الجمعية الإفريقية للماء ، تحدد خطط المياه المستقبلية بمراكش / محمد القنور / عدسة م السعيد المغاري القصري. تتواصل فعاليات أشغال المؤتمر 16 للجمعية الإفريقية للماء بمراكش الذي ينعقد تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مشكلا من خلال منتدياته ومعارضه فرصة أساسية للتفكير في الآليات الجديدة لتطوير قطاع الماء والتطهير في إفريقيا،وحصر تدبيره . هذا، ويشارك في فعاليات المؤتمر المعني، حوالي 1500 أكاديمي ومختص وخبير في مجالات الماء والإيكولوجيا، يمثلون أزيد من 60 بلدا من إفريقيا وغيرها٬ من ضمنهم وزراء ومسؤولين وفاعلين من القطاعين العام والخاص وممثلين لمنظمات دولية وجهات مانحة وأكاديميين وباحثين. كما إنكب المشاركون في هذا الملتقى الدولي الهام٬ المنظم بتعاون مع الجمعية المغربية للماء الصالح للشرب والتطهير والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب٬ على دراسة محاورتهم٬ بالخصوص٬ “تمويل خدمات المياه والتطهير” و”تدبير الأداء” و”القوانين والترتيبات المؤسساتية من أجل تقوية القدرات” و”خطط تدبير الموارد المائية “و”إدارة نوعية المياه”. من جهة أخرى، شكلت أوراش وجلسات ومعارض المؤتمر المذكور، منتديات علمية وتقنية، وتواصلية بالنسبة للفاعلين وأصحاب القرار في قطاع الماء من جهة، وعلى مستوى المختصين والفعاليات الجمعوية، والتقنيين من جهة أخرى، وكذلك بالنسبة للباحثين والممولين والمؤسسات الدولية للتعاون لمناقشة واقع قطاع الماء بالقارة الإفريقية. هذا، ويشكل هذا المؤتمر٬ الذي يترأس فعالياته علي الفاسي الفهري، رئيس الجمعية المغربية للماء الصالح للشرب والتطهير، والمدير العام للمكتب الوطني للماء،الذي أعلن خلال جلسته الإفتتاحية عن دور الجمعية المغربية للماء الصالح للشرب والتطهير التي تضم ضمن أعضائها منتجين وموزعين عموميين وخواص وأرباب مصانع وشركات متخصصة في هندسة المياه وفنون الري ، متمنا أهمية اللقاء، وآفاقه في الوصول إلى حلول ناجعة ومهمة ، تتعلق برفع التحديات التي تواجه القارة الإفريقية في مجالات المياه والتطهير. هذا، وقد جاء المؤتمر 16 للجمعية الإفريقية للماء بمراكش على إثرالمناظرة الأخيرة التي نظمت في العاصمة الأوغندية كامبالا في شهر مارس من سنة 2010 ، فرصة سانحة لتدارس ”الآليات والمبادرات الجديدة للتعاون من أجل تنمية قطاع الماء والتطهير في إفريقيا”٬ ومناسبة لتبادل التجارب والخبرات حول وسائل وأدوات تطوير أفضل للممارسات والتقنيات في مجال تثمين الماء٬ وحصر نقاط الإلتقاء والتفاعل مع متطلبات التطهير ووضع الآليات الناجعة من أجل حماية البيئة والحياة الإيكولوجية في القارة الإفريقية، ، وتجدر الإشارة، أن الجمعية الإفريقية للماء٬ التي يعتبر المغرب من بين أعضائها النشطين٬ هي مؤسسة مهنية تجمع المنظمات والمقاولات والفاعلين المتدخلين في قطاع الماء والتطهير والبيئة على صعيد القارة الإفريقية ، كما ساهمت هذه الجمعية٬ بشكل فعال٬وناجع في التأثير على السياسات العمومية الإفريقية في مجال الماء والتطهير٬ وتعزيز قدرات المقاولات المتدخلة في قطاع الماء عبر سلسلة من الاقتراحات العملية والمبادرات الفعالة في هذا مجالات التعامل مع الموارد المائية، ومقومات ترشيدها والمحافظة عليها. ومعلوم ، أن جهة مراكش تانسيفت الحوز، التي تحتضن عاصمتها أشغال المؤتمر 16 للجمعية الإفريقية للماء بمراكش يمثل الماء داخلها عنصرا استراتيجيا، ويرسم معالم في مسارها التنموي