة والغش والرشوة وانعدام الأخلاق وغياب الدين الا في الصلوات الخمس والصوم والحج.لا حدود للضمير ومشتقاته لدى أعضاء هذه الفرقة المعروفة لدى الساكنة واحدا واحدا ، لا فكرة محددة أو منهجا فكريا يحملون.لابرامج تنموية ولاعمل تطوعي ولابطيخ..ومن أراد ان يطلع على المزيد من القصص السخيفة المثيرة للسخرية عن هذا الحضيض المقرف حول فرقة الغجر هاته التي شوهت مرامي الانتخابات ومعها التنمية وثقافتها ،ما عليه سوى ان يسأل الساكنة وسيسمع بأذنيه العجب العجاب.. وقد جاءت أهمية تناولنا لهذا الموضوع في كون ان نفس الوجوه " الضيقة الافق" من فرقة الغجر التي لاتملك سجلا إنتخابيا نظيفا والتي تتحكم في نسج خيوط الانتخابات بالمنطقة منذ عقود هي التي لاتزال تدبر، وتخطط وتعين من سيترشح حتى هذه الايام في الظل ومن البيوت المغلقة بعقلية عشائرية إقصائية بائدة للإنتخابات الحالية من أجل التحكم القبلي في مخرجاتها بما يخدم اجنداتهم الانتفاعية الخاصة دون غيرهم من فئات ومكونات إجتماعية أخرى عريضة عزفت أصلا عن السياسة والمشاركة الانتخابية بسبب افعالهم الإبليسية.وجوه من الشر تخطط بنفس السلوكات والشطحات الوصولية البهلوانية الفاضحة البائدة التي كانت سائدة قبل ظهور الدولة والمجتمع الحديث وقبل مجيء الدستور الجديد لسنة 2011، وقبل ما يعرف بالربيع العربي والثورات التي شهدها العالم وكأن شيئا لم يتغير مع هؤلاء الغجر الذين ينأون بأنفسهم عن الدخول في عالم الحضارة والتمدن. ففي كل مرة لاتنتج الإنتخابات المزيفة بسبب افاعيل أعضاء الفرقة هاته بالمنطقة سوى هياكل فارغة ومنتخبين فاسدين لاقدرة لهم على القيام بوظيفة التنمية المحلية،لأن العضو المزيف كما تعلمون يشعر بأنه صنيعة المزيف(بكسر الياء وتشديدها) فهو إذن لن يحكم بغير إرادته ولن يكون إلا صدى صوته فهو دمية في يد من يحركه لاغير .. وهل يمكن هنا ان نتحدث عن الشرف السياسي، والفضيلة، والتغيير ،والشفافية والنزاهة والديموقراطية وتنمية المنطقة مع مثل هذه النماذج ياسادة؟..المنطق السليم يقول: أن من جاء الى الانتخابات بنية التحايل والخداع وبفكر غجري عشائري إنتهازي إقصائي متخلف وبائد لايمكن ان يأتي بالإصلاحات وتغليب مصلحة الوطن والمصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وهذا واقع.وإذا القينا نظرة خاطفة على تجارب الأمم الغابرة نجد فيها مايؤكد هذا الطرح . فبناء الحضارات وتراكم التجارب التاريخية وتشكل الفلسفات والنظريات والأفكار،قليلة هي اللحظات التي ترجح فيها القوة والخداع على «السلم» و«المصلحة الخاصة» على «شمولية الأهداف والأغراض»، والإنشداد الى «مرجعية محددة» عوض «النزعة الإنسانية العامة ».وتلك قاعدة أطرت الفكر البشري وحكمت تطلعاته، منذ تنوع وتناقض أنماط الإنتاج، وتصدع علاقاته الإجتماعية ، وفقدان الإنسان وحدته البدائية. وهي قاعدة لاتزال أغلب دوائر المنطقة بعيدة كل البعد عن تحقيقهاأوالإستئناس بها على الأقل بسبب فرقة الغجرالتي تريد ان تبني مجدها الشخصي على انقاض إقصاء أطراف أخرى كثيرة مهضومة الحقوق في دولة الحق والقانون .وفي كل مرة ترى افراد من فرقة الغجر ذات المصالح الفئوية العشائرية يقفون في الإنتخابات البرلمانية الى جانب التماسيح والعفاريت الذين مصوا دماءالمنطقة دون شبع الى حد لم يبقوا فيها للناس سوى أسماءهم فقط يحتفضون بها لتصوت عليهم في الانتخابات اللاحقة لكي يكونوا على الناس سلاطين بالمال والقوة والنفوذ.ولاغرابة أن ترى كل مرة الساكنة المغلوبة على أمرها قد تحولت مع هذا الفعل الدنيء الى حطب التدفئة يتدفأون بها لمقاومة فشلهم وأيامهم الباردة وجوعهم الذي لاينتهي ...وقد سببت سياساتهم الفاشلة اكثر من مرة في الإحتقان الإجتماعي والتوتروخروج الساكنة الى الاحتجاج وقطع الطرقات تنديدا بما يجري من حيف واستبداد وهم يتبادلون الادوار مع عفاريت وتماسيح استمرأت احتكار حلب البقرة العجفاء التي لاتدر لبنا ،بقرة لايتوانون في المطالبة كل مناسبة أو دون مناسبة بّإسمها رصد مختلف انواع الميزانيات التي تتحول الى غول خفي يلتهم قسطا كبيرا منها دون أن يظهر أثرها في شكل الحياة الحضرية الفيزيقية أو الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة ، ميزانيات للتنمية الاجتماعية ومحاربة الاقصاء الاجتماعي والجفاف والهشاشة والفقر والتهميش و.. و ..