شارك الزميل محمد العمراني أمين يكتب عن الراحل الفنان المهدي الأزدي .
المهدي الأزدي… ذاك المبدع الذي برع وأطرب …. محمد العمراني أمين برحيل الفنان المسرحي المهدي الأزدي إنطوت صفحة مشرقة ، هي الأخيرة من سجل ضم جيلا من فناني الشعب الموهوبين . فنانون أنجبتهم قريحة الشعب وأرصدته الموروثة من فنون وألوان الفرجة التي أبدعها الناسفي ساحات المدن العتيقة، ومراكش واحدة من إعرقها. فنانون ألهمتهم الحكايات والسير والبطولات التاريخية، وعاشوا الكوميديا وألوان التنكيت والتبكيت ، وتفرجوا على الرقصات في البوادي والأعراس وأشكال المآسي والمفارقات الإجتماعية والمهازل والمقالب وحيل العرافين والشطار، وغدت أخيلتهم سخرية وهزل الصناع وترميزاتهم ولمزهم وغزلهم وعفتهم وزهد الأولياء وعامة الذين كانت ألسنتهم تندلق بالحكم ويصنعون الفرجة داخل الدكاكن وحوانيت الصنائع ، مدمجة مع لحظات الإلهام والإبداع اليدوي المحكم على الخشب والنحاس والحرير والجلد والزليج والجبس …. ولنلاحظ أن المهدي الأزديفي الأساس كان معلم بناء، ومعلم نجار ، وبلصدفة وجد نفسه يتتلمذ في المسرح على أستاذ عظيم ، ورائد في هذا الفن، هو "روجييه كيني "، هذا المثقف الفنان الفرنسي الذي كان رائدا لجيل من المبدعين في مدينة مراكش . ولعل أشهرهم هو الفنان عبد لعزيز الزيادي، الذي هو صنو الفنان الطيب الصديقي، وغيره من أفراد الجيل العبقري من فناني المسرح المغاربة. لقد درس المهدي الأزدي على يدي "روجييه كيني "، إسوة بالفنان المختار الملالي ، وكانت مدينة مركش وقتها يتوفر لها معهد للموسيقى، والمسرح، ذهب مع ذهاب "كيني"وإندثر أثره الفني إلى يومنا هذا. هذا، وإن المهدي الأزدي منذ أواسط عقد الخمسينات من القرن الماضي، وجد نفسه يتوفر على طاقة هائلة، هي جماع ما رسب في عقله ووجدانه وخيالاته من إبداع المدينة الحمراء بنسائها من بدوهم وحضرهم، ورجالها من صناعهم وعلمائهم، فقرائهم وأقويائهم، ومعوزيهم ، فكان الأزدي تمثلا لكل هذا على خشبات المسارح . فقد نبع الأزدي ونبغ في هذه الأوساط، لذلك لم يكتفي بكتابة المسرحيات ، بل وأخرجها، وصنع ديكوراتها وركبها وحل تركيبها ، ووجد نفسه ممثلا لأدوار جد متنوعة، وبإسمه ورعايته لمع فنانون من الشعب، لعل أبرزهم الفنان عبد الجبار بلوزير ، والمراحيم محمد بلقاس وعبد الهادي ليتيم، ورفيق هذا الدرب الإبداعي عبد السلام الشرايبي . بوفاة الفنان المهدي الأزدي سقط سجل آخر من سجلات الإبداع الشعبي التلقائي والجميل والبسيط والسهل الممتنع الذي يختزل مرحلة من تطور فنون العرض التي من حسن الحظ ، أن أجيالا من المبدعين المسرحيين الملهمين مزالوا أوفياء لإرث هذا العلم لشامخ الذي ليس سوى الفنان المرحوم المهدي الأزدي شارك