لكونه قاطرة التنمية ومحركها الأساسي، لكون هذه الجهة ذات سمة فلاحيه بالدرجة الأولى كما أن النشاط السياحي والعمراني الذي يشكل نسبة 80% من النمو الاقتصادي يخلق حاجيات إضافية من الماء، مما يتطلب مقاربة إستراتيجية تستهدف تلبية الطلب المتزايد عن هذه المادة الحيوية، بفعل تنامي الحركة الاقتصادية والعمرانية، إذ أن حجم الموارد المائية المعبئة بالجهة يناهز سنويا مليار وأربع مائة مليون متر مكعب 10% فقط منها موجهة للماء الشروب والصناعي أي أن من الناحية النظرية ليس هناك على المدى البعيد خصاص في الماء الصالح للشرب بحيث أن 10% فقط من الطاقة المائية مجندة للماء الصالح للشرب 90% موجهة للقطاع الفلاحي، ولمواجهة إشكالية الملاءمة بين العرض والطلب. حيث بات من الضروري توفير الماء الصالح للشرب على المدى المتوسط والبعيد استجابة للحركة السياحية والعمرانية ، إذ يتم ذلك حاليا بواسطة المياه المعبئة من سد الحسن الأول بمعدل تقريبا 40 مليون متر مكعب فضلا عن الفرشة المائية، وستتم قريبا الاستفادة من موارد مائية إضافية سيعبئها سد ويرڭان والمقدرة ب 17 مليون متر مكعب، وإلى جانب ذلك انطلقت الأشغال في تحسين مردودية شبكة توزيع الماء في مدينة مراكش، وفي هذا الإطار رصدت وكالة توزيع الماء والكهرباء بمراكش لهذا الغرض مخططا سيمكن من الانتقال من نسبة المردودية قدرها 60%: 10% كإضافة في نسبة المردودية تساوي تقريبا 50 مليون متر مكعب لكل سنة، في أفق الاستجابة لمتطلبات النشاط الفلاحي في الجهة، إنصب الهدف الاستراتيجي من لدن المسؤولين بالقطاع على ترشيد استعمال الماء في الفلاحة وتحقيق هذا الهدف من خلال ثلاث عمليات، تتأسس على تغيير نمط السقي باعتماد تقنيات السقي الموضوعي، والشروع في تجهيز الأراضي، وتأطير الفلاحين على استعمال التقنيات الحديثة للسقي، علما أن مساحة الأراضي المسقية الآن تبلغ 144 ألف هكتار تستفيد منها فقط 13 ألف هكتار من السقي الموضوعي وترمي في المستقبل إلى سقي 30 ألف هكتار. وإذا كانت الدولة تقوم بمجهود كبير في هذا الإطار فإن الجمعية المغربية للماء الصالح للشرب والتطهير من خلال هذا المؤتمر يبدو أنها تنتظر المزيد من الجهود حتى يتم تجهيز جميع الأراضي الفلاحية المسقية. في نفس السياق، بادرت مدينة مراكش إلى استعمال تقنية السقي الحديثة في ري عدد من المساحات الخضراء كما يتطلب التدبير العقلاني للمياه ، واختيار المزروعات المقتصدة في استهلاك الماء والمانحة لقيمة إضافية عالية واستجابة لهذا الاختيار شرع عدد من المستثمرين في زراعة بعض الأنواع الجديدة من الزيتون والمغروسات الفلاحية الأخرى ذات الخصوصيات الإيكولوجية. وتجدر الإشارة، أن مدينة مراكش مؤخرا، إحتفلت بتدشين جلالة الملك الملك محمد السادس نصره الله لمحطة مشروع معالجة وإعادة استعمال المياه العادمة بمراكش، لتمكين مراكش من توفير مصدر متجدد وبديل من الماء يقدر ب 33 مليون متر مكعب سنويا، وهو ما يمثل نحو نصف حجم الاستهلاك بالمدينة. حيث تخضع المياه العادمة، التي يتم توجيهها نحو محطة المعالجة بواسطة شبكة التطهير، لعملية معالجة تمر بأربع مراحل. المرحلة الأولى ، الخاصة بالمعالجة الأولية، ترتكز على توجيه المياه العادمة نحو محطة المعالجة من خلال شبكات التطهير، حيث تمر عبر حاجز بمثابة مصفاة تلتقط المواد الكبيرة الحجم والطافية، قبل أن تنساب المياه في المرحلة الثانية عبر حوض مزدوج يسمح بالتقاط المواد الرسوبية الثقيلة كالرمال