أصدرت الفدرالية الدولية لرابطات حقوق الإنسان تقريرا توصلت “مراكش بريس ” بنسخة منه تراقب من خلاله عن قرب تطورات الوضع في تونس بعد رحيل الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وتحصر فيه مؤشرات التطورات بالشارع التونسي في سياق التحضير لتحول سياسي وديمقراطي حقيقي. وهي ما وصفته بالتطورات الهامة التي من شأنها أن تصبح رمزا للانفتاح الذي تتطلع إليه العديد من المجتمعات العربية المجاورة والبعيدة. هذا، وقد ثمن التقرير الإجراءات الأولى التي أعلنت عنها السلطة الجديدة المسؤولة عن المرحلة الانتقالية بتونس، ووصفها بالخطوات هامة التي تستجيب للعديد من المطالب التي كانت ترفعها منذ سنوات عدة منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان وآليات الأممالمتحدة لحماية حقوق الإنسان. رغم أن هذه الإعلانات تأتي في ظرف أمني بتونس ما زال يعرف هشاشة ملحوظة، لا سيما عملية نزع سلاح الحرس الرئاسي للرئيس السابق، وبعض عناصر الأمن الأخرى التي يتخوف أن تثير الفوضى. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تشكيل حكومة وحدة وطنية تقود البلاد في انتظار تنظيم انتخابات جديدة أمر معقد. إلى ذلك أوضح التقرير أن الفدرالية الدولية لرابطات حقوق الإنسان ترحب بما وصفته بالإعلانات حول الإفراج عن معتقلي الرأي والإعلان من خلال عفو شامل، من المرتقب أن يصدر قريبا، وسحب لوائح الاتهام ضد الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والإعلان عن أن المنظمات التي كان غير معترف بها إلى حد الآن، لا سيما المجلس الوطني للحريات بتونس وهو المنظمة العضو في الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، في أفق أن تتمكن هذه الأخيرة من التسجيل ومزاولة نشاطاتها بكل حرية من أجل المساهمة في حماية حقوق الإنسان. كما ثمن التقرير المذكور عملية الإعلان عن رفع القيود المفروضة على الإعلام، والإعلان عن احترام حرية التعبير والوصول إلى المعلومات، لا سيما عبر الإنترنت، وتشكيل ثلاث لجان على رأس كل واحدة منها شخصية مستقلة تتمتع بسمعة جيدة، وتعنى بالإصلاحات السياسية وإصلاح المؤسسات وتحديد المسؤوليات فيما يخص الجرائم المرتكبة، منذ 17 ديسمبر الأخير ودراسة مظاهر الفساد التي تعم البلد. مشيرا أن جميع المهام التي ستتكفل بها تلك اللجان ، وهو ما لا يزال يمثل تحديات بالغة الأهمية وصعبة. وشدد التقرير الصادر عن ذات الفدرالية أن على اللجان الثلاث ، أن تسلط الضوء على المسؤوليات الفردية والجماعية للسلطات التونسية فيما يخص الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وإعطاء أمل لضحايا تلك الانتهاكات في الحصول على تعويض. وترى الفدرالية أنه جدير أن تنشئ تلك اللجان لجنة “حقيقة وعدالة” تتألف من ممثلين عن المجتمع المدني ومؤسسات مستقلة لتلقي الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت تحت نظام الرئيس زين العابدين بن علي، موصية بضرورة إحداث تغييرات سياسية ملموسة ترافق مهمة عمل اللجان الثلاثة المتضمنة حسب التقرير المعني للكثير من الطموحات،والإقتراحات الإصلاحية ، والمستوجبة لمستلزمات التحول من الديكتاتورية نحو المجتمع الحر والديمقراطي. وهي المسألة التي وصفها التقرير بالمهمة الشاقة، خاصة وأن السلوكات التسلطية أثرت على المجتمع التونسي، فيما يتعلق بالعنف والعنف المضاد، وبقيت علاماتها بارزة لدى فئات مجتمعية لا تزال تشكو من جراحات عميقة. من جهة أخرى دعت الفدرالية الدولية لرابطات حقوق الإنسان في هذا الإطار السلطات التونسية إلى الاستعانة بدعم دولي، لا سيما من قبل مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي من أجل مرافقة مهام اللجان الثلاث وضمان استقلاليتها وإلقاء الضوء على بعض التوصيات المفيدة والوجيهة لتونس. وبهذا الصدد، التقت الفدرالية مع مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان لإبلاغها توصياتها. وخلص التقرير أن الفدرالية إلى مناشدة المجتمع الدولي بأكمله إلى مساندة هذا التطور التونسي نحو الديمقراطية والتعددية، لا سيما في مواجهة بعض الضغوط الفعلية أو المحتملة الصادرة من دول مجاورة لتونس.