محمد القنور . عدسة : محمد سماع . عاشوراء لدى المغاربة طقوس وألوان ، عادات وتقاليد .. محمد القنور . عدسة : محمد سماع . إذا كان المغرب قد إبتعد هوية وثقافة وتاريخا عن المزار ومراقد الأئمة الشيعة والعتبات الحسينية المقدسة المشهورة في العراق وإيران ومصر، فإن المغاربة يحتفلون ب “عاشوراء” بلغتهم الخاصة وبنسمات حضاراتهم المتميزة. حيث تنعدم طقوس إقامة النوح واللطم على الخدود والصدور، وشق الرؤوس بالفؤوس على نحو ما تظهره الصور القادمة إلينا من العراق وإيران ولبنان. وإذا ما استثنينا تقاليد رش المارة في الشوارع بالماء في يوم عاشوراء، ولجوء بعض النساء إلى ممارسة طقوس السحر والشعوذة، وميل بعض الفرق الصوفية القليلة إلى التماهي بطقوس عاشوراء المشرقية وخاصة لدى فرقتي حمادشة وعيساوة المشهورتين في منطقة مكناسومراكش خاصة فإن الاحتفال بيوم عاشوراء لدى معظم المغاربة يبقى حدثا دينيا عاديا. ولا يكاد يتميز إلا ببعض طقوس الأكل “الديالة” و”الفاكية” وطقوس لعب الأطفال. فليوم عاشوراء لدى المغاربة، كما كل مناسبة دينية، طقوس أكل خاصة، ف “الذيالة”كعشاء ليلة عاشوراء الذي يتكون في الغالب من “الكسكس” الذي يفور على سبعة أنواع من الخضر فيما يسمى ب “سبع خضاري” و“الذيالة"، وهي مؤخرة الخروف وذنبه، ويحتفظ بها من أضحية العيد مملحة لهذا الغرض، وقد يكون معها شيء من “القديد" مع أمعاء وأحشاء الخروف المجففة التي يصنع منها ما يعرف ب“الكرداس". ويهيء كسكس عاشوراء الذي يعد ببقايا لحم عيد الأضحى المقدد، وتقديم أطباق الفواكه اليابسة المنوعة الممتزجة بحبات حلوى “القريشلات” مع الشاي المنسم بالنعناع وببعض الأعشاب البرية الطرية ك “السالمية” والشيبة و”إكليل الجبل” أو مايعرف لدى المراكشيين بعشبة” أزير”. عاشوراء لدى المغاربة طقوس وألوان ، عادات وتقاليد .. محمد القنور . عدسة : محمد سماع . وكان يعتبر إحتفال الأطفال بلعبهم النارية والبلاستيكية وغناءهم أجمل ما في عاشوراء بمعظم جهات المملكة ،مناسبة لممارسة طقوس الأطفال في احتفالهم باللعب. ويمثل تاريخ احتفال الأطفال بهذه بلعب عاشوراء تاريخا لتطور هذه الألعاب في حد ذاتها، حسب ما تتيحة الإمكانيات الذاتية في كل قرية أو مدينة بالمغرب . فقد كانت أجيال الأطفال الماضية تصنع لعبها بيدها، وكانت مواسم عاشوراء فرصة للتجريب والاختراع في فن صناعة اللعب؛ فالفتيات يتبارين في صنع الدمى من القصب وبقايا الأقمشة والخيوط، أما الفتيان فكانوا يتبارون في صنع العجلات والعربات من نفايات الأسلاك ومخلفات البلاستيك والقصدير. ولعل ما يميز عاشوراء في جهة مراكش تانسيفت الحوز وفي المغرب أنها تحولت إلى احتفال طفولي سنوي بامتياز، بعيدا عن الصراعات المذهبية والطائفية التي تتأجج في كثير من جهات العالم الإسلامي في هذا اليوم، وخاصة بين الطوائف السنية والشيعية المغالية. ففي هذا اليوم تعبر الطفولة المغربية عن حسها الإبداعي والتشاركي في شكل أداء جماعي في الساحات الفسيحة وعند نواصي الشوارع. رغم ما قد يشوب تلك الألعاب أحيانا من عنف، وخاصة عند ليلة عاشوراء التي تسمى لدى الأطفال ب “الشعالة” التي توقد فيها النيران المتوهجة العظيمة. أما اليوم، فقد بدأ نمط الحياة العصرية يلقي بثقله على تلك طقوس عاشوراء القديمة،نتيجة شيوع الألعاب الإليكترونية، ك “البلاي ستايشن” وبدأ يضمحل ذلك الحس الإبداعي عند الأطفال الجدد في إعداد لعبهم،تحت تداعيات ومواصفات “الدفق السيبيرنتيكي”، بعدما صارت تأتي إليهم جاهزة من التايوان والهونغ كونغ والصين تبهر الأنظار بألوانها وأحجامها وتقنياتها العالية ...