و...إلخ ، حيث استنزفت المنطقة اموالا طائلة في مخططات تنموية كثيرة بأسماء ومسميات مختلفة دون ان تقدم مردود ايجابي على حالة المشاريع والخدمات التي تخدم المواطن. ولا في حدها الأدنى ليظل التهميش والفقر يعلنان بقوة عن قرونهما البغيضة بكل عناد وإصرار.مما دفع إحدى الوكالات الأمريكية الدولية للتنمية من جهتها والتي سبق وأن رصدت مساعدات مالية إنسانية لابأس بها تعد بالملايين من السنتيمات للنهوض بأوضاع ساكنة المنطقة المنكوبة والتي اصطدمت أيضا بهذا العالم من القذارة والانحطاط ،تنأى بنفسها عن تكرار التجربة الفاشلة مادمت ماليتها تتعرض للضرر والنهب من طرف الغول المفترس ولا تصب في هدفها الحقيقي الذي هو تحسين أوضاع عامة الساكنة وخاصة أصحاب الحاجات الخاصة. فخسرت بذلك المنطقة الى غير رجعة طرفا فاعلا له قيمته المضافة الى جانب الدولة في عملية التنمية المحلية..ويؤسفنا أن نقول إن مئات الخطط والبرامج التنموية التي وضعت لتطوير المنطقة لم تثمر شيئا ،بل ظلت الأحوال في هذه المنطقة بسبب الغول الخفي المفترس تسير من سيء الى أسوأ.ومانزال حتى اليوم نسمع عن خطط تنموية أخرى طموحة للمنطقة وتخصيص صناديق مالية لجعلها عاصمة واحات العالم وهذا شيء جميل جدا ،ولكن مانزال نسمع أيضا عن تدني الاحوال الاقتصادية والاجتماعية في هذه المناطق بصورة مستمرة بسبب قوة الغول المفترس الذي يتحدث عنه الجميع لكن لايوجد من يمكن أن يفعل به شيئا وهذا شيء سيء جدا..غول سمين وجائع يخيف الناس ويخرسهم ويحرف القانون ويطارد كل من أشار إليه بالأصبع. ويؤسفنا أن نقول أن :لاتنمية ستعرفها المنطقة دون محاربة أولا وأخيرا هذا الغول الذي يتحدث عنه الجميع همسا دون أن يوجد من يمكن ان يفعل به شيئا..ففي كل مرة تشهد الساكنة قاطبة على جرائمه في حق المنطقة لكن لا أحد يستطيع اثبات ذلك لأنه يحرف القانون بإثقان وتسجل جرائمه المختلفة ضد مجهول ،هذا المجهول المعلوم لدى الساكنة المتضررة .وهو الامر الذي دفع أعداد هائلة من خيرة شباب وكفاءات المنطقة وحتى عائلات برمتها وهم في حالة يأس كبير الى مغادرة المنطقة نحوالمدن والى ماوراء البحار بحثا عن لقمة عيش وعالم آخر أرحب ينعمون فيه بالأمن والسلام الذين افتقدوهما في منطقتهم .ومنهم من ركب قوارب الموت المطاطية هربا ليشربوا ماء البحر حرقا وغرقا في البوغاز، لتظل ارواحهم معلقة الى يوم الذين على رقاب الذين كانوا سببا في ترك ديارهم وغرقهم.وقد يعتقد البعض أن هؤلاء المغادرين للمنطقة الى المدن اوالى الخارج يعودون بالنفع على المنطقة ،وهذا صحيح الى حدود معينة،لكن مع اندماجهم في الوسط الجديد ومع الازمة العالمية قد لايكون بمقدورهم إسداء العون لأي أحد في المستقبل القريب .لا أحد يرغب في الحديث عن كل هذا في المنطقة ،بل لا أحد يريد الاقرار بواقع الامر ،لأننا لن نحس بالآثار إلا بعد فوات الآوان .تماما مثل الذي يقطع اوردته ،في البدابة لايحس بالألم ثم يفقد الوعي وبعدها يموت.والمنطقة ستموت ببطء بفعل الجفاف البنيوي وبفعل الغول الخفي الذي يلتهم تنميتها وبفعل إقصاء كفاءاتها ورحيل قواها الحية .ستموت ببطء إذالم تستيقض المنطقة على عجل وتعمل بكل الوسائل الممكنة،لكل أولائك الرجال الشرفاء الذين يريدون المساهمة والتطوع بجد في بناء مستقبلها بدون مصلحة خاصة أو مزايدات سياسية فارغة،يجب عليها أن تتصدى لكل أصناف الريع والقطط السمينة التي اكلت لحمها وشحمها ،وتتصدى لكل ما يعيق الشباب ويمنعهم من الابداع ويحول دون استفادتهم من مؤهلاتهم ومؤهلات منطقتهم وتنميتها بما يعود عليهم وعلى الوطن بالنفع العميم.وذلك هو الطريق الوحيد والأوحد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .والله هو المستعان. آخر الكلام: من سنن الحياة، أن وقاحة الفساد السياسي والمالي والثقافي والأخلاقي مهما كان المستفيدون منها ، ومهما غنموا من غنائم تبهجهم في البداية،حين تصل تلك الوقاحة حدها الأقصى تنهار مرة واحدة على رؤوس أصحابها..ويأخدهم الله أخدا وبيلا وما بكت عليهم السماء.. والله وارث الارض ومن عليها..