بكت الام بكاء مرا وهي تسترجع مادار بينك وبينها ليلة البارحة قبل مغادرتك البيت بعد منتصف الليل دون هدف معين مما اقلقها وجعلها في حيرة من امرها...فانت لم ترجع حتى الان..وهي لا تدري اين دهبت؟خائفة ان يحدث لك مكروه وانت في حالتك الجنونية تلك.. لكنك تتسكع في الشوارع على غير هدى ..والسؤال الببغائي يتكرر في الذهن بطريقة الية:لم لم اجدها حتى الان؟لم؟لم؟؟ وفجاة تضحك في استهتار..الموجة الجنونية تطغى على الساحة لترديها قصورا من رمال... فعلى مائدة العشاء وانت تاكل في شرود واضح..تنبعث موسيقى حالمة من غرفتك الخالية لتنافس ما يبثه التلفاز من برامج تافهة في نظرك...والام تضيق بالصمت الخانق وهي تحاول جلبك الى الحديث واي حديث؟فالسؤال الببغائي لا جواب عنه حتى الان... والموجة الجنونية تطغى على المكان منذ زمن..غير انك لاتبالي بشيء..والام لاتياس بل تطرق جميع ابواب الامل لعل احدها يفتح في وجهها؟ولم لا؟ *سيفوتك قطار السعادة يا ولدي... هكدا طرقت الام باب النقاش معك املة ان تفتحه في هدوء...فكيف سترضيها؟كيف ستقنعها بان قطارك لن يغادر المحطة ابدا؟ابدا؟ابدا؟؟؟؟؟كيف؟ -انا سعيد يا اماه دون ركوب قطار سعادة اجل انا سعيد... لكن الام كانت تنتظر جوابا اخر.. *انت تدرك ما اعنيه يا ولدي..وقطار السعادة اخر قطار يركبه المرء قبل الرحيل..فكيف ستسعد دون ركوبه انت؟كيف دلك؟كيف؟؟؟؟؟ تنظر في عينيها بحزن والهواء الخارجي في تعاطف مستمر مع الزمن.. -لا تخافي يا اماه فالوقت لايزال مبكرا... تتغير نغمة الحديث والاشباح تتراقض متمايلة على نغمات موسيقية نائية... *اني افكر في مقصورتك يا ولدي..اود الانضمام الى افراد رحلتي الصامتة بعد اطمئناني على رفقتك يا ولدي..فلا تخيب رجائي..ودعني ارحل في سلام... تذرف دمعة خيالية فانت لاتطيق البعد عن امك ولا تتصور رحلتها بدونك... -رحلتك لا تزال خارج التنظيم يا اماه...فلا داعي للتفكير فيها الان..اتوسل اليك... يختنق صوتك فسؤالك الببغائي لا جواب عنه حتى الان..والام لم تقتنع بعد...الصمت لا معنى له..لا اسم له..بيد انك لا تجرؤ على الاعتراف..ما اشقاك واتعسك ادن..اما الشارع فليس مكانا للنقاش..والتسكع ليس في محله..اجل التسكع ليس في محله..انه ليس في محله.. لم تعد حتى الان؟اين انت؟اين انت اذن؟؟لم لاتفجر مكنونات قلبك؟امك بحر لاقرار له..قبر مظلم لا باب له..فلتسمعه ما في جوفك... يبرز السؤال الببغائي مرة اخرى..ليطغى على البلاط..القصر الرملي يهتد بفعل العاصفة..والموجة الجنونية تهدأ على نغمة شرقية شجية.. "اه اين انت يا ليلى؟"اين انت يا ليلاي؟" تشتد الامك وانت تتلفظ بالاسم الذهبي..فتئن انينا موجعا..وليلاك بعيدة عنك...لكنك لست قيسا ولا تعرف قيسا...لست شاعرا..ولا تمارس مهنة الصيد..لذا ستبقى تذكرتك دون امضاء حتى اشعار اخر..والقطار لن يغادر المحطة ابدا ابدا...الا ادا حدثت معجزة..فلتنتظر المعجزة اذن يا ولدي..انتظر المعجزة.. -لن اسافر يا اماه حتى اجد ليلاي.. تستغرب الام كلماتك اللامنتظرة بعد هذا الصمت الخانق.الا انها تحاول التمسك اخفاء لما يعتريها من حيرة واشفاقا على جنونك المعاصر هذا... *ومن تكون ليلاك هاته يا ولدي؟ من تكون ليلاك هاته حقا؟لعل امك تعرفها فتسهل عليك المامورية؟من تكون ليلاك؟ -انها ليلاي يا اماه وانا بدونها لن استطيع ركوب قطار السعادة..اجل لن استطيع يا اماه... كيف لامك الطيبة؟امك القروية البسيطة السادجة ان تفهم اقوالك الجنونية تلك؟اانت جاد فيما تقوله ام انك تمزح؟؟؟؟؟؟ تبقى الام حائرة امامك والاسئلة تتراكم عليها كالسهام...تغيب الشمس قبل موعدها..يفطر الصائمون والوقت يهرول بسرعة ودون عمامة...تنسلخ الكرة الارضية من جلدها لتبقى جسدا عاريا امام المتفرجين..تشتد الساعات لتتوقف العقارب عن الدوران..وقيس لا يفتأ منشدا اشعاره دون رهبة او خوف(رغم ان ابا ليلى يوجد في الناحية الاخرى من الخيمة)والحب يفرض سيطرته على القلوب الضائعة ..وعلى القوانين المزيفة ايضا؟؟؟؟؟؟ *اين ليلاك يا ولدي؟ولم لم تجدها حتى الان.؟ومن تكون؟من تكون ليلاك يا ولدي؟من تكون؟؟؟؟؟؟ يتردد الصدى والسؤال الببغائي يطغى على الزمان..يطغى على المكان..تعود الموجة الجنونية بقوة لتحطم قصورك الرملية وترديها صحراء بحرية..وانت لاتملك زمام امرك..فتندفع نحو احضان امك..صارخا كطفل يحبو..تزداد قوة الموج..ودموعك الخيالية تبلل ملابس امك المهملة..وهي تربت على كتفك في حنان بالغ..محاولة رباطة الجاش..لعل الموجة تهدأ..تشرد بلبك طويلا..يسقط المطر بغزارة..وتخضر القلوب الميتة..تقتلع الاشواك الشائبة..وليلاك..اه؟؟؟؟.. ليلاك سجينة في الذاكرة..تحتاج الى قطرة ماء صافية..الجمل يغني والعندليب ينوح..قيس ينظم الاشعار ليخفف من لوعته..ينام على اسرة الغزلان والوحوش..فليلى حبيبته..يختلق الاعذار ليراك يا ليلى..وانت؟لا ليلى لك؟فمن تكون ليلاك يا ولدي؟والبحث دون فائدة؟؟؟؟؟؟؟ السؤال الببغائي يفقد فعاليته..والام تنقذ الموقف..تلتف في ازارها لتاخد بيدك قاصدة جميع الابواب املة ان تكون ليلى..عفوا ليلاك خلف احدها"هل عندكم ليلى؟انت ليلى؟اين ليلى ولدي؟من منكن ليلى ولدي؟؟ليلي؟ليلى؟انت ليلى؟ تستعرض عليك ليلات الحي جميعا دون ان تعثر عليها.. وفي اخر المطاف تستعد للرحيل مع امك للقيام بالمامورية..فركوبك القطار رهين بوجود ليلى..لان ليلاك هاته هي شريكة مقصورتك يا ولدي..وامك لم تلتحق بافراد رحلتها الصامتة بعد..فلتسرع ادن يا ولدي.....