أزيد من 500 جريدة ومجلة بالمغرب، ما بين 7000 و8000 نقطة بيع، 987 مليون درهم إجمالي مداخيل الصحافة المكتوبة، استثمار في مطابع تدر أرباحا كبيرة؛ أرقام تؤكد أن اقتصاد الصحافة المكتوبة بالمغرب بات قائم الذات، ويحقق رقم معاملات كبير، إلا أن هذا الوجه المشرق يخفي صورة قاتمة عن واقع هذا الاقتصاد الذي لم تتجاوز مبيعاته 400 ألف نسخة، فضلا عن العديد من المقاولات الصحفية المهددة بإغلاق أبوابها بين ليلة وضحاها بسبب صعوبة الحصول على توازن مالي، والذي يبقى الإشهار هو المحدد لهذا التوازن، إلا أنه يعرف اختلالات بالجملة، تجعل من صناعة الصحافة المكتوبة تحت يد لوبيات يتحركون وفق أجندة سياسية واقتصادية، والمصلحة تأتي فوق كل اعتبار. إكراهات أعاد إغلاق أسبوعية ”لوجورنال” النقاش حول المقاولة الصحفية، وبغض النظر عن الصراعات السياسية، والحسابات التي كانت وراء إقفال هذه المجلة، فإن الديون التي بذمتها تثير أكثر من سؤال حول المتحكمين في ناصية اقتصاد المجلات والجرائد بالمغرب، والتحديات التي تواجه المقاولات الصحفية، على اعتبار أن هذا الاقتصاد قائم بذاته، يصل رقم معاملاته إلى ملايير الدراهم، ويشغل العديد من مناصب الشغل، وترتبط به العديد من المجالات الأخرى، من قبيل شركات التوزيع، والمطبعات، وصناعة الورق، والقطاع الإشهاري... إلا أن التوجه الأخير لأصحاب المال والأعمال إلى الاستثمار في القطاع يثير أكثر من سؤال عن الخلفية التي تؤطره. وفي ظل النقاش الذي عرفته الشلطة الرابعة، قليلا ما تثار الإكراهات الاقتصادية للقطاع، وصعوبات الاستثمار فيه، وتحكم قلة قليلة في عائدات الإشهار، ويقتصر الأمر على الشق القانوني والسياسي. هل المقاولة الصحفية في أزمة؟ مسؤول من فدرالية ناشري الصحف أكد أن التحملات الاجتماعية للجرائد كبيرة، ويوازيها نظام ضريبي غير مشجع، فضلا عن غياب جمعية اجتماعية للصحافة. واعتبر أن قطاع الإشهار غير مقنن، فضلا عن إشكالات التي تعيق عملية التوزيع. من جهته قال المدير المالي والإداري لإحدى الصحف الوطنية إن أكبر تحد يواجه الصحافة المكتوبة هو الورق والطباعة، بسبب الكلفة العالية للورق، مبينا أن كلفة الطباعة بألمانيا أقل مرتين بالمغرب، على الرغم من أن كلفة المعيشة بألمانيا أكثر ب10 مرات من المغرب. وتصل النسخة الوحيدة بالمغرب ما بين درهم واحد ودرهمين حسب كمية الورق والألوان، بالإضافة إلى المطابع القليلة بالرباط؛ التي تتوفر على مطبعة واحدة لها مقومات الجودة، والدارالبيضاء التي تتوفر على مطابع قليلة تعرف ازدحاما. واعتبر المدير المالي والإداري أن شركات التوزيع بالمغرب تعرف مشاكل كبيرة على مستوى اللوجيستيك، وبأن هناك ما بين 7000 و8000 نقطة بيع بالمغرب، بدون احتساب بعض النقاط التي تتفرع عن الرئيسية، أو المتجولين، كما أن نصف المبيعات يتم في محور الجديدةالقنيطرة. وعزا المصدر ذاته ارتفاع نسبة المبيعات في هذا المحور إلى وجود كل من الدارالبيضاء والرباط، فضلا عن كثافة المؤسسات بهذا المحور واعتبارات أخرى. وأكد المدير المالي والإداري أن الإكراهات الرئيسية للمقاولة الصحفية تمثل في الثقل الضريبي الذي يشبه باقي الشركات، والأعباء الاجتماعية، والموارد البشرية، إلا أنه أكد أن المقاولة الصحفية التي لها نسبة محدودة من المبيعات، فإن الإشهار هو المحدد