والطمي، والتي تترسب إلى قعر الحوض في حين تلتقط المواد الطافية من السطح، كما تجهز الأحواض في هذه المرحلة بجسر ميكانيكي متداخل الحركة وبمضخات تهوية، حيث تبعث المضخات، فقاعات هواء تعمل على صعود الدهون والأجسام الخفيفة كيماويا التي تطفو على السطح الجمعية الإفريقية للماء ، تحدد خطط المياه المستقبلية بمراكش / محمد القنور / عدسة م السعيد المغاري القصري. ثم المرحلة الثانية، والتي تتعلق بالتصفيق الأولي، تهم ترك الماء في حالة سكون لمدة ساعتين ونصف داخل ثلاثة أحواض للتصفيق سعتها الإجمالية 12 ألف متر مكعب حيث تسقط المواد العالقة في قعر الحوض مشكلة الحمأ الذي يتم ترحيله داخل وحدة للمعالجة والتنقية. ليتم الشروع في مرحلة “المعالجة الثانوية” بعد ذلك، والتي تتضمن معالجة بيولوجية للمياه على مستوى أربعة أحواض للتهوية مفتوحة تبلغ سعتها الإجمالية 75 ألف متر مكعب، ويتم بداخلها ضخ الهواء بواسطة موزعات مزودة بضاغط للهواء. وتقوم هذه المعالجة على أساس تنشيط البكتيريا التي تتغدى على المواد العضوية المتبقية بالماء. ويتجلى دور هذه البكتيريا في التحويل الطبيعي للتلوث العضوي وإزالة الكربون والآزوت والفوسفور بالمياه المترسبة. كما أن هذه المياه تترك بالمرحلة اللاحقة في حالة سكون حوالي تسع ساعات ونصف وبأربعة أحواض للتصفيق الثانوي بسعة إجمالية تقدر ب 40 ألف متر مكعب. ويتم عزل الماء والحمأ العضوي عبر مراحل طبيعية للترسيب، قبل أن يتم تصريف الماء المصفى عبر قنوات خاصة، قصد الوصول إلى المعالجة الثلاثية، والتي تمثل المرحلة الرابعة، فتتم عبر ثلاث مراحل تشمل التخثر والتلبد ثم الترشيح السريع داخل بطارية تتوفر على عشرين جهازا للترشيح الرملي، تعقبها عملية تعقيم بواسطة الأشعة فوق البنفسجية مع إضافة الكلور عند الحاجة. وتتوفر محطة المعالجة بمراكش على مختبر للتحليلات يمكن من تدقيق مختلف المؤشرات المتعلقة بجودة الماء قبل وأثناء المعالجة. وهي المحطة أيضا، التي ستمكن من معالجة وإعادة استعمال المياه العادمة بمراكش ستمكن هذه النجاعة الطاقية من تقليص انبعاث الغازات المسببة للإحتباس الحراري وتفادي قذف 60000 طن من ثاني أوكسيد الكربون سنويا. حيث يتم تخزين المياه المعالجة في حوض سعته 9000 متر مكعب قبل أن يتم تصريفها عبر شبكة من القنوات تمتد على طول 80 كيلومترا مدعومة بواسطة خمس محطات للضخ . وتجدر الإشارة ، أن مشروع المحطة يأتي كثمرة شراكة بين الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بمراكش المساهمة ب 596 مليون درهم والميزانية العامة للدولة ب 150 مليون درهم والمنعشين والفاعلين السياحيين الخواص ب 486 مليون درهم. كما أن محطة مراكش ستمكن من تعميق الأمن المائي وتوفير مصدر متجدد وبديل من الماء يقدر بحوالي 33 مليون متر مكعب سنويا. بمشروع بلغت كلفته الإجمالية 1,23 مليار درهم ، من المنتظر أن تثمر عنه آثارا إيجابية على الساكنة بالمدينة الحمراء حيث ستستفيد منه ساكنة تفوق 1,3 مليون نسمة على مستوى قطاع الصحية والأنشطة الاقتصادية والبيئية. ويشمل هذا المشروع، الذي يعد الأول من نوعه على الصعيدين الوطني والإفريقي، إنجاز محطة لتصفية ومعالجة المياه العادمة تمتد على مساحة تقدر ب` 17 هكتار وتبلغ طاقة معالجتها ما ينتجه 1,3 مليون نسمة من المياه العادمة، ووضع شبكة لإعادة استعمال المياه المعالجة تتكون من خمس محطات للضخ و80 كلم من القنوات. محمد القنور عدسة : م السعيد المغاري القصري