للتوازنها المالي، وهو ما يفرز نمطين من المقاولات، الأولى تحاول المحافظة على البقاء فقط، وأخرى تعرف أرباحا. من الناحية القانونية، المقاولة الصحفية تؤدي الضرائب كباقي الشركات، بدون إعفاءات، حسب المصدر ذاته، الذي أكد أنه من أجل الاستفادة من دعم الدولة، يجب تحقيق مجموعة من الشروط، من قبيل مراقبة مكتب التحقق من الانتشار، والحصول على الشهادة الجبائية التي تبين دفع جميع الالتزامات الضربية، فضلا على الحصول على شهادة الضمان الاجتماعي. واتجهت بعض الجرائد إلى الاستثمار في المطابع من أجل الحفاظ على توازنها المالي، خصوصا أن القطاع يعرف تقلبا بين مرحلة وأخرى. اقتصاد الصحافة المكتوبة أفاد أحد أعضاء فدرالية ناشري الصحف أن المغرب يتوفر على أزيد من 500 جريدة ومجلة، 60 منها تحصل على دعم الدولة. وأبان التقرير السنوي لوزارة الاتصال لسنة 2006 أن عدد العناوين الصحفية وصلت إلى 398 عنوانا، منها 282 عنوانا عربيا، و107 عناوين فرنسية، وتسعة عناوين أمازيغية. كما أن الصحف ذات الطابع الإخباري العام والصحف الجهوية لا زالت تشكل إلى جانب الجرائد الحزبية نسبة هامة من مجموع العناوين الصادرة، مع ظهور العديد من الصحف والمجلات المتخصصة في مواضيع وقضايا ومجالات مختلفة كالاقتصاد والثقافة والرياضة والفن وقضايا المهاجرين وحقوق الإنسان. وبلغ مجموع الصحفيين الحاصلين على بطاقة الصحافي المهني 2548 صحفي إلى غاية سنة ,2006 منهم حوالي 778 عاملا في الصحافة المكتوبة. ويوجد العديد من الصحفيين الذين يعملون بدون بطائق صحفية لسبب أو لآخر. وعلى الرغم من كثرة العناوين الصحفية، فإن مؤسسة التحقق والنشر ”أو جي دي” تتوفر على إحصاءات السحب والمبيعات ل61 جريدة ومجلة بلغتين فقط، إذ لا تتعدى نسبة المبيعات 400 ألف نسخة. بالنسبة لشركات التوزيع، يصل عددها إلى 3 شركات، سوشبريس، وسابريس، والوسيط. الإشهار موارد الإشهار هو بيت القصيد في المقاولة الإعلامية، خصوصا في ظل الاختلالات التي يعرفها القطاع، وأكد المدير المالي أن هناك تفضيلا للصحافة الفرنكفونية على العربية، وأن استفادة جرائد ومجلات من الإشهار يتم في أروقة المدن، خصوصا بالدارالبيضاء والرباط، وهو ما يؤثر على القطاع برمته. وتستفيد 13 جريدة ومجلة فرونكفونية من نصف الإشهارات الموجهة إلى الصحافة المكتوبة خلال سنة,2008 إذ وصلت حصتها إلى 503 ملايين درهم من إجمالي بلغ 987 مليون درهم، مما يعني أن حصتها وصلت إلى 51 في المائة، فيما تأخذ 89 جريدة ومجلة 49 في المائة. واستحوذت ليكونوميست على حصة الأسد، متبوعة بكل من لوماتان، والمساء، وتيلكيل والصباح ولافي إيكونوميك، ثم أجوردوي لوماروك ولوجورنال وشالانج إيبدو ولوسوار إكو، وفام دي ماروك ولا سيتادين، وماروك إيبدو وأوفيط، حسب بيانات حصلت عليها ”التجديد”. وكشف مصدر من ”تجمع المعلنين المغاربة” أن هناك اختلالات تطبع القطاع، من قبيل العلاقات، أو لجوء بعض المؤسسات المستشهرة إلى تمرير خطابها ومواقفها تزامنا مع تقديم الإشهار. وفسر استحواذ المجلات والصحف الفرنكفونية على المداخيل الإشهارية، بتوجه المستشهرين الذين يستهدفون فئة معينة من القراء، وأن اختيار الوسائل الإعلامية، يقول المصدر، ينطوي على مجموعة من الاعتبارات، من قبيل نسبة القراء أو نسبة المشاهدة. مراكش بريس 2010/خالد مجدوب – التجديد